للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذْ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ، وَلَا حَيَاتُهُ حَتَّى يَقْصِدَ (بَلْ) فِيهِ (خَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى أُمِّهِ خَطَأً أَمْ عَمْدًا أَمْ شُبْهَةً بِأَنْ قَصَدَ غَيْرَهَا فَأَصَابَهَا أَوْ قَصَدَهَا بِمَا يُجْهِضُ غَالِبًا أَوْ بِمَا لَا يُجْهِضُ غَالِبًا، وَقِيلَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ شِبْهُ الْعَمْدِ أَيْضًا، وَهُوَ قَوِيٌّ لِتَعَذُّرِ قَصْدِ الشَّخْصِ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ كَالْعَمْدِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ (يُغَلَّظُ فِيهِ) فَيُؤْخَذُ عِنْدَ فَقْدِ الْغُرَّةِ حِقَّةٌ وَنِصْفٌ، وَجَذَعَةٌ وَنِصْفٌ وَخَلَفَتَانِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُغَلَّظَ فِي الْغُرَّةِ أَيْضًا بِأَنْ يَبْلُغَ قِيمَتُهَا نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ حَسَنٌ (وَإِنْ جَرَحَهَا) أَيْ الْحَامِلَ (فَأَجْهَضَتْ) جَنِينًا مَيِّتًا (فَأَرْشٌ) يَجِبُ لِلْجُرْحِ مُقَدَّرًا وَغَيْرَ مُقَدَّرٍ (وَغُرَّةٌ) تَجِبُ لِلْجَنِينِ (وَلَوْ ضَرَبَهَا) فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا (وَبَقِيَ) فِيهَا (شَيْنٌ فَغُرَّةٌ وَحُكُومَةٌ) تَجِبَانِ.

(فَصْلٌ) لَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ عَلَى حَامِلٍ ثُمَّ (أَنْكَرَ الْإِجْهَاضَ) لِلْجَنِينِ بِأَنْ قَالَ إنَّهَا لَمْ تُجْهَضْ أَوْ لَمْ تُجْهِضِيهِ بَلْ هُوَ مُلْتَقَطٌ (أَوْ) أَنْكَرَ (خُرُوجَهُ حَيًّا) بِأَنْ قَالَ خَرَجَ مَيِّتًا فَالْوَاجِبُ الْغُرَّةُ، وَقَالَ الْوَارِثُ بَلْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ (صُدِّقَ) الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فَعَلَى الْوَارِثِ الْبَيِّنَةُ بِمَا يَدَّعِيهِ (وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ) إنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ (وَتُقْبَلُ هُنَا النِّسَاءُ) ؛ لِأَنَّ الْإِجْهَاضَ وَالِاسْتِهْلَالَ أَوْ نَحْوَهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَالِبًا إلَّا النِّسَاءُ كَالْوِلَادَةِ فَيُقْبَلْنَ عَلَى ذَلِكَ (لَا عَلَى) أَصْلِ (الْجِنَايَةِ) ، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ فِيهِ الرِّجَالُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَعَلَّلَهُ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ الضَّرْبَ مِمَّا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ غَالِبًا لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ حَكَاهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَمَا قَالَهُ هُوَ قَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّ الْجِنَايَةَ الَّتِي لَا تُثْبِتُ إلَّا الْمَالَ كَقَتْلِ الْخَطَأِ تَثْبُتُ بِذَلِكَ (وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ الْإِجْهَاضَ أَوْ مَوْتَ مَنْ خَرَجَ حَيًّا) كَانَ (بِسَبَبٍ آخَرَ) أَيْ غَيْرِ الْجِنَايَةِ (فَإِنْ كَانَ) الْإِجْهَاضُ أَوْ الْمَوْتُ عَقِبَ الْجِنَايَةِ أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ وَكَانَ (الْغَالِبُ بَقَاءَ الْأَلَمِ) فِي الْأُمِّ أَوْ الْجَنِينِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْإِجْهَاضِ وَالْمَوْتِ (صُدِّقَتْ هِيَ) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ.

(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْغَالِبُ بَقَاءَ الْأَلَمِ إلَى ذَلِكَ (فَلَا) تُصَدَّقُ هِيَ بَلْ الْمُصَدَّقُ هُوَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْأَلَمَ لَمْ يَزُلْ حَتَّى أُجْهِضَتْ أَوْ مَاتَ الْجَنِينُ (وَلَا يُقْبَلُ هُنَا إلَّا رَجُلَانِ) صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى، وَقَاسَ بِهَا الْمُصَنِّفُ الثَّانِيَةَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسِيَاقُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ نَظِيرُ مَا مَرَّ عَنْهُ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ صُدِّقَتْ هِيَ صُدِّقَ الْوَارِثُ كَانَ أَنْسَبَ بِكَلَامِهِ وَبِكَلَامِ أَصْلِهِ.

(وَإِنْ أَلْقَتْ جَنِينَيْنِ عُرِفَ اسْتِهْلَالُ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَجَهِلَ، وَجَبَ الْيَقِينُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ عَنْ الزَّائِدِ (فَإِنْ كَانَا ذَكَرًا وَأُنْثَى فَغُرَّةٌ وَدِيَةُ أُنْثَى) وَكَذَا إنْ كَانَا أُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كَانَا ذَكَرَيْنِ فَغُرَّةٌ وَدِيَةُ رَجُلٍ (وَإِنْ أَلْقَتْ جَنِينَيْنِ) ذَكَرًا وَأُنْثَى (وَأَحَدُهُمَا حَيٌّ وَمَاتَ فَادَّعَى الْوَارِثُ حَيَاةَ الذَّكَرِ وَمَوْتَ الْأُنْثَى) وَالْجَانِي الْعَكْسُ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ عَمَلًا بِالْيَقِينِ وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِحَيَاةِ الذَّكَرِ، وَتَجِبُ غُرَّةٌ وَدِيَةُ أُنْثَى (وَ) لَوْ (صَدَّقَهُ الْجَانِي) فِي حَيَاةِ الذَّكَرِ وَكَذَّبَتْهُ الْعَاقِلَةُ (لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَيَلْزَمُهَا دِيَةُ أُنْثَى وَغُرَّةُ الْآخَرِ) وَالْبَاقِي فِي مَالِ الْجَانِي، وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِالْحُكُومَةِ بَدَلَ الْغُرَّةِ سَبْقُ قَلَمٍ (وَإِنْ أَلْقَتْ) جَنِينَيْنِ (حَيًّا وَمَيِّتًا) وَمَاتَ الْحَيُّ أَوْ جَنِينَيْنِ وَمَاتَا كَمَا صَوَّرَ بِهِ أَصْلَهُ (وَمَاتَتْ فَادَّعَى وَرَثَةُ الْجَنِينَيْنِ سَبْقَ مَوْتِهَا) مَوْتَهُ لِيَرِثَهَا ثُمَّ يَرِثُونَهُ (وَ) ادَّعَى (وَارِثُهَا عَكْسَهُ) لِتَرِثَ هِيَ الْجَنِينَ ثُمَّ يَرِثَهَا هُوَ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ بِهَا، وَإِلَّا (فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا فَلَا تَوَارُثَ) بَيْنَ الْجَنِينِ وَالْأُمِّ لِلْجَهْلِ بِمَوْتِ السَّابِقِ وَمَا تَرَكَهُ كُلُّ وَاحِدٍ لِوَرَثَتِهِ الْأَحْيَاءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ (قُضِيَ لِلْحَالِفِ) كَنَظَائِرِهِ وَذِكْرُ الْجَنِينَيْنِ مِثَالٌ فَمَا نَقَصَ عَنْهُمَا أَوْ زَادَ عَلَيْهِمَا كَذَلِكَ

(بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ) الْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ} [النساء: ٩٢] أَيْ فِي قَوْمٍ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي مُسْتَحِقّ الْغُرَّة]

قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ إلَخْ) أَيْ، وَلَا مَوْضِعُهُ (قَوْلُهُ: الْمُعْتَبَرُ فِيهِ) أَيْ شِبْهُ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يُغْلِظَ فِي الْغُرَّةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ حَسَنٌ) لَفْظُ الشَّافِعِيِّ، وَقِيمَةُ الْغُرَّةِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ دِيَةِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ فِي الْعَمْدِ، وَعَمْدُ الْخَطَأِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ خُمُسَاهَا بَعِيرَانِ خَلِفَتَانِ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا، وَهُوَ قِيمَةُ ثَلَاثِ جِذَاعٍ وَحِقَاقٍ نِصْفَيْنِ مِنْ إبِلِ عَاقِلَةِ الْجَانِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إبِلٌ فَمِنْ إبِلِ بَلَدِهِ أَوْ أَقْرَبِ الْبُلْدَانِ، وَإِنْ كَانَتْ خَطَأً أَدَّتْ عَاقِلَتُهُ أَيَّ غُرَّةٍ شَاءَتْ، وَقِيمَتُهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ رَجُلٍ مِنْ دِيَاتِ الْخَطَأِ. اهـ. وَهُوَ نَصٌّ فِي التَّغْلِيظِ، وَلَفْظُ الْحَاوِي الْجِنَايَةُ عَلَى الْجَنِينِ لَا تَكُونُ إلَّا خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، وَالْغُرَّةُ فِي الْحَالَيْنِ عَلَى الْعَاقِلَةِ تَخْفِيفًا، وَتَغْلِيظًا كَدِيَةِ النَّفْسِ. اهـ. فَوَافَقَ النَّصَّ، وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ إنْ وُجِدَتْ الْغُرَّةُ أُخِذَتْ، وَلَا تَغْلِيظَ، وَإِنْ عُدِمَتْ، وَقُلْنَا تَجِبُ قِيمَتُهَا فَلَا تَغْلِيظَ أَيْضًا، وَإِنْ قُلْنَا لَهَا بَدَلٌ مُقَدَّرٌ، وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُغَلَّظُ، وَقِيلَ تُغَلَّظُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. اهـ. وَالْمَذْهَبُ هُوَ الْمَنْصُوصُ، وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: فَإِنْ كَانَ خَطَأً فَقِيمَتُهَا قِيمَةُ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ أَخْمَاسًا، وَإِنْ كَانَ شِبْهَ عَمْدٍ فَقِيمَةُ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ أَثْلَاثًا وَيُعْتَبَرُ التَّخْفِيفُ وَالتَّغْلِيظُ.

[فَصْلٌ أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ عَلَى حَامِلٍ ثُمَّ أَنْكَرَ الْإِجْهَاضَ لِلْجَنِينِ]

(قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ هُنَا النِّسَاءُ) أَيْ الْمُتَمَحِّضَاتُ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى أَصْلِ الْجِنَايَةِ) فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ الْمُتَمَحِّضَاتُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسِيَاقُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ يَقْتَضِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحه.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَلْقَتْ جَنِينَيْنِ إلَخْ) ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْجَنِينَيْنِ حُرًّا وَالْآخَرُ رَقِيقًا بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ كُنْت حُبْلَى بِوَلَدَيْنِ فَأَحَدُهُمَا حُرٌّ فَالْعِتْقُ صَحِيحٌ وَيَضْمَنُ الْحُرَّ بِغُرَّةٍ وَالرَّقِيقُ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَوْ أَلْقَتْ جَنِينًا ثُمَّ أَعْتَقَهَا ثُمَّ أَلْقَتْ الْآخَرَ ضُمِنَ الْأَوَّلُ بِعُشْرِ قِيمَتِهَا لِسَيِّدِهَا وَالثَّانِي بِالْغُرَّةِ لِوَرَثَتِهِ

[بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ]

(بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ) لَمَّا كَانَتْ الْكَفَّارَةُ مِنْ مُوجِبَاتِ الْقَتْلِ خَتَمَ بِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>