للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَوَى بِيَدِهِ بِالتَّسْلِيمِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ أَبَا دَاوُد رَوَاهُ وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ «فَسَلَّمَ عَلَيْنَا» .

(وَصِيغَتُهُ رَدًّا وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ وَعَلَيْك السَّلَامُ لِلْوَاحِدِ (وَكَذَا لَوْ تَرَكَ الْوَاوَ) فَقَالَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهَا أَفْضَلَ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُ (فَإِنْ عَكَسَ) فِيهِمَا فَقَالَ وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ (جَازَ) وَكَفَى (فَإِنْ قَالَ وَعَلَيْكُمْ وَسَكَتَ) عَنْ السَّلَامِ (لَمْ يَجُزْ) إذْ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلسَّلَامِ وَقِيلَ يُجْزِئُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُقَالُ يُؤَيِّدُ الثَّانِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِ ذِمِّيٌّ لَمْ يَزِدْ فِي الرَّدِّ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَيْك وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ ثَمَّ السَّلَامُ عَلَى الذِّمِّيِّ بَلْ الْغَرَضُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ لِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ.

(وَهُوَ) أَيْ السَّلَامُ ابْتِدَاءً وَرَدًّا (بِالتَّعْرِيفِ أَفْضَلُ) مِنْهُ بِالتَّنْكِيرِ فَيَكْفِي سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْكُمْ سَلَامٌ وَإِنْ كَانَا مَفْضُولَيْنِ.

(وَزِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ) عَلَى السَّلَامِ (ابْتِدَاءً وَرَدًّا أَكْمَلُ) مِنْ تَرْكِهَا وَجَاءَ فِيهِ فِي الِابْتِدَاءِ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.

(وَإِنْ سَلَّمَ كُلٌّ) مِنْ اثْنَيْنِ تَلَاقِيًا (عَلَى الْآخَرِ مَعًا لَزِمَ كُلًّا) مِنْهُمَا (الرَّدُّ) عَلَى الْآخَرِ وَلَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ بِالسَّلَامِ (أَوْ مُرَتَّبًا كَفَى الثَّانِي سَلَامُهُ رَدًّا) نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ صَرَفَهُ عَنْ الْجَوَابِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِكَفَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُجِيبَ بِغَيْرِ سَلَامِهِ.

(وَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ كَفَاهُ) أَنْ يَقُولَ (وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ بِقَصْدِهِمْ) أَيْ بِقَصْدِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا كَمَا لَوْ صَلَّى عَلَى جَنَائِزَ صَلَاةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَكْفِهِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ.

(وَيُسَلِّمُ) نَدْبًا (الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَالْمَاشِي عَلَى الْوَاقِفِ وَالصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَ) الْجَمْعُ (الْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ فِي) حَالِ (التَّلَاقِي) فِي طَرِيقٍ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِالسَّلَامِ الْأَمَانُ وَالْمَاشِي يَخَافُ الرَّاكِبَ وَالْوَاقِفُ يَخَافُ الْمَاشِي فَأَمَرَ بِالِابْتِدَاءِ لِيَحْصُلَ مِنْهُمَا الْأَمْنُ وَلِلْكَبِيرِ وَالْكَثِيرِ زِيَادَةُ مَرْتَبَةٍ فَأَمَرَ الصَّغِيرَ وَالْقَلِيلَ بِالِابْتِدَاءِ تَأَدُّبًا فَلَوْ تَلَاقَى مَاشٍ وَكَثِيرُ رَاكِبٍ تَعَارَضَا.

(وَإِنْ عُكِسَ) بِأَنْ سَلَّمَ الْمَاشِي عَلَى الرَّاكِبِ وَالْوَاقِفُ عَلَى الْمَاشِي وَالْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَثِيرُ عَلَى الْقَلِيلِ (لَمْ يُكْرَهْ) وَإِنْ كَانَ خِلَافَ السُّنَّةِ، وَذِكْرُ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِي سَلَامِ الْكَبِيرِ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ.

(وَكُلُّهُمْ يُسَلِّمُ) فِيمَا إذَا وَرَدُوا عَلَى قَاعِدٍ (عَلَى الْقَاعِدِ مُطْلَقًا) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ثُمَّ هَذَا الْأَدَبُ فِيمَا إذَا تَلَاقَيَا أَوْ تَلَاقَوْا فِي طَرِيقٍ فَأَمَّا إذَا وَرَدُوا عَلَى قَاعِدٍ أَوْ عَلَى قُعُودٍ فَإِنَّ الْوَارِدَ يَبْدَأُ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا انْتَهَى وَكَالْقَاعِدِ الْوَاقِفُ وَالْمُضْطَجِعُ.

(وَيُكْرَهُ تَخْصِيصُ الْبَعْضِ) مِنْ الْجَمْعِ بِالسَّلَامِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْمُؤَانَسَةُ وَالْأُلْفَةُ وَفِي تَخْصِيصِ الْبَعْضِ إيحَاشُ الْبَاقِينَ وَرُبَّمَا صَارَ سَبَبًا لِلْعَدَاوَةِ.

[فَرْعٌ السَّلَامُ لِلنِّسَاءِ]

(فَرْعٌ وَيُسَنُّ) السَّلَامُ (لِلنِّسَاءِ) مَعَ بَعْضِهِنَّ وَغَيْرِهِنَّ (لَا مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ) أَفْرَادًا وَجَمْعًا.

(فَيَحْرُمُ) السَّلَامُ عَلَيْهِمْ (مِنْ الشَّابَّةِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا) خَوْفَ الْفِتْنَةِ (وَيُكْرَهَانِ) أَيْ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ وَرَدُّهُ (عَلَيْهَا) نَعَمْ لَا يُكْرَهُ سَلَامُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ مِنْ الرِّجَالِ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يُخَفْ فِتْنَةٌ ذَكَرَهُ فِي الْأَذْكَارِ وَذِكْرُ حُرْمَةِ وَكَرَاهَةِ ابْتِدَائِهَا بِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ.

(لَا عَلَى جَمْعِ نِسْوَةٍ أَوْ عَجُوزٍ) أَيْ لَا يُكْرَهُ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ وَرَدُّهُ عَلَيْهِنَّ لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ بَلْ يُنْدَبُ الِابْتِدَاءُ بِهِ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهِنَّ وَعَكْسُهُ وَيَجِبُ الرَّدُّ لِذَلِكَ وَذِكْرُ الِابْتِدَاءِ مِنْهُنَّ مَا عَدَا الْعَجُوزَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُسْتَثْنَى عَبْدُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَمِثْلُهُ كُلُّ مَنْ يُبَاحُ نَظَرُهُ إلَيْهَا كَمَمْسُوحٍ.

(وَلَوْ سَلَّمَ بِالْعَجَمِيَّةِ جَازَ إذَا فَهِمَ) الْمُخَاطَبُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ (وَوَجَبَ الرَّدُّ) ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى سَلَامًا.

(وَلَا يَبْدَأُ بِهِ) أَيْ بِالسَّلَامِ (فَاسِقًا وَ) لَا (مُبْتَدِعًا عَلَى الْمُخْتَارِ إلَّا لِعُذْرٍ) كَخَوْفٍ مِنْ مَفْسَدَةٍ وَالتَّرْجِيحُ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي مَسْأَلَةِ الْفَاسِقِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ الرَّدِّ عَلَى الْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ وَقَدْ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُسَلِّمَ عَلَيْهِمَا وَلَا يَرُدَّ عَلَيْهِمَا السَّلَامَ كَمَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.

(وَفِي وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَى الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ) إذَا سَلَّمَا (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ عِبَادَةٌ وَهِيَ لَا تُقْصَدُ مِنْهُمَا.

(وَيَحْرُمُ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ) الشَّخْصُ (ذِمِّيًّا) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ.

(فَإِنْ بَانَ) مَنْ سَلَّمَ هُوَ عَلَيْهِ (ذِمِّيًّا فَلْيَقُلْ لَهُ اسْتَرْجَعْت سَلَامِي) تَحْقِيرًا لَهُ كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ والَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ وَالْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِمَا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَرِدَّ سَلَامَهُ بِأَنْ يَقُولَ: رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُوحِشَهُ وَيُظْهِرَ لَهُ أَنْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أُلْفَةٌ وَرُوِيَ أَنَّ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ صَرَفَهُ عَنْ الْجَوَابِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَوْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ وَالرَّدَّ فَكَذَلِكَ فَيَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ أَوَّلًا

(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ) دَفْعَةً أَوْ مُرَتِّبًا وَلَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ بَيْنَ سَلَامِ الْأَوَّلِ وَالْجَوَابِ (قَوْلُهُ: كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ) قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ هَذَا إذَا سَلَّمُوا دَفْعَةً أَمَّا لَوْ سَلَّمُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَكَانُوا كَثِيرِينَ فَلَا يَحْصُلُ الرَّدُّ لِكُلِّهِمْ إذْ قَدْ مَرَّ أَنَّ شَرْطَ حُصُولِ الرَّدِّ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْفَوْرِ قَالَ وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ غَيْرُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِقَصْدِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا) أَوْ بِقَصْدِ الرَّدِّ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: عَلَى الْوَاقِفِ) أَيْ وَالْقَاعِدِ

(قَوْلُهُ لَا مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ) بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ وَلَا مَحْرَمِيَّةٌ وَلَا تَكُونُ أَمَتَهُ وَلَا سَيِّدَتَهُ

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهَانِ عَلَيْهَا) أَيْ إنْ لَمْ يَخْشَ الْفِتْنَةَ وَإِلَّا فَيَحْرُمَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخُنْثَى مَعَ الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ مَعَهَا وَمَعَ الرَّجُلِ كَالْمَرْأَةِ مَعَهُ ش (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً) ذَكَرَهُ فِي الْأَذْكَارِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى عَبْدُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُبْدَأُ بِهِ فَاسِقًا) أَيْ مُتَجَاهِرًا بِفِسْقِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ يَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمَنْعُ) أَيْ إلَّا أَنْ يُخَافَ مِنْ تَرْكِهِ شَرٌّ فَيَجِبُ دَفْعًا لِلشَّرِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ عَلَيْهِمَا اهـ قَالَ فِي الْخَادِمِ جَزَمَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ السَّلَامُ عَلَيْهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>