للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّفَةِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّفْظَ) أَيْ التَّلَفُّظَ بِالظِّهَارِ فَيَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْهَا لِوُجُودِ الصِّفَةِ (كَالتَّعْلِيقِ) لِلظِّهَارِ مَثَلًا (بِبَيْعِ الْخَمْرِ) فِي أَنَّهُ إذَا أَتَى بِلَفْظِ بَيْعِهَا لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا تَنْزِيلًا لِأَلْفَاظِ الْعُقُودِ عَلَى الصَّحِيحَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّلَفُّظَ بِبَيْعِهَا فَيَكُونُ مُظَاهِرًا (وَكَذَا قَوْلُهُ إنْ تَظَاهَرْت مِنْ فُلَانَةَ أَجْنَبِيَّةً أَوْ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ) فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَا يَكُونُ بِهِ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ سَوَاءٌ أَخَاطَبَهَا بِلَفْظِ الظِّهَارِ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا أَمْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ الْمُظَاهَرَةِ مِنْهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ وَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّلَفُّظَ بِظِهَارِهَا فَيَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِاسْتِثْنَاءِ إرَادَةِ التَّلَفُّظِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ.

(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ الظِّهَارَ بِدُخُولِهَا الدَّارَ فَدَخَلَتْ وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ نَاسٍ فَمُظَاهِرٌ) مِنْهَا كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِدُخُولِهَا وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ النِّسْيَانُ وَالْجُنُونُ فِي فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَى فِعْلِهِ (وَلَا عَوْدَ) مِنْهُ (حَتَّى يُفِيقَ) مِنْ جُنُونِهِ (أَوْ يَتَذَكَّرَ) أَيْ يَتَذَكَّرَ بَعْدَ نِسْيَانِهِ (ثُمَّ يُمْسِكَ) الْمُظَاهِرُ مِنْهَا زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَلَمْ يُطَلِّقْ وَوَقَعَ فِي الْأَصْلِ هُنَا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَسَبَبُهُ سُقُوطُ لَفْظَةِ لَا مِنْهُ.

[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي]

(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي، فَإِنْ أَفْرَدَ قَصْدَ كُلٍّ) مِنْهُمَا (بِلَفْظِهِ) بِأَنْ قَصَدَ بِأَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ وِبِكَظَهْرِ أُمِّي الظِّهَارَ (وَالطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَقَعَا) أَيْ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ لِصِحَّةِ ظِهَارِ الرَّجْعِيَّةِ مَعَ صَلَاحِيَّةِ قَوْلِهِ كَظَهْرِ أُمِّي لَأَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِيهِ فَإِنَّهُ إذَا قَصَدَهُ قُدِّرَتْ كَلِمَةُ الْخِطَابِ مَعَهُ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي (وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ لَمْ يَقْصِدْ) شَيْئًا (أَوْ قَصَدَ بِاللَّفْظَيْنِ) أَيْ بِمَجْمُوعِهِمَا (أَحَدَهُمَا) أَيْ الطَّلَاقَ أَوْ الظِّهَارَ (أَوْ كِلَاهُمَا) بِلُغَةِ إجْرَائِهِ مَجْرَى الْمَقْصُورِ (أَوْ) قَصَدَ (بِلَفْظِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (الْآخَرَ) بِأَنْ قَصَدَ الظِّهَارَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَالطَّلَاقُ بِكَظَهْرِ أُمِّي (وَقَعَ الطَّلَاقُ) لِإِتْيَانِهِ بِصَرِيحِ لَفْظِهِ (وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ الظِّهَارِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ ظِهَارٌ فِي أَجْنَبِيَّةٍ وَأَمَّا فِي تَالِيَتِهَا فَلِعَدَمِ اسْتِقْلَالِ لَفْظِهِ مَعَ عَدَمِ قَصْدِهِ وَأَمَّا فِي الْبَقِيَّةِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ وَلَفْظُ الطَّلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الظِّهَارِ وَعَكْسُهُ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إذَا خَرَجَ كَظَهْرِ أُمِّي عَنْ الصَّرَاحَةِ وَقَدْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَتْ الْأُولَى رَجْعِيَّةً

(وَإِنْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ وَأَرَادَهُمَا) أَيْ الظِّهَارَ وَالطَّلَاقَ (حَصَلَا وَلَا عَوْدَ) ؛ لِأَنَّهُ عَقِبَ الظِّهَارِ بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ رَاجَعَ كَانَ عَائِدًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (وَإِنْ أَطْلَقَ فَمُظَاهِرٌ وَفِي) وُقُوعِ (الطَّلَاقِ وَجْهَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مُخَاطَبَةٌ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي عَكْسِهِ تَرْجِيحُ عَدَمِ وُقُوعِهِ فِي هَذِهِ وَتَقْيِيدُ وُقُوعِهَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا بِمَا إذَا أَرَادَ الظِّهَارَ بِأَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي وَالطَّلَاقُ بِطَالِقٍ، فَإِنْ أَرَادَهُمَا بِالْمَجْمُوعِ فَلَا يَقَعُ إلَّا الظِّهَارُ، وَكَذَا إنْ أَرَادَ بِهِ أَحَدَهُمَا أَوْ أَرَادَ الطَّلَاقَ بِأَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي وَالظِّهَارَ بِطَالِقٍ

(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى بِمَجْمُوعِهِ الظِّهَارِ فَظِهَارٌ) لِأَنَّ لَفْظَ الْحَرَامِ ظِهَارٌ مَعَ النِّيَّةِ فَمَعَ اللَّفْظِ وَالنِّيَّةِ أَوْلَى (وَإِنْ نَوَى) بِهِ (الطَّلَاقَ فَطَلَاقٌ) لِأَنَّ لَفْظَ الْحَرَامِ مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ كَصَرِيحِهِ (وَلَوْ أَرَادَهُمَا بِمَجْمُوعِهِ أَوْ بِقَوْلِهِ أَنْتِ) عَلَيَّ (حَرَامٌ تَخَيَّرَ) أَيْ اخْتَارَ (أَحَدَهُمَا) فَيَثْبُتُ مَا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعَا جَمِيعًا لِتَعَذُّرِ جَعْلِهِ لَهُمَا لِاخْتِلَافِ مُوجَبِهِمَا (وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْأَوَّلِ الطَّلَاقَ وَبِالْآخَرِ الظِّهَارَ وَهُوَ) أَيْ الطَّلَاقُ (رَجْعِيٌّ حَصَلَا) لِمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَحْدَهُ (وَإِنْ عَكَسَ) بِأَنْ أَرَادَ بِالْأَوَّلِ الظِّهَارَ وَبِالْآخَرِ الطَّلَاقَ (فَالظِّهَارُ) يَقَعُ (وَحْدَهُ) إذْ الْآخَرُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنْ الطَّلَاقِ لِصَرَاحَتِهِ فِي الظِّهَارِ كَذَا عَلَّلَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّةُ بَقَائِهِ عَلَى صَرَاحَتِهِ تَعَيُّنُ الظِّهَارِ فِيمَا إذَا أَرَادَهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا كَمَا مَرَّ مَعَ أَنَّ بَقَاءَهُ عَلَى صَرَاحَتِهِ يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِهَا (وَكَذَا) يَقَعُ الظِّهَارُ (وَحْدَهُ لَوْ أَطْلَقَ) لِأَنَّ لَفْظَ الْحَرَامِ ظِهَارٌ مَعَ النِّيَّةِ فَمَعَ اللَّفْظِ أَوْلَى وَأَمَّا عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَلِعَدَمِ صَرِيحِ لَفْظِهِ وَنِيَّتِهِ

(وَلَوْ أَرَادَ بِالتَّحْرِيمِ تَحْرِيمَ عَيْنِهَا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ) تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهَا مُقْتَضَاهُ وَيَكُونُ قَوْلُهُ كَظَهْرِ أُمِّي تَأْكِيدًا لِلتَّحْرِيمِ فَلَا يَكُونُ ظِهَارًا كَمَا قَالَ (وَلَا ظِهَارَ إلَّا إنْ نَوَاهُ بِالثَّانِي) وَهُوَ كَظَهْرِ أُمِّي (وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظُ التَّحْرِيمِ) عَنْ لَفْظِ الظِّهَارِ فَقَالَ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي حَرَامٌ (فَمُظَاهِرٌ) لِصَرِيحِ لَفْظِ الظِّهَارِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ) لِأَنَّهُ إنْ ظَاهَرَ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ نَكَحَهَا لَمْ تَكُنْ أَجْنَبِيَّةً أَوْ قَبْلَهُ لَمْ يَصِحَّ الظِّهَارُ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ الْخَمْرَ فَبَاعَهُ لَمْ يَحْنَثْ تَنْزِيلًا لِأَلْفَاظِ الْعُقُودِ عَلَى الصَّحِيحِ.

[فَرْعٌ عَلَّقَ الظِّهَارَ بِدُخُولِهَا الدَّارَ فَدَخَلَتْ وَهُوَ مَجْنُونٌ]

(قَوْلُهُ بِأَنْ قَصَدَ بِأَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ) أَيْ أَوْ طَلَّقَ (قَوْلُهُ وِبِكَظَهْرِ أُمِّي الظِّهَارَ أَوْ نَوَى بِهِمَا ظِهَارًا) أَوْ نَوَى بِكُلٍّ مِنْهُمَا ظِهَارًا، وَلَوْ مَعَ الطَّلَاقِ أَوْ نَوَى بِالْأَوَّلِ غَيْرَهُمَا وَبِالثَّانِي ظِهَارًا، وَلَوْ مَعَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ قَصَدَ بِلَفْظِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ وَكَتَبَ أَيْضًا أَوْ قَصَدَ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ أَوْ نَوَاهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا بِالْأَوَّلِ وَنَوَى بِالثَّانِي طَلَاقًا أَوْ طَلَّقَ الثَّانِيَ وَنَوَى الْأَوَّلَ مَعْنَاهُ أَوْ مَعْنَى الْآخَرِ أَوْ مَعْنَاهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا أَوْ أَطْلَقَ الْأَوَّلَ وَنَوَاهُ بِالثَّانِي أَوْ نَوَى بِهِمَا أَوْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ بِالثَّانِي غَيْرَهُمَا (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا غَيْرَ الَّذِي أَوْقَعَهُ وَكَلَامُهُمْ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ ذَلِكَ ش هَذَا كَلَامٌ مَرْدُودٌ وَيُجَابُ عَنْ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ إذَا نَوَى بِكَظَهْرِ أُمِّي الطَّلَاقَ قُدِّرَتْ كَلِمَةُ الْخِطَابِ مَعَهُ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي وَحِينَئِذٍ يَكُونُ صَرِيحًا فِي الظِّهَارِ، وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي عَكْسِهِ تَرْجِيحُ عَدَمِ وُقُوعِهِ فِي هَذِهِ) هُوَ الْأَصَحُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>