للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَعْبِيرُهُ فِيهَا وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْأَكْثَرِينَ الشَّامِلِ لِلْقَرِيبِ مَعَ تَعْبِيرِهِ قَبْلَ بِمَا يَشْمَلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْبَعِيدِ إذْ لَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ مَنْ ذُكِرَ مَكْرُوهَةٌ مُطْلَقًا (بَلْ الِانْفِرَادُ هُنَا أَفْضَلُ) مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ هَؤُلَاءِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، لَكِنْ فِي مَسْأَلَةِ الْحَنَفِيِّ فَقَطْ وَمِثْلُهَا الْبَقِيَّةُ بَلْ أَوْلَى، لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ كَلَامُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ هَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الدَّمِيرِيِّ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ الْمَسْجِدَانِ (فِي الْجَمَاعَةِ) قَدَّمَ مَا يَسْمَعُ نِدَاءَهُ وَإِلَّا (، فَالْأَقْرَبُ) مَسَافَةً لِحُرْمَةِ الْجِوَارِ (ثُمَّ مَا انْتَفَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ) عَنْ مَالِ بَانِيهِ وَوَافَقَهُ م يَتَخَيَّرُ نَعَمْ إنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مُتَرَتِّبًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَهَابُهُ إلَى الْأَوَّلِ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ مُؤَذِّنَهُ دَعَاهُ أَوَّلًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ اسْتَوَيَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ.

(فَرْعٌ يُدْرِكُ) الْمَسْبُوقُ (فَضْلَ الْجَمَاعَةِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّلَامِ) مِنْ الْإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَهُ بِأَنْ سَلَّمَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ لِإِدْرَاكِهِ رُكْنًا مَعَهُ، لَكِنَّهُ دُونَ فَضْلِ مَنْ يُدْرِكُهَا مِنْ أَوَّلِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُدْرِكْ فَضْلَهَا بِذَلِكَ لَمُنِعَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ زِيَادَةً بِلَا فَائِدَةٍ وَمُقْتَضَاهُ إدْرَاكُ فَضْلِهَا، وَإِنْ فَارَقَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ وَلَا يَخْفَى كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهَا لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ سُبِقَ) شَخْصٌ (فِي الْجَمَاعَةِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ وَرَجَا جَمَاعَةً) وَلَوْ بِمَسْجِدٍ آخَرَ (أَخَّرَ) نَدْبًا (لِيُدْرِكَ الْكُلَّ) أَيْ كُلَّ الصَّلَاةِ (مَعَ) الْجَمَاعَةِ (الْأُخْرَى) ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ جَمَاعَةً، وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ نُدِبَ لَهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا لِيُصَلُّوا جَمَاعَةً، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي نُسْخَةٍ قَبْلَ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَتُسَنُّ الْمُحَافَظَةُ عَلَى إدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (وَيُدْرِكُ فَضْلَ التَّكْبِيرَةِ بِشُهُودِهَا، وَالِاشْتِغَالِ بِالْمُتَابَعَةِ) عَقِبَهَا بِعَقْدِ صَلَاتِهِ لِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَخَبَرِ «مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُنْقَطِعًا (فَلَوْ أَبْطَأَ) بِالْمُتَابَعَةِ (لِوَسْوَسَةٍ) غَيْرِ ظَاهِرَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (عُذِرَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْطَأَ لِغَيْرِ وَسْوَسَةٍ وَلَوْ بِسَبَبٍ لِلصَّلَاةِ كَالطَّهَارَةِ، أَوْ لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْوَسْوَسَةَ فِي الْقِرَاءَةِ غَيْرُ عُذْرٍ فِي التَّخَلُّفِ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ لِطُولِ زَمَنِهَا، وَالتَّقْيِيدُ بِهَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَهَا) أَيْ التَّكْبِيرَةِ (لَمْ يَسْعَ) أَيْ لَمْ يُسْرِعْ نَدْبًا لِيُدْرِكَهَا بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ كَمَا لَوْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَائْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ، وَالْوَقَارُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ، أَوْ يَفْحُشْ التَّأْخِيرُ وَيَخْرُجْ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ. اهـ.

أَمَّا لَوْ خَافَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُسْرِعُ وَبِهِ صَرَّحَ الْفَارِقِيُّ بَحْثًا وَتَبِعَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُ الشَّامِلِ، وَالتَّتِمَّةِ، وَالْبَحْرِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ نَعَمْ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَخَشِيَ فَوَاتَهُ فَيُسْرِعُ كَمَا لَوْ خَشِيَ فَوَاتَ الْجُمُعَةِ، وَكَذَا لَوْ امْتَدَّ الْوَقْتُ وَكَانَتْ لَا تَقُومُ إلَّا بِهِ وَلَوْ لَمْ يُسْرِعْ لَتَعَطَّلَتْ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

(فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ التَّخْفِيفُ) لِلصَّلَاةِ (لَا بِتَرْكِ الْأَبْعَاضِ، وَالْهَيْئَاتِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ، وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الدَّمِيرِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا جَمَاعَةً، فَالْأَقْرَبُ إلَخْ) فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ يَسْمَعُ نِدَاءَ الْأَبْعَدِ دُونَ الْأَقْرَبِ لِحَيْلُولَةِ مَا يَمْنَعُ السَّمَاعَ أَوْ نَحْوِهَا، فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ ش.

[فَرْعٌ يُدْرِكُ الْمَسْبُوقُ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّلَامِ مِنْ الْإِمَامِ]

(قَوْلُهُ: تُدْرَكُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّلَامِ) لَوْ أَتَى بِالنِّيَّةِ، وَالتَّحَرُّمِ عَقِبَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَقَبْلَ تَمَامِهَا فَهَلْ يَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْجَمَاعَةِ نَظَرًا إلَى إدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا عَقَدَ النِّيَّةَ، وَالْإِمَامُ فِي التَّحَلُّلِ احْتِمَالَانِ جَزَمَ الْإِسْنَوِيُّ بِالْأَوَّلِ وَقَالَ إنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ وَأَبُو زُرْعَةَ فِي تَحْرِيرِهِ بِالثَّانِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَيُفْهِمُ قَوْلُ ابْنِ النَّقِيبِ فِي التَّهْذِيبِ أَخْذًا مِنْ التَّنْبِيهِ وَتُدْرَكُ بِمَا قَبْلَ السَّلَامِ أت وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِوَسْوَسَةٍ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ تُوَسْوَسُ الْمَأْمُومُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَنْ قَعَدَ يَتَكَلَّمُ بِجِوَارِ الْمُصَلِّي، وَكَذَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ جَهْرًا عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي بِجِوَارِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرِ ظَاهِرَةٍ) ؛ لِأَنَّ زَمَنَهَا قَصِيرٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْوَسْوَسَةَ فِي الْقِرَاءَةِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بِغَلَبَةِ الْوَسْوَسَةِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَنُدُورِهَا فِي غَيْرِهَا. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي الْأَفْعَالِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْأَقْوَالِ وَأَيْضًا قَدْ يُنْسَبُ هَذَا إلَى تَقْصِيرٍ حَيْثُ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْوَسْوَسَةَ وَلَمْ يَقْتَدِ بِمَنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ، أَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ هُوَ إمَامًا وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ لَعَلَّ الْمَذْكُورَ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ فِي الْوَسْوَسَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ غَيْرِ وَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ وَيَكُونُ طُولُ الزَّمَنِ هُوَ الْمُرَادُ بِالظُّهُورِ. وَالتَّخَلُّفُ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ طَوِيلٌ فَاسْتَوَيَا (قَوْلُهُ: لِطُولِ زَمَنِهَا) إذْ هُوَ الْمُرَادُ بِالظُّهُورِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَشِيَ فَوْتَهَا لَمْ يَسْعَ) لَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ السَّعْيِ مَنْعُ الْإِسْرَاعِ إذْ السَّعْيُ الْجَرْيُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ تَخْفِيف الْإِمَامِ فِي الصَّلَاة]

(قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ التَّخْفِيفُ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ التَّطْوِيلُ، وَالتَّخْفِيفُ مِنْ الْأُمُورِ الْإِضَافِيَّةِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ خَفِيفًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَادَةِ قَوْمٍ طَوِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِعَادَةِ آخَرِينَ قَالَ وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ لَا يَزِيدُ الْإِمَامُ فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ عَلَى ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ لَا يُخَالِفُ مَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَغْبَةَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ تَطْوِيلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>