للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكِتَابَةِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ عِتْقِهِ (الثُّلُثَ) عَتَقَ قَدْرُهُ (وَبَقِيَ الْبَاقِي مُكَاتَبًا) ، فَإِذَا أَدَّى قِسْطَهُ عَتَقَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ سَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ إذَا دَبَّرَ عَبْدًا وَبَاقِي مَالِهِ غَائِبٌ لَا يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الْمَالِ وَلَا يَعْتِقُ ثُلُثُهُ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ فِي تَنْجِيزِ الْعِتْقِ تَنْفِيذًا لِلتَّبَرُّعِ قَبْلَ تَسَلُّطِ الْوَرَثَةِ عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يُنَجِّزْ الْعِتْقَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ مِثْلَاهُ وَلِأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْبَاقِي وَالنُّجُومُ قَدْ تَكُونُ مُؤَجَّلَةً إلَى مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ فَالْمَذْكُورُ إنَّمَا يَجِيءُ عَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ بَابِ الْمُعَارَضَاتِ وَامْتِنَاعُ الْوَرَثَةِ مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَ وُجُودِ مِلْكِ الْمُكَاتَبِ فِي حَوْزَتِهِمْ لَا يَمْنَعُ عِتْقَ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ فِي الْمُكَاتَبِ بِتَعْجِيزِهِ وَعِنْدَ عَجْزِهِ وَبِمُطَالَبَتِهِ بِالنُّجُومِ عِنْدَ حُلُولِهَا بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ فَإِنَّهُمْ لَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ بِوَجْهٍ.

(وَإِنْ مَاتَ، وَقَدْ دَبَّرَ مُكَاتَبًا عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ عِنْدِي لَا تَبْطُلُ (وَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ كَمَنْ أَعْتَقَ مُكَاتَبًا) لَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَكَمَا لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْكِتَابَةِ بِالْإِعْتَاقِ فَكَذَا بِالتَّدْبِيرِ قَالَ أَعْنِي ابْنَ الصَّبَّاغِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِالْبُطْلَانِ زَوَالَ الْعَقْدِ دُونَ سُقُوطِ أَحْكَامِهِ وَلَمْ يُصَحِّحْ الْأَصْلُ مِنْ الْمَقَالَتَيْنِ شَيْئًا وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّحِيحُ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَأَوَّلَ التَّأْوِيلَ الْمَذْكُورَ وَذَكَرَ الْأَصْلُ الْمَسْأَلَةَ آخِرَ الْحُكْمِ الرَّابِعِ مِنْ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ صَحَّحَ فِيمَنْ أَحْبَلَ مُكَاتَبَةً، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا أَنَّهَا تَعْتِقُ عَنْ الْكِتَابَةِ لَا عَنْ الْإِيلَادِ حَتَّى يَتْبَعَهَا وَلَدُهَا وَكَسْبُهَا، ثُمَّ قَالَ وَأَجْرَى هَذَا الْخِلَافَ فِي تَعْلِيقِ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ بِصِفَةٍ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّاجِحَ فِي التَّدْبِيرِ أَنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِحْبَالِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى حَيْثُ لَمْ تَبْطُلْ الْكِتَابَةُ بِالْإِيلَادِ مَعَ كَوْنِهِ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ عِتْقِهِ (الثُّلُثَ) عَتَقَ قَدْرُهُ (وَبَقِيَ الْبَاقِي مُكَاتَبًا) كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَإِنْ أَدَّى النُّجُومَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ، وَلَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ أَوْ عَجَّزَهُ سَيِّدُهُ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ وَبَقِيَ التَّدْبِيرُ.

(وَبَيْعُ مَنْ خَرِسَ) مُدَبَّرُهُ بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ (رُجُوعٌ) عَنْ تَدْبِيرِهِ (إنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ) أَوْ كَانَ لَهُ كِتَابَةٌ (وَإِلَّا فَلَا وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى) مِنْ الْعَبْدِ (بِالتَّدْبِيرِ وَالتَّعْلِيقِ) لِعِتْقِهِ بِصِفَةٍ (عَلَى السَّيِّدِ) فِي حَيَاتِهِ (وَالْوَرَثَةِ) بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ نَاجِزَانِ (وَيَحْلِفُونَ) أَيْ الْوَرَثَةُ (يَمِينَ) نَفْيِ (الْعِلْمِ) بِذَلِكَ وَيَحْلِفُ السَّيِّدُ عَلَى الْبَتِّ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي ذَلِكَ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّ إنْكَارَ السَّيِّدِ التَّدْبِيرَ لَيْسَ بِرُجُوعٍ وَإِلَّا لَا غَنَاءَ عَنْ الْحَلِفِ وَلَكَانَ رُجُوعًا بِاللَّفْظِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ (وَيُقْبَلُ عَلَى الرُّجُوعِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ) أَوْ وَامْرَأَتَانِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ (لَا عَلَى التَّدْبِيرِ) بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَهُوَ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا.

(فَرْعٌ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ) مُعْتَبَرٌ (مِنْ الثُّلُثِ) بَعْدَ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ يَلْزَمُ بِالْمَوْتِ فَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْإِعْتَاقَ فِي الْمَرَضِ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ مُنَجَّزٌ وَلَازِمٌ لَا رُجُوعَ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ فَالتَّدْبِيرُ أَوْلَى أَنْ يُعْتَبَرَ مِنْهُ، فَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِلتَّرِكَةِ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ، وَإِنْ كَانَ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ نِصْفَهُ بِيعَ نِصْفُهُ فِي الدَّيْنِ وَيَعْتِقُ ثُلُثُ الْبَاقِي مِنْهُ (فَإِنْ قَالَ هُوَ حُرٌّ قَبْلَ مَرَضِ مَوْتِي بِيَوْمٍ، وَإِنْ مِتُّ فَجْأَةً فَقَبْلَ مَوْتِي بِيَوْمٍ وَمَاتَ بَعْدَ التَّعْلِيقَيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ.

(وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ وَمَالُهُ) أَيْ بَاقِيهِ (غَائِبٌ) عَنْ بَلَدِ الْوَرَثَةِ أَوْ كَانَ (عَلَى مُعْسِرٍ) أَوْ جَاحِدٍ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ مُمَاطِلٍ أَوْ مُتَعَزِّزٍ (لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى يَقَعَ) أَيْ يَصِلَ (لِلْوَرَثَةِ) مِنْ الْمَالِ (الْغَائِبِ مِثْلَاهُ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ عِنْدِي لَا تَبْطُلُ) الرَّاجِحُ عَدَمُ بُطْلَانِ الْكِتَابَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الْوَلَدُ وَالْكَسْبُ (قَوْلُهُ كَمَنْ أَعْتَقَ مُكَاتَبًا) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْعِتْقِ بِالتَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ قَالَ أَعْنِي ابْنَ الصَّبَّاغِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى فِي الْبَحْرِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَنْطَبِقُ عَلَى مَا أَبْدَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ احْتِمَالًا لِنَفْسِهِ مَا أَوْرَدَهُ هُوَ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْإِمَامُ هُنَا فِي مَسْأَلَةِ إحْبَالِ الْمُكَاتَبَةِ بِأَنَّ السَّيِّدَ إذَا مَاتَ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَيَتْبَعُهَا كَسْبُهَا وَوَلَدُهَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إذَا وَقَعَ بِالْكِتَابَةِ لَا يَبْطُلُ حُكْمُهَا كَمَا لَوْ بَاشَرَهَا بِهِ، وَإِذَا كَانَ الِاسْتِيلَادُ الْقَوِيُّ لَا يُبْطِلُ أَحْكَامَ الْكِتَابَةِ إذَا حَصَلَ الْعِتْقُ بِسَبَبِهِ فَالتَّدْبِيرُ الَّذِي هُوَ ضَعِيفٌ بِذَلِكَ أَوْلَى. اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْجَمَّالُ فِي شَرْحِهِ لِلتَّنْبِيهِ وَاَلَّذِي تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ إلَّا أَنَّهَا تَبْطُلُ أَحْكَامُهَا حَتَّى تَعُودَ أَكْسَابُهُ إلَى السَّيِّدِ كَمَا قَالَ فِي الْمُكَاتَبَةِ إذَا اسْتَوْلَدَهَا السَّيِّدُ وَمَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا مَالَ الْكِتَابَةِ أَنَّهَا تَعْتِقُ بِالِاسْتِيلَادِ وَيَعُودُ الْكَسْبُ إلَى السَّيِّدِ قُلْت وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ أَثْبَتَ لِلْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ سَبَبَيْنِ يُفْضِيَانِ إلَى الْعِتْقِ بِسَبْقِهِمَا وَلَا كَذَلِكَ إنْشَاءُ عِتْقِ السَّيِّدِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّا نُؤَاخِذُهُ بِهِ وَنَجْعَلُهُ كَتَأْدِيَةِ الْكَاتِبِ مَالَ الْكِتَابَةِ حَتَّى يَأْخُذَ الْمُكَاتَبُ كَسْبَهُ بِخِلَافِ مَوْتِ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ مُؤَاخَذَةٌ بَلْ إذَا حَصَلَ الْعِتْقُ بِالْمَوْتِ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ الصَّحِيحُ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) قَدْ مَرَّ أَنَّ وَلِيَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) أَنَّ إنْكَارَ السَّيِّدِ التَّدْبِيرَ لَيْسَ بِرُجُوعٍ وَجَعَلَهُ فِي الدَّعَاوَى رُجُوعًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمَذْكُورُ هُنَا هُوَ الصَّوَابُ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ اهـ وَتَبِعَهُ عَلَى التَّصْوِيبِ جَمَاعَةٌ

[فَرْعٌ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ]

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ وَلَا مَالَ لَهُ سَوَاءٌ عَتَقَ ثُلُثُهُ) هَذَا إذَا مَاتَ عَنْ وَارِثٍ خَاصٍّ فَلَوْ لَمْ يَخْلُفْ وَارِثًا سِوَى بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ لَا يَمْلِكُ سِوَاهُ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الثُّلُثُ بَلْ يَعْتِقُ جَمِيعُهُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمُسْلِمِينَ ثُلُثَاهُ ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>