للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ؛ لِأَنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ فِيهِ.

(وَيَجُوزُ) لَهَا الِاكْتِحَالُ بِهِ (لِلْحَاجَةِ) إلَيْهِ لِرَمَدٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ بِالنَّهَارِ، وَ) يَجُوزُ ذَلِكَ (لِلضَّرُورَةِ) إلَى اسْتِعْمَالِهِ (نَهَارًا وَيَجُوزُ) الِاكْتِحَالُ (بِالْأَبْيَضِ كَالتُّوتْيَا) إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ (لَا الْأَصْفَرِ كَالصَّبْرِ) بِفَتْحِ الصَّادِ، وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الْبَاءِ وَبِفَتْحِ الصَّادِ، وَكَسْرِ الْبَاءِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ بَيْضَاءَ؛ لِأَنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ نَعَمْ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ لِرَمَدٍ أَوْ نَحْوِهِ جَازَ لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا فَفِي أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ، وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى عَيْنِهَا صَبْرًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ هُوَ صَبْرٌ لَا طِيبَ فِيهِ فَقَالَ إنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ أَيْ يُوقِدُهُ وَيُحَسِّنُهُ فَلَا تَجْعَلِيهِ إلَّا بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ» حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ لَيْلًا فَإِذَنْ لَهَا فِيهِ لَيْلًا بَيَانًا لِجَوَازِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ.

وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَنَكْحُلُهَا فَقَالَ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا» كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا فَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَحَقَّقْ الْخَوْفُ عَلَى عَيْنِهَا أَوْ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهَا الْبُرْءُ بِدُونِهِ لَكِنْ فِي رِوَايَةٍ رَدَّهَا عَبْدُ الْحَقِّ «قَالَتْ إنِّي أَخْشَى أَنْ تَنْفَقِئَ عَيْنُهَا قَالَ لَا، وَإِنْ انْفَقَأَتْ» ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ، وَإِنْ انْفَقَأَتْ عَيْنُهَا فِي زَعْمِك؛ لِأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْفَقِئُ أَمَّا إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ نَهَارًا فَيَجُوزُ فِيهِ.

(وَيَحْرُمُ طَلْيُ الْوَجْهِ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُصَفِّرُ الْوَجْهَ فَهُوَ كَالْخِضَابِ (وَبِكُلِّ مَا يُحَمِّرُهُ وَيُصَفِّرُهُ) وَيُبَيِّضُهُ كَإِسْفِيذَاجَ (وَ) يَحْرُمُ (تَصْفِيفُ الشَّعْرِ) أَيْ الطُّرَّةُ (وَتَجْعِيدُ الْأَصْدَاغِ) أَيْ شَعْرِهَا (وَالِاخْتِضَابُ بِالْحِنَّاءِ) أَوْ نَحْوِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْبَدَنِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ (لَا فِيمَا تَحْتَ الثِّيَابِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ لِأُمِّ سَلَمَةَ فِي الصَّبْرِ لَيْلًا لِخَفَائِهِ عَلَى الْأَبْصَارِ فَكَذَا مَا أَخْفَاهُ ثِيَابُهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالْغَالِيَةُ، وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهَا كَالْخِضَابِ.

(فَرْعٌ: لَهَا التَّجَمُّلُ بِالْفُرُشِ وَالسُّتُورِ، وَأَثَاثِ الْبَيْتِ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْدَادَ فِي الْبَدَنِ لَا فِي الْفُرُشِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا الْغِطَاءُ فَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَالثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ لِبَاسٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَيْلًا فَعَلَى مَا مَرَّ فِي الْحُلِيِّ قُلْت الْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالثِّيَابِ مُطْلَقًا (وَ) لَهَا (التَّنْظِيفُ بِالْحَمَّامِ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ (وَغَسْلُ الرَّأْسِ، وَمَشْطُهُ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ) وَالِاسْتِحْدَادُ، وَإِزَالَةُ الْأَوْسَاخِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الزِّينَةِ أَيْ الدَّاعِيَةِ إلَى الْجِمَاعِ فَلَا يُنَافِي فِي إطْلَاقِ اسْمِهَا عَلَى ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (وَمَنْ تَرَكَتْ الْإِحْدَادَ أَوْ السُّكْنَى) فِي كُلِّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضِهَا (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ) إذْ الْعِبْرَةُ فِي انْقِضَائِهَا بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ حَتَّى لَوْ بَلَغَهَا وَفَاةٌ لِزَوْجٍ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا (وَعَصَتْ) بِتَرْكِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا بِشَرْطٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ عَلِمَتْ) حُرْمَةَ التَّرْكِ هَذَا إنْ كَانَتْ مُكَلَّفَةً، وَإِلَّا فَالْعِصْيَانُ عَلَى وَلِيِّهَا.

(فَرْعٌ: لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ) مِنْ الْمَوْتَى (إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) فَأَقَلَّ وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ؛ وَلِأَنَّ فِي تَعَاطِيهِ إظْهَارَ عَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَالْأَلْيَقُ بِهَا التَّلَفُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا لِحَبْسِهَا عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْعِدَّةِ وَلِغَيْرِهَا فِي الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ قَدْ لَا تَسْتَطِيعُ فِيهَا الصَّبْرَ وَلِذَلِكَ يُسَنُّ فِيهَا التَّعْزِيَةُ، وَبَعْدَهَا تَنْكَسِرُ أَعْلَامُ الصَّبْرِ قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الرَّادَّ بِغَيْرِ الزَّوْجِ الْقَرِيبِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي فَلَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيَّةِ الْإِحْدَادُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ الْإِحْدَادُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ. انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَالْقَرِيبِ.

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي السُّكْنَى) (وَتَجِبُ السُّكْنَى) لِمُعْتَدَّةٍ عَنْ طَلَاقٍ وَلَوْ بَائِنًا بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ حَامِلًا كَانَتْ أَوْ حَائِلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦] (وَكَذَا) تَجِبُ لِمُعْتَدَّةٍ (عَنْ وَفَاةٍ وَفَسْخٍ) بِرِدَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ بِجَامِعِ فُرْقَةِ النِّكَاحِ وَلِخَبَرِ «فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ أَنْ زَوْجَهَا قُتِلَ فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا، وَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ قَالَتْ فَانْصَرَفْت حَتَّى إذَا كُنْت فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ فَاعْتَدَّتْ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَأَنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ فِي الشَّفَةِ، وَاللِّثَةِ وَعَلَى الْخَدَّيْنِ، وَالذَّقَنِ فَيَحْرُمُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (قَوْله لِرَمَدٍ أَوْ غَيْرِهِ) الدُّهْنُ لِلْحَاجَةِ كَالِاكْتِحَالِ لِلرَّمَدِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بِالْأَبْيَضِ كَالتُّوتْيَا إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ) قَالَ شَيْخُنَا: يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ يَتَزَيَّنُونَ بِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ تَدْعُوَ إلَى اسْتِعْمَالِهَا حَاجَةٌ. كا (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْبَدَنِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِمَا يَظْهَرُ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَشَعْرُ الرَّأْسِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مَا يَكُونُ تَحْتَ الثِّيَابِ كَالرِّجْلَيْنِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْغِطَاءُ فَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَفِي الْتِحَافِهَا بِالْحَرِيرِ نَظَرٌ، وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ لِكَوْنِهِ لُبْسًا.

(قَوْلُهُ: قُلْت الْأَوْجَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا التَّنْظِيفُ بِالْحَمَّامِ إلَخْ) وَتَطِيبُ الْمَحَلِّ بِشَيْءٍ مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ عِنْدَ اغْتِسَالِهَا مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ بِخِلَافِ الْمُحْرِمَةِ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الشَّعَثَ وَلَا زِينَةَ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ يَطُولُ زَمَنُهَا فَرُخِّصَ لَهَا فِيهِ لِقَطْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ (قَوْلُهُ: إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) فَأَقَلَّ؛ لِأَنَّهَا أَيَّامُ تَعْزِيَةٍ وَبَعْدَهَا تَنْكَسِرُ أَعْلَامُ الْحُزْنِ (قَوْله قَالَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَالْقَرِيبِ) فِي مَعْنَى ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ وَالصِّهْرُ، وَالصِّدِّيقُ كَمَا أَلْحَقُوا بِهِمْ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ، وَالْجَمَاعَةِ، وَهَلْ لِلرَّجُلِ التَّحَزُّنُ عَلَى الْمَيِّتِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا أَنَّ لِلْمَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمْ لَا؟ . ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ لِلرَّجُلِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْعُجَالَةِ: وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ فَإِنَّ النِّسَاءَ يَضْعُفْنَ عَنْ الْمَصَائِبِ بِخِلَافِ الرِّجَالِ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّة]

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي السُّكْنَى)

<<  <  ج: ص:  >  >>