للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(انْتَقَلَتْ إلَى الْحَيْضِ) لِقُدْرَتِهَا عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ فَرَاغِهَا مِنْ الْبَدَلِ كَمَا فِي أَثْنَاءِ التَّيَمُّمِ. (وَلَمْ يُحْسَبْ الْمَاضِي قُرْءًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَوِشْ بِدَمَيْنِ أَمَّا مَنْ حَاضَتْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعِدَّةِ فَلَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ حَيْضَهَا حِينَئِذٍ لَا يَمْنَعُ صِدْقَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عِنْدَ اعْتِدَادِهَا بِالْأَشْهُرِ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ.

(فَصْلٌ: وَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا الْعَارِضُ) كَرَضَاعٍ وَنِفَاسٍ وَمَرَضٍ (وَكَذَا لِغَيْرِ عَارِضٍ لَا تَعْتَدُّ) قَبْلَ الْيَأْسِ (إلَّا بِالْأَقْرَاءِ) ؛ لِأَنَّ الْأَشْهُرَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِلَّتِي لَمْ تَحِضْ وَالْآيِسَةِ، وَهَذِهِ غَيْرُهُمَا (فَتَصْبِرُ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ) أَيْ يَأْسِ كُلِّ النِّسَاءِ لَا يَأْسِ عَشِيرَتِهَا فَقَطْ (وَهُوَ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) وَلَا يُبَالِي بِطُولِ مُدَّةِ الِانْتِظَارِ احْتِيَاطًا وَطَلَبًا لِلْيَقِينِ، وَالْمُعْتَبَرُ يَأْسُهُنَّ بِحَسَبِ مَا بَلَغْنَا خَبَرُهُ لَا طَوْفُ نِسَاءِ الْعَالَمِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَعَلَيْهِ هَلْ الْمُرَادُ نِسَاءُ زَمَانِنَا أَوْ النِّسَاءُ مُطْلَقًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إيرَادُ الْقَاضِي وَالْفُورَانِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي الْأَوَّلَ، وَكَلَامُ كَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِ يَقْتَضِي الثَّانِيَ. انْتَهَى. ثُمَّ إنْ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ صَارَ أَعْلَى الْيَأْسِ مَا رَأَتْهُ فِيهِ وَيَعْتَبِرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَا غَيْرُهَا (فَإِنْ حَاضَتْ الْآيِسَةُ) الَّتِي تَقَدَّمَ لَهَا حَيْضٌ (فِي أَثْنَاءِ الْأَشْهُرِ انْتَقَلَتْ إلَى الْحَيْضِ) لِمَا مَرَّ فِي الصَّغِيرَةِ وَلِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْآيِسَاتِ (وَحُسِبَ مَا مَضَى قُرْءًا) ؛ لِأَنَّهُ طُهْرٌ احْتَوَشَهُ دَمَانِ فَتُضَمُّ إلَيْهِ قُرْأَيْنِ (وَكَذَا) تَنْتَقِلُ إلَى الْحَيْضِ (بَعْدَ) تَمَامَ (الْعِدَّةِ) بِالْأَشْهُرِ (مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ) لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَيِسَةً فَإِنْ تَزَوَّجَتْ اُكْتُفِيَ بِمَا مَضَى وَالتَّزْوِيجُ صَحِيحٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا وَلِلشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ كَمَا إذَا قَدَرَ الْمُتَيَمِّمُ عَلَى الْمَاءِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ (فَإِنْ حَاضَتْ) أَيْ الْمُنْتَقِلَةُ إلَى الْحَيْضِ (قُرْءًا أَوْ قُرْأَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ) الدَّمُ (اسْتَأْنَفَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كَذَاتِ أَقْرَاءٍ أَيِسَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا) ، وَهَذَا التَّنْظِيرُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ الْبَابِ الثَّانِي.

(فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ) أَوْ نَحْوُهَا (حَامِلًا بِوَلَدٍ لَاحِقٍ بِذِي الْعِدَّةِ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً ذَاتَ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعِدَّةِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالْوَضْعِ (وَإِنْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي إمْكَانَ كَوْنِهِ مِنْهُ وَلِهَذَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ (وَيَتَوَقَّفُ) انْقِضَاؤُهَا (عَلَى وَضْعِ) الْوَلَدِ (الْأَخِيرِ مِنْ تَوْأَمَيْنِ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا لِبَقَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَالثَّانِي حَمْلٌ آخَرُ، وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ كَوْنَهُ حَمْلًا آخَرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى وَطْءٍ بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ فَإِذَا وَضَعَتْ الثَّانِيَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَضْعِ الْأَوَّلِ يَسْقُطُ مِنْهَا مَا يَسَعُ الْوَطْءَ فَيَكُونُ الْبَاقِي دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِاسْتِدْخَالِهَا الْمَنِيَّ حَالَةَ وَضْعِ الْأَوَّلِ وَتَقْيِيدُهُمْ بِالْوَطْءِ فِي قَوْلِهِمْ يُعْتَبَرُ لَحْظَةً لِلْوَطْءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ الْوَطْءُ أَوْ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالْحُكْمِ هُنَا بَلْ قَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ الْوَطْءُ حَالَةَ الْوَضْعِ (وَلَا أَثَرَ لِخُرُوجِ بَعْضِ الْوَلَدِ) مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا (فِي) انْقِضَاءِ (الْعِدَّةِ، وَ) فِي (غَيْرِهَا) مِنْ سَائِرِ أَحْكَامِ الْجَنِينِ لِعَدَمِ تَمَامِ انْفِصَالِهِ وَلِظَاهِرِ الْآيَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ بِهِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى دِيَتِهِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ لِوُجُوبِ الْغُرَّةِ ظُهُورُ شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَحَقُّقُ وُجُودِهِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ الْقَوَدُ إذَا خَرَجَتْ رَقَبَتُهُ، وَهُوَ حَيٌّ وَتَجِبُ الدِّيَةُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ إذَا مَاتَ بَعْدَ صِيَاحِهِ (فَإِنْ مَاتَ صَبِيٌّ لَمْ يَنْزِلْ وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ) لَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ لِعَدَمِ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ (وَكَذَا إنْ مَاتَ مَمْسُوحٌ) وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ لِذَلِكَ.

(فَرْعٌ: مَنْ أَتَتْ زَوْجَتُهُ الْحَامِلُ بِوَلَدٍ) لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ) حِينِ (الْعَقْدِ) أَوْ لِأَكْثَرَ وَدُونَ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَكَانَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَسَافَةٌ لَا تُقْطَعُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ لِفَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْفُرْقَةِ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ بِوَضْعِهِ لَكِنْ لَوْ ادَّعَتْ فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ، وَأَمْكَنَ فَهُوَ، وَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ تَنْقَضِي

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ عدة مَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا الْعَارِضُ وَالْغَيْر عارض]

قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إيرَادُ الْقَاضِي وَالْفُورَانِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي الْأَوَّلَ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ إذْ لَوْ قُلْنَا بِالثَّانِي لَلَزِمَ تَحْكِيمُ مَا حُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً حَاضَتْ بَعْدَ تِسْعِينَ سَنَةٍ، وَأَنْ يُعْتَبَرُ بِهَا نِسَاءُ الْعَالَمِ وَيَبْطُلُ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ أَقْصَاهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ أَقْصَاهُ عِنْدَهُمْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُوجَدَ خِلَافُهَا وَلَا يُشْكِلُ قَوْلُهُمْ: إنَّهَا يَعْتَبِرُ بِهَا غَيْرُهَا بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ رَأَتْ أَقَلَّ مِنْ أَقَلِّهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَكْثَرِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِي حَقِّهَا وَلَا حَقِّ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُمْ جَزَمُوا فِي الْحَيْضِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ: وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَدَّ هُنَاكَ بِمَا وُجِدَ مِنْ الْأَقْرَاءِ لِصُدُورِ عَقْدِ النِّكَاحِ بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا، وَالنِّكَاحُ مُقْتَضٍ لِلِاعْتِدَادِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنْ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ.

[فَصْلٌ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ حَامِلًا بِوَلَدٍ لَاحِقٍ بِذِي الْعِدَّةِ]

(قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ إلَخْ) فَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إلَّا بِوَضْعِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا يُسْتَثْنَى مَا إذَا أَقَرَّتْ بِأَنَّهُ مِنْ زِنًا فَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِهِ؛ لِأَنَّهَا اعْتَرَفَتْ بِمَا يُوجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةً بَعْدَ وَضْعِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ بِاللِّعَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ فَإِنَّهُ إذَا انْتَفَى بِغَيْرِ لِعَانٍ كَمَا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَادَّعَتْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا وَوَطِئَهَا أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِوِلَادَتِهَا فَأَتَتْ بِوَلَدَيْنِ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالثَّانِي مُنْتَفٍ عَنْهُ وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ. (قَوْلُهُ: مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا) أَيْ وَلَوْ مُعْظَمَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ سَائِرِ أَحْكَامِ الْجَنِينِ) كَنَفْيِ تَوْرِيثِهِ وَسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَيْهِ مِنْ الْأُمِّ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَوُجُوبِ الْغُرَّةِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْأُمِّ وَتَبَعِيَّةِ الْأُمِّ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ مَاتَ مَمْسُوحٌ إلَخْ) بِخِلَافِ الْمَجْبُوبِ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تَعْتَدُّ بِوَضْعِ حَمْلِهَا لِوَفَاتِهِ وَطَلَاقِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>