للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكْفِي قَوْلُهُ لَا أَعْلَمُ مِنْهُ إلَّا خَيْرًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُعْرَفُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ وَلَا قَوْلُهُ لَا أَعْلَمُ مِنْهُ مَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُ مَا يُوجِبُ الْقَبُولَ أَيْضًا

(فَصْلُ يُسْتَحَبُّ) لِلْقَاضِي (قَبْلَ التَّزْكِيَةِ أَنْ يُفَرِّقَ شُهُودًا ارْتَابَ بِهِمْ) أَوْ تَوَهَّمَ غَلَطَهُمْ لِخِفَّةِ عَقْلٍ وَجَدَهَا فِيهِمْ (وَيَسْأَلُهُمْ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمْ (عَنْ زَمَانِ التَّحَمُّلِ) لِلشَّهَادَةِ عَامًا وَشَهْرًا وَيَوْمًا وَغَدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً (وَ) عَنْ (مَكَانِهِ) مَحَلَّةً وَسِكَّةً وَدَارًا أَوْ صِفَةً أَوْ صَحَّحْنَا (وَ) عَنْ (مَنْ حَضَرَ) مَعَهُ مِنْ الشُّهُودِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيَسْأَلُهُ أَتُحْمَلُ وَحْدَهُ أَمْ مَعَ غَيْرِهِ (وَ) عَنْ (مَنْ كَتَبَ) شَهَادَتَهُ مَعَهُ (وَبِأَيِّ مِدَادٍ كَتَبُوا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأَنَّهُ كَتَبَ بِحِبْرٍ أَوْ بِمِدَادٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِيَسْتَدِلَّ عَلَى صِدْقِهِمْ إنْ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ وَإِلَّا فَيَقِفُ عَنْ الْحُكْمِ وَإِذَا جَاءَ بِهِ أَحَدُهُمْ لَمْ يَدَعْهُ يَرْجِعُ إلَى الْبَاقِينَ حَتَّى يَسْأَلَهُمْ لِئَلَّا يُخْبِرَهُمْ بِجَوَابِهِ (فَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ التَّفْصِيلِ) وَرَأَى أَنْ يَعِظَهُمْ وَيُحَذِّرَهُمْ عُقُوبَةَ شَهَادَةِ الزُّورِ (وَعَظَهُمْ) وَحَذَّرَهُمْ (فَإِنْ أَصَرُّوا) عَلَى شَهَادَتِهِمْ وَلَمْ يُفَصِّلُوا (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْقَضَاءُ) إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَبْقَى مِنْ رِيبَةٍ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ لَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ اطَّلَعَ عَلَى عَوْرَةٍ اسْتَغْنَى عَنْ الاستزكاء وَالْبَحْثِ عَنْ حَالِهِمْ وَإِلَّا فَإِنْ عَرَفَهُمْ بِالْعَدَالَةِ قَضَى وَإِلَّا اسْتَزْكَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَهُمْ فَجْأَةً قَبْلَ أَنْ يَفْهَمُوا عَنْهُ ذَلِكَ فَيَحْتَالُوا فَيَجْعَلُ كُلَّ وَاحِدٍ بِمَكَانٍ بِمُفْرَدِهِ كَمَا صَنَعَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَإِنْ لَمْ يُرَتِّبْ) بِهِمْ وَلَا تَوَهَّمَ غَلَطَهُمْ (فَلَا يُفَرِّقُهُمْ وَلَوْ طَلَبَ) مِنْهُ (الْخَصْمُ) تَفْرِيقَهُمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَضًّا مِنْهُمْ

(فَصْلُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْجَرْحِ) ، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَكْثَرَ لِزِيَادَةِ عِلْمِ الْجَارِحِ (إلَّا إنْ شَهِدَتْ الثَّانِيَةُ بِتَوْبَتِهِ مِمَّا جَرَحَ بِهِ) فَتُقَدَّمُ عَلَى الْأُولَى؛ لِأَنَّ مَعَهَا حِينَئِذٍ زِيَادَةَ عِلْمٍ (وَلَوْ عُدِّلَ) الشَّاهِدُ فِي وَاقِعَةٍ ثُمَّ شَهِدَ فِي أُخْرَى (وَطَالَ) بَيْنَهُمَا (زَمَنٌ اسْتَبْعَدَهُ الْقَاضِي) بِاجْتِهَادِهِ (طَلَبَ تَعْدِيلَهُ ثَانِيًا) ؛ لِأَنَّ طُولَ الزَّمَنِ يُغَيِّرُ الْأَحْوَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَطُلْ (وَلَوْ عَدَّلَ فِي مَالٍ قَلِيلٍ فَهَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ) أَيْ بِتَعْدِيلِهِ الْمَذْكُورِ (فِي) شَهَادَتِهِ بِالْمَالِ (الْكَثِيرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَدَالَةَ لَا تَتَجَزَّأُ أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَتَجَزَّأُ (وَجْهَانِ) قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ فَمَنْ قُبِلَ فِي دِرْهَمٍ يُقْبَلُ فِي أَلْفٍ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَقَرَّهُ (وَلَوْ عُدِّلُوا عِنْدَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَمْ يَعْمَلْ بِهَا) أَيْ بِشَهَادَتِهِمْ إذَا عَادَ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (إذْ لَيْسَ هَذَا قَضَاءً بِعِلْمٍ) بَلْ بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ خَارِجَ وِلَايَتِهِ وَقِيلَ يَعْمَلُ بِهَا إنْ جَوَّزْنَا الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَالتَّرْجِيحُ مَعَ التَّعْلِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ الثَّانِيَ مُحْتَجًّا لَهُ بِقَوْلِ الْأَصْلِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ وَسَوَاءٌ مَا عَلِمَهُ فِي زَمَنِ وِلَايَتِهِ وَمَكَانِهَا وَمَا عَلِمَهُ فِي غَيْرِهِمَا وَمَا قَالَهُ مَرْدُودٌ بِمَا عَلَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ) ؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ وَمَنْعُ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ) (وَهُوَ جَائِزٌ) بِشَرْطِهِ الْآتِي لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِنْدَ خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» ، وَهُوَ قَضَاءٌ مِنْهُ عَلَى زَوْجِهَا، وَهُوَ غَائِبٌ وَلَوْ كَانَ فَتْوَى لَقَالَ لَك أَنْ تَأْخُذِي أَوْ لَا بَأْسَ عَلَيْك أَوْ نَحْوَهُ وَلَمْ يَقُلْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

اشْتِرَاطٌ عَلَيْهِ فَقَطْ وَيُشِيرُ إلَيْهِ أَوْ يُسَمِّيهِ أَوْ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ مِنْ قَرَابَةٍ اُتُّجِهَ اشْتِرَاطٌ لَهُ فَقَطْ وَيُشِيرُ إلَيْهِ أَوْ يُسَمِّيهِ وَإِنْ لُوحِظَ الِاحْتِيَاطُ اشْتِرَاطُ لِي وَلِلْمَشْهُودِ لَهُ وَعَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. اهـ.

[فَصْلُ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي قَبْلَ التَّزْكِيَةِ أَنْ يُفَرِّقَ شُهُودًا ارْتَابَ بِهِمْ]

(فَصْلٌ قَوْلُهُ يُسْتَدَلُّ عَلَى صَدَّقَهُمْ) قِيلَ أَوَّلُ مَنْ فَرَّقَ الشُّهُودَ دَانْيَالَ وَقِيلَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ التَّفْصِيلِ إلَخْ) مَحَلُّ عَدَمِ تَعَيُّنِ التَّفْصِيلِ عَلَى الشَّاهِدِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَفُتْ بِذَلِكَ حَقٌّ مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ بُضْعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْصِلْ لَفَاتَ بِذَلِكَ حَقُّ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ لَا مَحَالَةَ غ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَهُمْ فَجْأَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلُ تَقْدِيم بَيِّنَةُ الْجَرْحِ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ]

(قَوْلُهُ تَقَدُّمُ بَيِّنَةُ الْجَرْحِ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ) لِأَنَّهُ عَلِمَ مَا خَفِيَ عَلَى الْمُعَدِّلِ وَلِأَنَّهُ مُثْبِتٌ وَالْمُعَدِّلُ نَافٍ وَالْإِثْبَاتُ أَوْلَى مِنْ النَّفْيِ وَيُشَبَّهُ ذَلِكَ بِمَا إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْحَقِّ وَبَيِّنَةٌ بِالْإِبْرَاءِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ شَهِدَتْ الثَّانِيَةُ بِتَوْبَتِهِ مِمَّا جُرِحَ بِهِ) فَتُقَدَّمُ الْأُولَى كَأَنْ جَرَّحَهُ اثْنَانِ بِبَلَدٍ ثُمَّ انْتَقَلَ لِأُخْرَى فَعَدَّلَهُ اثْنَانِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَتَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ وَقَيَّدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنْ يَعْرِفَ الْمُعَدِّلَانِ مَا جَرَى مِنْ جَرْحِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ وَاضِحٌ وَكَلَامُ الْجُرْجَانِيِّ ظَاهِرٌ فِيهِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ عُدِّلُوا وَطَالَ زَمَنٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الشُّهُودِ الْمُرَتَّبِينَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَمَّا هُمْ فَلَا يَجِبُ طَلَبُ التَّعْدِيلِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْطُلْ) الْمَرْجِعُ فِي قُرْبِ الزَّمَانِ وَبُعْدِهِ إلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ فَيَعْتَمِدُ الْقَاضِي مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ) (قَوْلُهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ) وَالْإِجْمَاعِ بِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تَكُونُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْخَصْمِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ، وَهُوَ قَضَاءٌ مِنْهُ عَلَى زَوْجِهَا) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ هَذَا حُكْمٌ مِنْهُ بِالنَّفَقَةِ وَأَبُو سُفْيَانَ لَيْسَ بِحَاضِرٍ وَلَمْ يُنْتَظَرْ حُضُورُهُ وَهَذَا تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ لَكِنْ ذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا بِمَكَّةَ وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ كَانَتْ بِمَكَّةَ وَأَبُو سُفْيَانَ حَاضِرٌ فِي يَوْمِ الْفَتْحِ وَشَرْطُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يَغِيبَ عَنْ الْبَلَدِ أَوْ يَسْتَتِرَ فَلَا وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الشَّرْطُ فِي أَبِي سُفْيَانَ مَوْجُودًا فَلَا يَكُونُ قَضَاءً بَلْ إفْتَاءً اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا هُوَ الْمُتَّضِحُ وَكَيْفَ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ وَلَمْ يُحَلِّفْهَا وَلَمْ يُقَدِّرْ مَا حَكَمَ بِهِ لَهَا وَتُجْرِي دَعْوَى عَلَى مَا شَرَطُوهُ وَاسْتَدَلَّ ابْنُ خُزَيْمَةَ بِحُكْمِهِ عَلَى الْعُرَنِيِّينَ الَّذِينَ قَتَلُوا الرُّعَاةَ وَحُكْمِهِ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ بِأَنْ يَقْسِمَ أَوْلِيَاءُ عَبْدِ اللَّهِ وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>