للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّؤَالِ وَالِامْتِحَانِ إلَّا أَنْ تَجْعَلَ الْوَاوَ لِلتَّقْسِيمِ فَيُوَافِقَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ.

وَإِذَا رُوجِعَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فَشَهِدُوا بِذَهَابِ الْبَصَرِ فَلَا حَاجَة إلَى التَّحْلِيفِ وَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ بِخِلَافِ الِامْتِحَانِ، وَلَا بُدَّ مِنْ التَّحْلِيفِ بَعْدَهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (ثُمَّ إنْ قَالُوا يَعُودُ) ، وَقَدَّرُوا مُدَّةً (اُنْتُظِرَ كَالسَّمْعِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ عَوْدِهِ فِي الْمُدَّةِ (فَالدِّيَةُ) تَجِبُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ عَوْدِهِ لَوْ عَاشَ (لَا الْقِصَاصُ) فَلَا يَجِبُ لِلشُّبْهَةِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ الْبَغَوِيّ وَصَاحِبَ الْمُهَذَّبِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وُجُوبَهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ (وَإِنْ ادَّعَى) الْجَانِي (عَوْدَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ) ، وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ (صُدِّقَ الْوَارِثُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عَوْدِهِ.

(فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى النَّقْصَ فِي عَيْنٍ أَوْ أُذُنٍ عُصِبَتْ) أَيْ الْعَيْنُ (أَوْ حُشِيَتْ) أَيْ الْأُذُنُ (وَأُطْلِقَتْ الْأُخْرَى، وَعَرَفَ مِقْدَارَ رُؤْيَتِهَا لِلْمَاشِي) مَثَلًا فِي الْأُولَى بِأَنْ يُوقَفَ شَخْصٌ بِمَوْضِعٍ يَرَاهُ، وَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَبَاعَدَ عَنْهُ حَتَّى يَقُولَ لَا أَرَاهُ فَيَعْلَمُ عَلَى الْمَسَافَةِ (أَوْ) مِقْدَارَ (سَمَاعِ صَوْتِهِ) فِي الثَّانِيَةِ بِأَنْ يَجْلِسَ بِمَحَلٍّ، وَيُؤْمَرُ مَنْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ ثُمَّ يَقْرُبُ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ يَقُولَ سَمِعْت فَيَعْلَمُ الْمَوْضِعَ (ثُمَّ) عُصِبَتْ الْعَيْنُ أَوْ حُشِيَتْ الْأُذُنُ (الثَّانِيَةُ) وَأُطْلِقَتْ الْأُولَى (وَيُغَيِّرُ) فِي الْأُولَى (لِبَاسَ الْمُتَرَاءَى) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَيُؤْمَرُ بِأَنْ يَقْرُبَ رَاجِعًا إلَى أَنْ يَرَاهُ فَيَضْبِطُ مَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ، وَيَجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ (وَ) يُغَيِّرُ فِي الثَّانِيَةِ (صَوْتَهُ) أَيْ الْمُصَوِّتُ (عِنْدَ الِامْتِحَانِ لِلصَّحِيحَةِ، وَيَنْتَقِلُ فِي الْجِهَةِ) أَيْ فِي سَائِرِ الْجِهَاتِ عِنْدَ الِامْتِحَانِ (لِلْعَلِيلَةِ فَإِنْ اسْتَوَتْ الْمِسَاحَةُ صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (وَإِلَّا حَلَفَ الْجَانِي) ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْجِهَاتِ لَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْحَلِفِ فِي ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَإِذَا عُرِفَ تَفَاوُتُ الْمِسَاحَتَيْنِ فَالْوَاجِبُ الْقِسْطُ (فَإِنْ أَبْصَرَ بِالصَّحِيحَةِ أَوْ سَمِعَ مِنْ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ، وَبِالْأُخْرَى مِنْ مِائَةٍ فَالنِّصْفُ) مِنْ الدِّيَةِ يَجِبُ، وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ السَّمْعِ فِي الْمِثَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(فَإِنْ قَالُوا) أَيْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ (الْمِائَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ مِائَتَيْنِ وَجَبَ الثُّلُثَانِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لَكِنْ لَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّ الْمِائَةَ الثَّانِيَةَ تَحْتَاجُ إلَى مِثْلَيْ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمِائَةُ الْأُولَى لِقُرْبِ الْأُولَى وَبُعْدِ الثَّانِيَةِ وَجَبَ ثُلُثَا دِيَةِ الْعَلِيلَةِ (فَإِنْ أَعْشَاهُ لَزِمَهُ نِصْفُ دِيَةٍ، وَفِي) إزَالَةِ عَيْنِ (الْأَعْشَى) الَّذِي عَشِيَتْ عَيْنَاهُ (بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ الدِّيَةُ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّهْذِيبِ نِصْفُهَا) أَيْ وُجُوبُ نِصْفِهَا مُوَزَّعًا عَلَى إبْصَارِهِ بِالنَّهَارِ، وَعَدَمِ إبْصَارِهِ بِاللَّيْلِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَعْمَشَهُ أَوْ أَخْفَشَهُ أَوْ أَحْوَلَهُ) أَوْ أَشْخَصَ بَصَرَهُ (فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَخْفَشَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنَّهُ تَرَكَ مِنْ الْأَصْلِ إشْخَاصَ الْبَصَرِ. (وَإِنْ أَذْهَبَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ شَخْصَيْنِ (الضَّوْءَ وَالْآخَرُ الْحَدَقَةَ وَاخْتَلَفَا فِي عَوْدِ الضَّوْءِ) ، وَعَدَمِ عَوْدِهِ فَقَالَ الثَّانِي قَلَعْت الْحَدَقَةَ قَبْلَ عَوْدِهِ، وَقَالَ الْأَوَّلُ بَلْ بَعْدَهُ (صُدِّقَ الثَّانِي) بِيَمِينِهِ (وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عَوْدِهِ.

(الرَّابِعُ: الشَّمُّ، وَفِيهِ) أَيْ فِي إزَالَتِهِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ (الدِّيَةُ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَكِنَّهُ غَرِيبٌ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ (وَيُمْتَحَنُ بِالرَّوَائِحِ) إذَا أَنْكَرَ الْجَانِي زَوَالَ الشَّمِّ (فَإِنْ هَشَّ لِلطَّيِّبِ) مِنْهَا (وَعَبَسَ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِلْخَبِيثِ مِنْهَا (حَلَفَ الْجَانِي) لِظُهُورِ كَذِبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (وَإِلَّا حَلَفَ هُوَ) لِظُهُورِ صِدْقِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (وَإِنْ لَزِمَ أَنْفُهُ) أَيْ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ الْجَانِي فَعَلْته لِعَوْدِ شَمِّك (وَقَالَ) هُوَ (فَعَلْته اتِّفَاقًا أَوْ لِغَرَضٍ آخَرَ) كَامْتِخَاطٍ وَتَفَكُّرٍ وَرُعَافٍ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ (وَإِنْ ادَّعَى نُقْصَانَهُ) ، وَأَنْكَرَ الْجَانِي (فَكَالسَّمْعِ) فِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (وَلْيُبَيِّنْ) فِي الدَّعْوَى وَالْحَلِفِ (الْقَدْرَ) الَّذِي يُطَالَبُ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُدَّعٍ مَجْهُولًا، وَطَرِيقُهُ أَنْ يَطْلُبَ الْمُتَيَقَّنَ، وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالشَّمِّ، وَلَوْ نَقَصَ شَمُّ أَحَدِ الْمَنْخِرَيْنِ اُعْتُبِرَ بِالْجَانِبِ الْآخَرِ كَمَا فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ صَرَّحَ بِهِ سُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ، وَبَحَثَهُ الْأَصْلُ (فَإِنْ قُطِعَ أَنْفَهُ فَذَهَبَ شَمُّهُ فَدِيَتَانِ) كَمَا فِي السَّمْعِ؛ لِأَنَّ الشَّمَّ لَيْسَ فِي الْأَنْفِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.

(الْخَامِسُ النُّطْقُ، وَفِيهِ) أَيْ فِي إزَالَتِهِ (الدِّيَةُ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «فِي اللِّسَانِ الدِّيَةِ إنْ مَنَعَ الْكَلَامَ» ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ مَضَتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ اللِّسَانَ عُضْوٌ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ فَكَذَا مَنْفَعَتُهُ الْعُظْمَى كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ الدِّيَةُ إذَا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَعُودُ نُطْقُهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ كَانَ) الْمُزَالُ نُطْقُهُ (أَلْثَغَ) فَإِنَّهُ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ كَانَ الْبَطْشُ الْمُزَالُ ضَعِيفًا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْوَاوَ لِلتَّقْسِيمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ ادَّعَى النَّقْصَ فِي عَيْنٍ أَوْ أُذُنٍ وَأُطْلِقَتْ الْأُخْرَى وَعَرَفَ مِقْدَارَ رُؤْيَتِهَا لِلْمَاشِي]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْشَاهُ لَزِمَهُ نِصْفُ دِيَةٍ) لَوْ عَشِيَتْ إحْدَى عَيْنَيْهِ بِالْجِنَايَةِ لَزِمَهُ رُبْعُ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْإِعْشَاءِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ الدِّيَةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: الرَّابِعُ الشَّمُّ، وَفِيهِ الدِّيَةُ) أَيْ إنْ كَانَ كَامِلًا فَإِنْ كَانَ نَاقِصًا بِأَنْ يَشُمَّ قَوِيَّ الرَّائِحَةِ أَوْ الْقَرِيبَ دُونَ ضَعِيفِهَا أَوْ الْبَعِيدَ فَهَلْ تَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ تَامَّةٌ أَوْ لَا؟ . بَلْ إنْ عُرِفَ قَدْرُ النَّقْصِ فَقِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ، وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا؛ لِأَنَّ نَقْصَ الْمَنَافِعِ بِالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ لَا يَنْقُصُ بِهِ مِنْ وَاجِبِهَا شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى نُقْصَانَهُ فَكَالسَّمْعِ) لَوْ ارْتَتَقَ الْمَنْفَذُ فَلَمْ يُدْرِكْ الرَّوَائِحَ، وَقَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ الْقُوَّةُ بَاقِيَةٌ فَلْيَكُنْ كَمَا مَرَّ فِي السَّمْعِ، وَلَوْ عَادَ الشَّمُّ بَعْدَ ظَنِّنَا زَوَالَهُ رُدَّتْ الدِّيَةُ لَكِنْ إنْ عَادَ أَنْقَصَ، وَعُلِمَ قَدْرُ الذَّاهِبِ فَلَهُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِلَّا فَالْحُكُومَةُ، وَلَوْ كَانَ يَشَمُّ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ شَمًّا ضَعِيفًا بِأَنْ يَشُمَّ مِنْ قُرْبٍ لَا مِنْ بُعْدٍ أَوْ الرِّيحَ الْقَوِيَّ دُونَ الضَّعِيفِ فَجَنِيَ عَلَيْهِ فَذَهَبَ شَمُّهُ، وَجَبَ فِيهِ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ كَالْأَعْضَاءِ الضَّعِيفَةِ.

(قَوْلُهُ: الْخَامِسُ النُّطْقُ، وَفِيهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ أَلْثَغَ) لَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا خِلْقَةً فَدِيَةٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِهِ الْخِلْقِيَّ مَنْ كَانَتْ لُغَتُهُ كَذَلِكَ كَالْفَارِسِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْفَارِسِيَّةِ صَادٌ، وَلَا حَاءٌ، وَلَا طَاءٌ، وَلَا عَيْنٌ، وَلَا خَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>