للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِهِمَا يُبِيحُ اسْتِعْمَالَ الْإِنَاءِ الَّذِي كُلُّهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ فَضْلًا عَنْ الْمُضَبَّبِ بِهِ، وَفِي مَعْنَى الْإِنَاءِ فِيمَا ذُكِرَ الْبَابُ، وَالْخِلَالُ، وَنَحْوُهُمَا، وَاسْتَشْكَلَ حُرْمَةُ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ فِيمَا ذُكِرَ بِحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِمَا الْآتِي فِي بَابِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَلَامَ ثُمَّ فِي قِطْعَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا فِيمَا هُيِّئَ مِنْهُمَا لِذَلِكَ كَالْإِنَاءِ الْمُهَيَّأِ مِنْهُمَا لِلْبَوْلِ فِيهِ (وَسَمْرُ الدَّرَاهِمِ) فِي الْإِنَاءِ (لَا طَرْحُهَا فِيهِ كَالتَّضْبِيبِ) فَيَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ بِخِلَافِ طَرْحِهَا فِيهِ لَا يَحْرُمُ بِهِ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ مُطْلَقًا، وَلَا يُكْرَهُ، وَكَذَا لَوْ شَرِبَ بِكَفِّهِ، وَفِي أُصْبُعِهِ خَاتَمٌ أَوْ فِي فَمِهِ دَرَاهِمُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَكَذَا لَوْ شَرِبَ بِكَفِّهِ وَفِيهَا دَرَاهِمُ (فَإِنْ جَعَلَ لَهُ) أَيْ لِلْإِنَاءِ (حَلْقَةً) مِنْ فِضَّةٍ بِإِسْكَانِ اللَّامِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا (أَوْ سِلْسِلَةً فِضَّةً أَوْ رَأْسًا) مِنْهَا (جَازَ) لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْإِنَاءِ لَا يُسْتَعْمَلُ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَلَك مَنْعُهُ بِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ بِحَسَبِهِ، وَإِنْ سَلِمَ فَلْيَكُنْ فِيهِ خِلَافُ الِاتِّخَاذِ، وَخَرَجَ بِالْفِضَّةِ، وَالذَّهَبِ فَلَا يَجُوزُ مِنْهُ ذَلِكَ.

(بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ) أَيْ كَيْفِيَّتُهُ، وَهُوَ مِنْ الْوَضَاءَةِ، وَهِيَ الْحُسْنُ، وَفِي الشَّرْعِ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ مُفْتَتَحًا بِنِيَّةٍ، وَهُوَ بِضَمِّ الْوَاوِ الْفِعْلُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَبِفَتْحِهَا مَا يُتَوَضَّأُ بِهِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا فِيهِمَا وَقِيلَ بِضَمِّهَا كَذَلِكَ، وَلَهُ فُرُوضٌ، وَسُنَنٌ، وَشُرُوطٌ فَشُرُوطُهُ مَاءٌ مُطْلَقٌ، وَالْعِلْمُ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ، وَإِسْلَامٌ، وَتَمْيِيزٌ، وَمَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ الْوُضُوءِ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الصَّلَاةِ، وَعَدَمُ الْحَائِلِ، وَجَرْيُ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ، وَدُخُولُ الْوَقْتِ فِي وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ، وَالْعِلْمُ بِدُخُولِهِ، وَعَدَمُ الْمُنَافِي مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ، وَنِفَاسٍ، وَمَسِّ ذَكَرٍ، وَعَدَمُ الصَّارِفِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِدَوَامِ النِّيَّةِ لَوْ قَطَعَهَا فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ احْتَاجَ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ إلَى نِيَّةٍ جَدِيدَةٍ (، وَفُرُوضُهُ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ النِّيَّةُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَيْ الْأَعْمَالُ الْمُعْتَدُّ بِهَا شَرْعًا وَحَقِيقَتُهَا لُغَةً الْقَصْدُ، وَشَرْعًا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ، وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ كَمَا عُلِمَ، وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ، وَالْمَقْصُودُ بِهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ أَوْ تَمْيِيزُ رُتَبِهَا، وَشَرْطُهَا إسْلَامُ النَّاوِي، وَتَمْيِيزُهُ، وَعِلْمُهُ بِالْمَنْوِيِّ، وَعَدَمُ إتْيَانِهِ بِمَا يُنَافِيهَا بِأَنْ يَسْتَصْحِبَهَا حُكْمًا، وَوَقْتُهَا أَوَّلُ الْفُرُوضِ كَأَوَّلِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ هُنَا كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا الْمُقَارَنَةَ فِي الصَّوْمِ لِعُسْرِ مُرَاقَبَةِ الْفَجْرِ، وَتَطْبِيقِ النِّيَّةِ عَلَيْهِ، وَكَيْفِيَّتُهَا تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَبْوَابِ كَأَنْ يَنْوِيَ هُنَا رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ التَّطَهُّرَ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي (، وَتَجِبُ عِنْدَ غَسْلِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ) قِيلَ تَبِعَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ أَوَّلَ غَسْلِ الْوَجْهِ، وَهِيَ أَصَحُّ لِإِيهَامِ تِلْكَ اشْتِرَاطُ غَسْلِ الْوَجْهِ مِنْ أَوَّلِهِ لِمُقَارَنَةِ النِّيَّةِ أَوْ جَوَازِ خُلُوِّ غَسْلِ آخِرِهِ عَنْ النِّيَّةِ إنْ غَسَلَ آخِرَهُ أَوَّلًا، وَكِلَاهُمَا فَاسِدٌ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَرِدُ عَلَى التَّعْبِيرِ بِغَسْلِ أَوَّلِ الْوَجْهِ لَا عَلَى التَّعْبِيرِ بِغَسْلِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ كَمَا عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ وَالرَّوْضِ لِمُسَاوَاتِهِ فِي الْمَعْنَى لِعِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ فَالْعِبْرَةُ بِأَوَّلِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْهُ فَلَا يَكْفِي قَرْنُهَا بِمَا بَعْدَهُ لِخُلُوِّ أَوَّلِ الْمَغْسُولَاتِ وُجُوبًا عَنْهَا، وَلَا بِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ تَابِعَةٌ لِلْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ، وَلَوْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ فِي أَثْنَاءِ غَسْلِ الْوَجْهِ كَفَتْ، وَوَجَبَ إعَادَةُ الْمَغْسُولِ مِنْهُ قَبْلَهَا (وَتُجْزِئُ) عِنْدَ غَسْلِ ذَلِكَ (وَلَوْ مَعَ مَضْمَضَةٍ) ، وَإِنْ عَزَبَتْ النِّيَّةُ بَعْدَهُ سَوَاءٌ أَغَسَلَهُ بِنِيَّةِ الْوَجْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ لَا لِوُجُودِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ مَقْرُونًا بِالنِّيَّةِ لَكِنْ تَجِبُ إعَادَةُ غَسْلِ الْجُزْءِ مَعَ الْوَجْهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ، وَلَا تُجْزِئُ الْمَضْمَضَةُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِهَا عَلَى غَسْلٍ لِوَجْهٍ قَالَهُ الْقَاضِي مُجَلِّيٌّ فَالنِّيَّةُ لَمْ تَقْتَرِنْ فِيهِ بِمَضْمَضَةٍ حَقِيقِيَّةٍ.

(وَلَا تَصِحُّ نِيَّةٌ مِنْ كَافِرٍ) ، وَلَوْ أَصْلِيًّا لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لَهَا فَلَا يَصِحُّ تَطَهُّرُهُ (فَغُسْلُ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ) أَوْ النِّفَاسِ (وَالْمَجْنُونَةِ، وَالْمُسْلِمَةِ الْمُكْرَهَةِ) ، وَلَوْ بِغُسْلِ حَلِيلِهِنَّ لَهُنَّ عِنْدَ امْتِنَاعِهِنَّ مِنْهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَإِنَّمَا (يُبِيحُهُنَّ لِلزَّوْجِ) ، وَلِلسَّيِّدِ لِضَرُورَةِ حَقِّهِمَا (فَعَلَيْهَا) أَيْ الْأَخِيرَةِ الْإِعَادَةُ مُطْلَقًا (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ الْأَوَّلِيَّيْنِ (الْإِعَادَةُ عِنْدَ الْكَمَالِ) بِالْإِسْلَامِ، وَالْإِفَاقَةِ، وَلَوْ أَخَّرَ مِنْ الْحَيْضِ عَنْ الْمَجْنُونَةِ، وَالْمُكْرَهَةِ كَانَ أَوْلَى، وَيُشْتَرَطُ أَنْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ كَالْإِنَاءِ الْمُهَيَّأِ مِنْهُمَا لِلْبَوْلِ فِيهِ) فَإِنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِأَحْجَارِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَوَانِي وَلَا فِي اللُّبْسِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الْبَوْلِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهَا بَلْ الْخُيَلَاءُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَلَوْ مَسَحَ الْإِنْسَانُ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ بِسَبِيكَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَالِاسْتِنْجَاءُ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ أَوْ رَأْسٌ مِنْهَا جَازَ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ الصَّفْحَةُ مِنْ الْفِضَّةِ فَلَوْ كَانَ عَلَى هَيْئَةِ الْإِنَاءِ حَرُمَ قَطْعًا وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالضَّبَّةِ أَوْ يَبْنِي عَلَى الِاتِّخَاذِ ع قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ يَلْحَقُ بِجَوَازِ تَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ بِفِضَّةٍ جَوَازُ تَغْطِيَةِ الْعِمَامَةِ بِحَرِيرٍ بِجَامِعِ أَنَّ اسْتِعْمَالَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُحَرَّمٌ لِأَنَّا نَقُولُ تَغْطِيَةُ الْإِنَاءِ مُسْتَحَبٌّ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْعِمَامَةِ

[بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

قَالَ الْإِمَامُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ تَعَبُّدٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ لِأَنَّ فِيهِ مَسْحًا وَلَا تَنْظِيفَ فِيهِ وَكَانَ فَرْضُهُ مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَذَلِكَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَقِيلَ بِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ش وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَإِنَّمَا الَّذِي يَخْتَصُّ بِهَا الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ فِي الْآخِرَةِ. (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ» إلَخْ) وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ مَحْضَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهِ النِّيَّةُ كَالصَّلَاةِ فَخَرَجَ بِالْعِبَادَةِ الْأَكْلُ وَنَحْوُهُ وَبِالْفِعْلِيَّةِ الْآذَانُ وَالْخُطْبَةُ وَنَحْوُهُمَا وَبِالْمَحْضَةِ الْعِدَّةُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَنَحْوُهُمَا ش وَلِأَنَّهُ طَهَارَةٌ مُوجِبُهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ مُوجِبِهَا فَأَشْبَهَتْ التَّيَمُّمَ وَبِهِ خَرَجَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ وَحَقِيقَتُهَا لُغَةً إلَخْ) جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ حَقِيقَةُ حُكْمٍ مَحَلٌّ وَزَمَنٌ كَيْفِيَّةُ شَرْطٍ وَمَقْصُودٌ حَسَنٌ

(قَوْلُهُ وَوَقْتُهَا أَوَّلُ الْفُرُوضِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ كُلُّ عِبَادَةٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِأَوَّلِهَا إلَّا الصَّوْمَ وَالزَّكَاةَ وَالْكَفَّارَةَ انْتَهَى أَيْ وَالْأُضْحِيَّةُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ مَضْمَضَةٍ) أَيْ أَوْ اسْتِنْشَاقٍ. (قَوْلُهُ وَلَا تُجْزِئُ الْمَضْمَضَةُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) قَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا فِي الثَّانِي أَيْضًا. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَاضِي مُجَلِّيٌّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِمَا الْإِعَادَةُ عِنْدَ الْكَمَالِ) وَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ حِلِّ وَطْئِهَا بَعْدَ إسْلَامِهَا قَبْلَ إعَادَتِهَا الْغُسْلَ ضَعِيفٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا أَسْلَمَتْ بِالتَّبَعِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>