للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُسَمَّاهُ إذَا كَانَتْ بِهِمَا بَلْ بِشِدَّتِهِمَا وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ وَصْفَهُمَا بِهَا لِلْعِلْمِ بِهَا مِنْ التَّوَقَانِ، وَقَضِيَّتُهُ حَذْفُهُمَا أَيْضًا لِذَلِكَ (فَيَتَخَلَّفُ) عَنْ الْجَمَاعَةِ نَدْبًا (لِيَتَفَرَّغَ) عَنْ الْحَدَثَيْنِ وَالرِّيحِ (وَيَكْسِرَ شَهْوَتَهُ فَقَطْ) فِي الْجُوعِ بِأَنْ يَأْكُلَ لُقَيْمَاتٍ تَكْسِرُ سَوْرَتَهُ. وَخَالَفَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَصَوَّبَ إكْمَالَ حَاجَتِهِ مِنْ الْأَكْلِ قَالَ: وَمَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ يَأْكُلُ لُقَمًا تَكْسِرُ سَوْرَةَ الْجُوعِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ (وَيَأْتِيَ عَلَى الْمَشْرُوبِ) كَاللَّبَنِ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُؤْتَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً (فَلَوْ خَشِيَ) بِتَخَلُّفِهِ (فَوَاتَ الْوَقْتِ صَلَّى) وُجُوبًا (مُدَافِعًا وَجَائِعًا) وَعَطْشَانَ وَلَا كَرَاهَةَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَبِعَجْزِهِ عَنْ لِبَاسٍ لَائِقٍ) بِهِ وَإِنْ وَجَدَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي خُرُوجِهِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَلِيقَ بِهِ بِأَنْ يَعْتَادَهُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ الْمَجْمُوعِ " لَائِقٍ " (وَخُرُوجِ الرُّفْقَةِ لِمُرِيدِ السَّفَرِ) الْمُبَاحِ لِمَشَقَّةِ تَخَلُّفِهِ (وَبِالْبَحْثِ عَنْ ضَالَّةٍ يَرْجُوهَا) بِتَخَلُّفِهِ عَنْ الْجَمَاعَةِ (وَبِالسَّعْيِ فِي اسْتِرْدَادِ مَغْصُوبٍ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَخْصِيصِ أَصْلِهِ ذَلِكَ بِغَصْبِ مَالِهِ (وَبِأَكْلِ نِيءِ) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ (بَصَلٍ وَنَحْوِهِ) كَثُومٍ وَكُرَّاثٍ وَفُجْلٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَكَلَ بَصَلًا أَوْ ثُومًا أَوْ كُرَّاثًا فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» وَفِي رِوَايَةٍ «الْمَسَاجِدَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» زَادَ الْبُخَارِيُّ قَالَ جَابِرٌ مَا أَرَاهُ يَعْنِي إلَّا نِيئَهُ وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ أَوْ فُجْلًا هَذَا إنْ (تَعَذَّرَ) أَيْ تَعَسَّرَ (زَوَالُ رِيحِهِ) بِغَسْلٍ وَمُعَالَجَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَسَّرْ وَخَرَجَ بِالنِّيءِ الْمَطْبُوخُ لِزَوَالِ رِيحِهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِالْبَخَرِ وَالصُّنَانِ الْمُسْتَحْكِمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَوَقَّفَ فِي الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِهِمَا لِأَنَّ التَّأَذِّي بِهِمَا أَشَدُّ مِنْهُ بِأَكْلِ الثُّومِ قَالَ وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَجْذُومَ وَالْأَبْرَصَ يُمْنَعَانِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَمِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَمِنْ اخْتِلَاطِهِمَا بِالنَّاسِ وَمِنْ الْأَعْذَارِ السِّمَنُ الْمُفْرِطُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَى فِيهِ خَبَرًا وَكَوْنُهُ مُتَّهَمًا كَمَا نُقِلَ عَنْ الذَّخَائِرِ وَزِفَافُ زَوْجَةٍ فِي الصَّلَوَاتِ اللَّيْلِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَسَمِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ جَعْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْذَارًا لِمَنْ لَا تَتَأَتَّى لَهُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِي بَيْتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ طَلَبُهَا لِكَرَاهَةِ الِانْفِرَادِ لِلرَّجُلِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا سُنَّةٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا أَعْذَارًا سُقُوطُ الْإِثْمِ عَلَى قَوْلِ الْفَرْضِ وَالْكَرَاهَةِ عَلَى قَوْلِ السُّنَّةِ لَا حُصُولُ فَضْلِهَا وَيُوَافِقُهُ جَوَابُ الْجُمْهُورِ عَنْ خَبَرِ مُسْلِمٍ «سَأَلَ أَعْمَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ بِبَيْتِهِ لِكَوْنِهِ لَا قَائِدَ لَهُ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَجِبْ» بِأَنَّهُ سَأَلَ هَلْ لَهُ رُخْصَةٌ فِي الصَّلَاةِ بِبَيْتِهِ مُنْفَرِدًا تُلْحِقُهُ بِفَضِيلَةِ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً فَقِيلَ: لَا. هَذَا كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ يُلَازِمُهَا وَإِلَّا فَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ، أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا» ، وَقَدْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ تَلْخِيصِ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ حُصُولَهُ إذَا كَانَ نَاوِيًا الْجَمَاعَةَ لَوْلَا الْعُذْرُ وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَفَّالِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَغَيْرُهُمَا وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ كَآكِلِ بَصَلٍ وَثُومٍ وَكَوْنِ خُبْزِهِ فِي التَّنُّورِ. وَكَلَامُ هَؤُلَاءِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَطَرٍ وَمَرَضٍ وَجَعْلِ حُصُولِهَا لَهُ كَحُصُولِهَا لِمَنْ حَضَرَهَا لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ فِي أَصْلِهَا لِئَلَّا يُنَافِيَهُ خَبَرُ الْأَعْمَى

(بَابُ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ فِي الصَّلَاةِ)

(لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَ كَافِرٍ) وَلَوْ مُخْفِيًا كُفْرَهُ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِصَلَاتِهِ (وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ (مَا لَمْ تُسْمَعْ مِنْهُ الشَّهَادَتَانِ) ، فَإِنْ سُمِعَتَا مِنْهُ، وَلَيْسَ بِعِيسَوِيٍّ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِهِمَا وَإِذَا لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ فَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، وَالْمُخْتَصَرِ، وَالْأَصْحَابُ لِإِفْسَادِهِ صَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ وَاسْتِهْزَائِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْإِسْلَامَ كَمَا قَالَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ أَيْ فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ يُعَزَّرْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدُ أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ (وَلَا) تَصِحُّ (خَلْفَ مَنْ عَلِمَهُ ارْتَكَبَ مُبْطِلًا) لَهَا (فِي اعْتِقَادِهِمَا كَمُحْدِثٍ وَمُتَنَجِّسٍ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الِارْتِبَاطِ بِالْبَاطِلِ مَعَ التَّقْصِيرِ (وَكَذَا فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَبِالسَّعْيِ فِي اسْتِرْدَادِ مَغْصُوبٍ) ، أَوْ فِي رَدِّ زَوْجَةٍ لَهُ نَشَزَتْ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةِ الْمَسَاجِدِ) وَيُكْرَهُ حُضُورُهُ عِنْدَ النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِالْبَخَرِ إلَخْ) قَدْ اُسْتُحْسِنَ تَعْبِيرُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ فِي التَّنْبِيهِ بِقَوْلِهِ، أَوْ خَافَ تَأَذِّي الْجَمَاعَةِ بِرَائِحَتِهِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ الْبَخَرَ، وَالصُّنَانَ الشَّدِيدَ، وَالْجِرَاحَاتِ الْمُنْتِنَةَ وَمَنْ دَاوَى جَسَدَهُ بِثُومٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّ أَهْلَ بَلَدٍ جَمِيعَهُمْ أَكَلُوا بَصَلًا وَنَحْوَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَتَعَذَّرَ زَوَالُ رَائِحَتِهِ فَهَلْ يُكْرَهُ حُضُورُهُمْ فَتَسْقُطُ عَنْهُمْ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا؟ يَجِبُ حُضُورُهُمْ وَصَلَاتُهُمْ الْجُمُعَةَ (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ فِي الْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ) ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ السُّقُوطِ ح (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ، وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِهِمَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الصَّوَابُ السُّقُوطُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ جَعْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْذَارًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ طَلَبُهَا) ، وَإِنْ حَصَلَ الشِّعَارُ بِغَيْرِهِ ح (قَوْلُهُ: لَا حُصُولُ فَضْلِهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ مِنْهُ عَجِيبٌ، وَقَدْ قَالَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا يُنْتَقَصُ ثَوَابُهُ عَنْ ثَوَابِهِ فِي حَالِ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ لِلْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا) ز أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَغَيْرُهُمَا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الْحَقُّ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ بَعْدَ كَلَامٍ بَسَطَهُ، وَالْحَقُّ أَنَّ مَعَ الْعُذْرِ الْمُسَوِّغِ يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ أَصْلِ الْجَمَاعَةِ لَا الْمُضَاعَفَةُ وَيَنْبَغِي تَنْزِيلُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى الْمُضَاعَفَةِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ عَلَى أَصْلِ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَبْقَى خِلَافٌ (قَوْلُهُ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[بَابُ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ فِي الصَّلَاةِ]

(بَابُ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْإِسْلَامَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ صِحَّةِ الِارْتِبَاطِ بِالْبَاطِلِ) مَنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ صِحَّةً مُغْنِيَةً عَنْ الْقَضَاءِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إلَّا الْمُقْتَدِيَ وَمَنْ لَا فَلَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>