للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) قُعُودُهُ (مُفْتَرِشًا أَفْضَلُ) ؛ لِأَنَّهُ قُعُودٌ لَا يَعْقُبُهُ سَلَامٌ كَالْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (وَالْإِقْعَاءُ) فِي قُعُودِهِ هَذَا وَسَائِرِ قَعَدَاتِ الصَّلَاةِ وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ: أَنْ يَجْلِسَ عَلَى وَرِكَيْهِ وَيَنْصِبَ فَخِذَيْهِ وَزَادَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ (مَكْرُوهٌ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَتَفْسِيرُ الْإِقْعَاءِ الْمَكْرُوهِ بِأَنْ يَفْرِشَ رِجْلَيْهِ يَعْنِي أَصَابِعَهُمَا وَيَضَعُ أَلْيَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ غَلَطٌ. فَفِي مُسْلِمٍ «الْإِقْعَاءُ سُنَّةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَفَسَّرَهُ الْعُلَمَاءُ بِهَذَا قَالُوا فَالْإِقْعَاءُ مَكْرُوهٌ وَهُوَ الْأَوَّلُ وَمُسْتَحَبٌّ وَهُوَ الثَّانِي وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْإِمْلَاءِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. اهـ.

وَاسْتِحْبَابُ ذَلِكَ فِيهِ لَا يُنَافِي تَصْحِيحَ اسْتِحْبَابِ الِافْتِرَاشِ فِيهِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ جَوَابَهُ فَقَالَ وَكِلَاهُمَا سُنَّةٌ، لَكِنْ أَحَدُهُمَا أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ فَكَانَتْ أَفْضَلَ.

(وَحَاذَى) الْمُصَلِّي قَاعِدًا (فِي رُكُوعِهِ بِجَبْهَتِهِ قُدَّامَ رُكْبَتَيْهِ) فَهَذَا أَقَلُّ رُكُوعِهِ (، وَالْأَكْمَلُ) أَنْ يُحَاذِيَ (مَوْضِعَ سُجُودِهِ) ، وَهُمَا عَلَى وِزَانِ رُكُوعِ الْقَائِمِ فِي الْمُحَاذَاةِ وَسَيَأْتِي كَذَا قِيلَ وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى وِزَانِهِ وَإِنْ كُنْت مَشَيْت عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الرَّاكِعَ مِنْ قِيَامٍ لَا يُحَاذِي مَوْضِعَ سُجُودِهِ وَإِنَّمَا يُحَاذِي مَا دُونَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْجُدُ فَوْقَ مَا يُحَاذِيه وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِمُحَاذَاتِهِ ذَلِكَ مُحَاذَاتُهُ لَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّظَرِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ النَّظَرُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ) عَنْ ثَوَابِ الْمُصَلِّي قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ.

(وَإِنْ خَافَ رَقِيبُ الْغُزَاةِ، أَوْ الْكَمِينُ) مِنْهُمْ إنْ صَلَّوْا قِيَامًا (رُؤْيَةَ عَدُوٍّ) لَهُمْ (صَلُّوا قُعُودًا، ثُمَّ أَعَادُوا) لِنُدْرَةِ الْعُذْرِ (لَا) وَفِي نُسْخَةٍ إلَّا (إنْ خَافُوا قَصْدَهُمْ) أَيْ قَصْدَ الْعَدُوِّ لَهُمْ فَلَا تَلْزَمُهُمْ الْإِعَادَةُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ تَصْحِيحِ الْمُتَوَلِّي، لَكِنْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ لُزُومَهَا أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ. نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الْمَذْهَبُ. اهـ.

وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الثَّانِيَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعُذْرَ هُنَا أَعْظَمُ مِنْهُ ثَمَّ.

(وَإِنْ شَرَعَ فِي السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ، ثُمَّ عَجَزَ) فِي أَثْنَائِهَا (قَعَدَ) لِيُكْمِلَهَا (وَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهَا لِيَرْكَعَ وَلَا) يُكَلَّفُ (تَرْكَ جَمَاعَةٍ) يُصَلِّي مَعَهَا قَاعِدًا لِيُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا قَائِمًا (وَإِنْ كَانَ التَّرْكُ) لِلْقِرَاءَةِ وَلِلْجَمَاعَةِ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ (أَحَبُّ) وَإِنَّمَا كَانَ أَحَبَّ؛ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْقِيَامِ أَوْلَى لِكَوْنِهِ رُكْنًا. وَذِكْرُ أَحَبِّيَّةِ تَرْكِ الْقِرَاءَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفِي نُسْخَةٍ فِيهَا فَلَا زِيَادَةَ وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ، وَإِنْ زَادَ عَجَزَ صَلَّى بِالْفَاتِحَةِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَضِيَّتُهُ: لُزُومُ ذَلِكَ، لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ بِأَفْضَلِيَّتِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَيُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى.

(فَرْعٌ لَوْ نَالَهُ مِنْ الْقُعُودِ تِلْكَ الْمَشَقَّةَ) الْحَاصِلَةَ مِنْ الْقِيَامِ (اضْطَجَعَ) وُجُوبًا عَلَى جَنْبِهِ (مُسْتَقْبِلًا) الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ (وَ) اضْطِجَاعُهُ (عَلَى الْأَيْمَنِ أَفْضَلُ) وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَيْسَرِ بِلَا عُذْرٍ جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (ثُمَّ) إنْ تَعَذَّرَ الِاضْطِجَاعُ صَلَّى (مُسْتَلْقِيًا) وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ (كَالْمُحْتَضَرِ) فِي تَأَخُّرِ اسْتِلْقَائِهِ عَنْ اضْطِجَاعِهِ عَلَى جَنْبِهِ (وَرَأْسُهُ أَرْفَعُ) بِأَنْ يَرْفَعَ وِسَادَتَهُ لِيَتَوَجَّهَ بِوَجْهِهِ لِلْقِبْلَةِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هَذَا فِي غَيْرِ الْكَعْبَةِ أَمَّا فِيهَا، فَالْمُتَّجَهُ جَوَازُ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى ظَهْرِهِ وَعَلَى وَجْهِهِ؛ لِأَنَّهُ كَيْفَمَا تَوَجَّهَ فَهُوَ مُتَوَجِّهٌ لِجُزْءٍ مِنْهَا نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَقْفٌ اتَّجَهَ مَنْعُ الِاسْتِلْقَاءِ أَيْ عَلَى ظَهْرِهِ وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمَلَةٌ وَلَعَلَّنَا نَزْدَادُ فِيهَا عِلْمًا، أَوْ نَشْهَدُ فِيهَا نَقْلًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُخْتَصَرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ كَانَ أَوْلَى.

(وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ) بِقَدْرِ إمْكَانِهِ (فَإِنْ قَدَرَ الْمُصَلِّي عَلَى الرُّكُوعِ فَقَطْ كَرَّرَهُ لِلسُّجُودِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى زِيَادَةٍ عَلَى أَكْمَلِ الرُّكُوعِ تَعَيَّنَتْ) تِلْكَ الزِّيَادَةُ (لِلسُّجُودِ) ؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاجِبٌ عَلَى الْمُتَمَكِّنِ.

(وَلَوْ عَجَزَ) عَنْ السُّجُودِ (إلَّا أَنْ يَسْجُدَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، أَوْ صُدْغِهِ وَكَانَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

مِثْلَهَا، أَوْ أَشَقَّ مِنْهَا جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ قَاعِدًا نَعَمْ هَلْ الْأَفْضَلُ لَهُ التَّقْدِيمُ، أَوْ التَّأْخِيرُ إنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسَعًا فِيهِ مَا فِي التَّيَمُّمِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إذَا كَانَ يَرْجُو الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَطَرَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ الْجَمْعُ بِهِ وَلَا يَجِبُ الْإِعَادَةُ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَّافِ لَا رُخْصَةَ فِي ذَلِكَ بَلْ الْقِيَامُ شَرْطٌ فَعَلَيْهِ فِعْلُ الصَّلَاةِ قَائِمًا (فَرْعٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَاعِدًا لِعَجْزِهِ عَنْ الْقِيَامِ، ثُمَّ أَطَاقَهُ فَأَبْطَأَ حَتَّى عَادَ الْعَجْزُ فَمَنَعَهُ الْقِيَامُ نَظَرَ فِي حَالِهِ حِين أَطَاقَ الْقِيَامَ، فَإِنْ كَانَ قَاعِدًا فِي مَوْضِعِ جُلُوسٍ مِنْ صَلَاةِ الْمُطِيقِ كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَاعِدًا فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَزِمَهُ الْإِعَادَةُ ت (قَوْلُهُ: وَمُفْتَرِشًا أَفْضَلُ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَخَصَّهُ فِي الْحَاوِي بِالرَّجُلِ وَهُوَ شَاذٌّ (قَوْلُهُ، وَالْإِقْعَاءُ مَكْرُوهٌ) يُكْرَهُ أَيْضًا أَنْ يَقْعُدَ مَادًّا رِجْلَيْهِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ح.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَرْكُ جَمَاعَةٍ إلَخْ) اغْتَفَرُوا تَرْكَ الْقِيَامِ لِأَجْلِ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَغْتَفِرُوا الْكَلَامَ النَّاشِئَ عَنْ التَّنَحْنُحِ لِسُنَّةِ الْجَهْرِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِيَامَ مِنْ بَابِ الْمَأْمُورَاتِ، وَقَدْ أُتِيَ بِبَدَلٍ عَنْهُ، وَالْكَلَامَ مِنْ بَابِ الْمَنْهِيَّاتِ وَاعْتِنَاءُ الشَّارِحِ بِدَفْعِهِ أَهَمُّ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْكَلَامَ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْقُعُودِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَرْكَانِهَا ح.

[فَرْعٌ نَالَهُ مِنْ الْقُعُود فِي الصَّلَاة مَشَقَّة شَدِيدَة]

(قَوْلُهُ: اضْطَجَعَ مُسْتَقْبِلًا) لَمْ أَرَ تَصْرِيحًا بِأَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ الْمَرِيضَ الْمُضْطَجِعَ الْقُعُودُ مُسْتَنِدًا إلَى مِخَدَّةٍ، أَوْ جِدَارٍ، أَوْ آدَمِيٍّ، أَوْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِمُعِينٍ يُقْعِدُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَمَا سَبَقَ فِي الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ وَلَعَلَّ الْوُجُوبَ هُنَا أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ أَشَقُّ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا أَشَرْت إلَيْهِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَالْعَجْزُ عَنْ الْقُعُودِ يَحْصُلُ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَجْزُ عَنْ الْقِيَامِ وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقُعُودُ مُسْتَنِدًا بَلْ جِلْسَةً بَيْنَ الْقَاعِدِ، وَالْمُسْتَلْقِي مَعَ اسْتِنَادٍ إلَى شَيْءٍ وَغَالِبُ أَسَافِلِهِ مُمْتَدَّةٌ إلَى نَحْوِ الْقِبْلَةِ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ هَذِهِ الْهَيْئَةُ حَتَّى لَا يَجُوزَ الْعُدُولُ عَنْهَا إلَى الِاضْطِجَاعِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْقُعُودِ، أَوْ يُقَالُ لَا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَهُمَا رُتْبَةً فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إنْ كَانَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ ت وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَمَا سَبَقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، فَالْمُتَّجَهُ جَوَازُ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى ظَهْرِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ مَنْعُ الِاسْتِلْقَاءِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ الصَّوَابُ خِلَافُ مَا زَعَمَ أَنَّهُ مُتَّجَهٌ لِأَنَّ أَرْضَ الْكَعْبَةِ وَظَهْرَهَا لَيْسَا بِالْقِبْلَةِ فِيمَا يَظْهَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>