للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلَبَتْ أُجْرَةً) عَنْ الرَّضَاعِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا لِاتِّهَامِهَا بِذَلِكَ.

(فَرْعٌ) لَوْ (شَهِدَتْ وَاحِدَةٌ) أَوْ أَكْثَرُ وَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ (بِالرَّضَاعِ بَيْنَ رَجُلٍ) وَامْرَأَةٍ (فَالْوَرَعُ) لَهُ (أَنْ يَجْتَنِبَهَا) بِأَنْ لَا يَنْكِحَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ نَكَحَهَا (وَيُطَلِّقَ) هَا (إنْ نَكَحَهَا) لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ وَيُكْرَهُ لَهُ الْمُقَامُ مَعَهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِنْتَ ابْنِ أَبِي إهَابٍ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا فَقَالَ لَهَا لَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي وَلَا أَخْبَرْتِنِي فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ فَفَارَقَهَا وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ» .

(فَرْعٌ: لَا يَقْدَحُ) فِي الشَّهَادَةِ (نَظَرُ الشَّاهِدَيْنِ إلَى الثَّدْيِ، وَإِنْ تَعَمَّدَاهُ) ، وَكَانَ نَظَرُهُمَا (لَا لِلتَّحَمُّلِ) لَهَا (لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ) فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ (إلَّا إنْ اعْتَادَا ذَلِكَ) يَعْنِي أَصَرَّا عَلَيْهِ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الصَّغَائِرِ بِحَيْثُ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِمَا طَاعَاتِهِمَا فَيُقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِمَا.

(فَصْلٌ: شَرْطُ شَهَادَةِ الرَّضَاعِ ذَكَرَ شُرُوطَهُ) الْآتِيَةَ فَلَا يَكْفِي فِيهَا بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي شُرُوطِ التَّحْرِيمِ فَاشْتُرِطَ التَّفْصِيلُ لِيَعْمَلَ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ (فَإِنْ شَهِدَ) الشَّاهِدُ بِالرَّضَاعِ (وَمَاتَ قَبْلَ تَفْصِيلِهَا) أَيْ شَهَادَتِهِ (فَهَلْ يَتَوَقَّفُ الْقَاضِي) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَقْرَبُهُمَا وُجُوبُ التَّوَقُّفِ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي جَوَازِ التَّوَقُّفِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُمَا فِي وُجُوبِهِ (وَيَحْسُنُ الِاكْتِفَاءُ) فِي الشَّهَادَةِ بِالرَّضَاعِ (بِإِطْلَاقِ الْفَقِيهِ) الْمَوْثُوقِ بِمَعْرِفَتِهِ (الْمُوَافِقِ) لِمَذْهَبِ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْمُخَالِفِ لَهُ نَعَمْ إنْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِي الْوَاقِعَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَجَبَ التَّفْصِيلُ مِنْ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُقَلِّدًا فَإِنْ كَانَا مُجْتَهِدَيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الشَّهَادَةِ أَيْ فَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ مُطْلَقًا، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْمُوَافِقِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (وَإِقْرَارُ الْفَقِيهِ بِهِ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (كَافٍ، وَفِي) إقْرَارِ (غَيْرِهِ) كَذَلِكَ (وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَمَا نَقَلَهُ مِنْ الْفَرْقِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَنَّ إقْرَارَ غَيْرِ الْفَقِيهِ مُطْلَقًا كَافٍ، وَيَحْسُنُ فِي الْفَقِيهِ تَقْيِيدُهُ بِالْمُوَافِقِ كَمَا مَرَّ فِي الشَّاهِدِ لِيَكُونَ غَيْرُهُ كَغَيْرِ الْفَقِيهِ قَالَ وَفِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَجْهَانِ. اهـ. وَكَلَامُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَنَّهَا لَا تَكْفِي ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الشُّرُوطِ فَقَالَ (فَيَذْكُرُ) الشَّاهِدُ (عَدَدَ الرَّضَعَاتِ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَكَذَا) يَذْكُرُ (وُصُولَ اللَّبَنِ الْجَوْفَ) أَوْ الدِّمَاغَ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ كَمَا يَذْكُرُ الْإِيلَاجَ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا؛ وَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْوُصُولِ إلَى ذَلِكَ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ هَكَذَا ذُكِرَ، وَفِي التَّعَرُّضِ لِلرَّضَعَاتِ مَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ التَّفَرُّقِ، وَنَازَعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الشَّاهِدُ أَطْلَقَهَا بِاعْتِبَارِ الْمَصَّةِ وَالْمَصَّتَيْنِ، وَمَأْخَذُ الِاشْتِرَاطِ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَطْرُقَهُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ الشَّاهِدِ الْمُطْلِق لِذِكْرِ الْخَمْسِ فَقِيهًا أَوْ لَا.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَغَالِبُ النَّاسِ يَجْهَلُ أَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ أَوْ قَطْعَ الرَّضِيعِ الِارْتِضَاعَ لِلَهْوٍ وَتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِمَا وَعَوْدَهُ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ مُصَرِّحٌ أَوْ كَالْمُصَرِّحِ بِاعْتِبَارِ التَّفَرُّقِ وَلِذَلِكَ طَرَحَ مِنْ الرَّوْضَةِ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ ذِكْرُ أَنَّ الشَّهَادَةَ الْمُطْلَقَةَ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا مُحَرِّمًا أَوْ أُخُوَّةً أَوْ نَحْوَهُمَا مِنْ لَوَازِمِ فِعْلِ الرَّضَاعِ، وَالِارْتِضَاعُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالتَّفْصِيلِ وَذَكَرَ مَعَ هَذَا حُكْمَ الْإِقْرَارِ السَّابِقِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ بِفِعْلِ الرَّضَاعِ وَالِارْتِضَاعِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فِيهِمَا إنْ وَقَعَا بِنَفْسِ الْفِعْلِ فَإِنْ وَقَعَا مُلَازَمَةً فَكَذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ دُونَ الْإِقْرَارِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْفَرْقِ السَّابِقِ أَنَّ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ دُونَ الْإِقْرَارِ فِي الْأَمْرَيْنِ (وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالرَّضَاعِ (لِرُؤْيَةِ الِامْتِصَاصِ) لِلَّبَنِ (وَحَرَكَةِ الِازْدِرَادِ) لَهُ (وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ) مِنْهُ (بِكَوْنِهَا ذَاتَ لَبَنٍ) حَالَ الِارْتِضَاعِ أَوْ قُبَيْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اللَّبَنِ وَلَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ الْقَرَائِنِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِوُصُولِ اللَّبَنِ الْجَوْفَ وَلَا لِلرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُ عِلْمِهِ تِلْكَ الْقَرَائِنَ بَلْ يَعْتَمِدُهَا وَيَجْزِمُ بِالشَّهَادَةِ وَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ أَخْذِ الطِّفْلِ تَحْتَ ثِيَابِهَا، وَإِدْنَاؤُهُ مِنْهَا كَهَيْئَةِ الْمُرْضِعَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُوجِرُ لَبَنَ غَيْرِهَا فِي شَيْءٍ كَهَيْئَةِ الثَّدْيِ، وَلَا سَمَاعُ صَوْتِ الْمَصِّ فَقَدْ يَمْتَصُّ أُصْبُعَهُ أَوْ أُصْبُعَهَا.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: بِحَيْثُ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِمَا طَاعَاتِهِمَا) أَيْ أَوْ اسْتَوَيَا.

[فَصْلٌ شَرْطُ شَهَادَةِ الرَّضَاعِ]

(قَوْلُهُ: أَقْرَبُهُمَا وُجُوبُ الْوَقْفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: الْأَوْجَهُ أَنَّهُمَا فِي وُجُوبِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْسُنُ الِاكْتِفَاءُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ التَّفْصِيلُ مِنْ الْمُوَافِقِ، وَالْمُخَالِفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الطِّرَازِ: الْمَذْهَبُ بِشَرْطِ التَّفْصِيلِ إلَّا مِنْ الْفَقِيهِ الْمُوَافِقِ (قَوْلُهُ: وَمَا نَقَلَهُ مِنْ الْفَرْقِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ) أَنَّ إقْرَارَ غَيْرِ الْفَقِيهِ مُطْلَقًا كَافٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: قَالَ، وَفِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا قَبُولُهَا (قَوْلُهُ: قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَطْرُقَهُ التَّفْصِيلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>