للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَه وَجَوَارِيَهُ بِالذَّهَبِ وَلَا يُخْرِجُ زَكَاتَهُ وَصَحَّ نَحْوُهُ عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا وَمَا وَرَدَ مِمَّا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ فَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ الْحُلِيَّ كَانَ مُحَرَّمًا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بِأَنَّ فِيهِ إسْرَافًا.

(وَلَوْ انْكَسَرَ) الْحُلِيُّ الْمُبَاحُ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَإِنْ دَارَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ (إنْ قَصَدَ) عِنْدَ عِلْمِهِ بِانْكِسَارِهِ (إصْلَاحَهُ وَأَمْكَنَ بِغَيْرِ سَبْكٍ وَصَوْغٍ) لَهُ بِأَنْ أَمْكَنَ بِالْإِلْجَامِ لِبَقَاءِ صُورَتِهِ وَقَصْدِ إصْلَاحِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ بَلْ قَصَدَ جَعْلَهُ تِبْرًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ كَنَزَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ أَحْوَجَ انْكِسَارُهُ إلَى سَبْكٍ وَصَوْغٍ وَإِنْ قَصَدَهُمَا فَتَجِبُ زَكَاتُهُ وَيَنْعَقِدُ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ انْكِسَارِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَلَا مُعَدٍّ لِلِاسْتِعْمَالِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ بِتَقْرِيرِي لَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِانْكِسَارِهِ إلَّا بَعْدَ عَامٍ أَوْ أَكْثَرَ فَقَصَدَ إصْلَاحَهُ لَا زَكَاةَ أَيْضًا لِأَنَّ الْقَصْدَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُرْصَدًا لَهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْوَسِيطِ فَلَوْ عَلِمَ انْكِسَارَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ حَتَّى مَضَى عَامٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ فَإِنْ قَصَدَ بَعْدَهُ إصْلَاحَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وُجُوبَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

(وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا حَرُمَ لِعَيْنِهِ كَالْأَوَانِي) مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ بِالْإِجْمَاعِ (وَلَا أَثَرَ لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِالصَّنْعَةِ) لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فَلَوْ كَانَ لَهُ إنَاءٌ وَزْنُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ اُعْتُبِرَ وَزْنُهُ لَا قِيمَتُهُ فَيُخْرِجُ خَمْسَةً مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يَكْسِرُهُ وَيُخْرِجُ خَمْسَةً أَوْ يُخْرِجُ رُبْعَ عُشْرِهِ مَشَاعًا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ إذَا أَوْجَبْنَا فِيهِ الزَّكَاةَ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ لَا وَزْنُهُ فَيُخْرِجُ رُبْعَ عُشْرِهِ مَشَاعًا ثُمَّ يَبِيعُهُ السَّاعِي بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَيُفَرِّقُ ثَمَنَهُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ يُخْرِجُ خَمْسَةً مَصُوغَةً قِيمَتُهَا سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ.

وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجُوزُ إخْرَاجُ سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ نَقْدًا وَلَا يَجُوزُ كَسْرُهُ لِلْأَدَاءِ مِنْهُ لِضَرَرِ الْجَانِبَيْنِ (وَ) تَجِبُ (فِيمَا حَرُمَ بِالْقَصْدِ) بِالْإِجْمَاعِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ قَصَدَ بِالْعُرُوضِ اسْتِعْمَالًا مُحَرَّمًا لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ هُنَا بِالْعَيْنِ (كَقَصْدِ الرَّجُلِ أَنْ يَلْبَسَ أَوْ يُلْبِسَ رَجُلًا حُلِيَّ امْرَأَةٍ) أَوْ أَنْ يُلْبِسَ امْرَأَةً حُلِيَّ رَجُلٍ كَسَيْفٍ وَمِنْطَقَةٍ (وَعَكْسُهُ) أَيْ كَقَصْدِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبِسَ أَوْ تَلْبِسُ امْرَأَةٌ حُلِيَّ رَجُلٍ أَوْ أَنْ تُلْبِسَ رَجُلًا حُلِيَّ امْرَأَةٍ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمَكْرُوهَ كَالْمُحَرَّمِ (وَكَذَا) تَجِبُ (فِي حُلِيٍّ اُتُّخِذَ لِلْكَنْزِ) لِلصَّرْفِ لَهُ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فَصَارَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ كَالدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ (لَا) إنْ اُتُّخِذَ (لِلُّبْسِ) مُبَاحٌ فَلَا تَجِبُ فِيهِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ عُلِمَا مِمَّا مَرَّ (أَوْ تِبْرٍ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ التِّبْرُ مَا كَانَ مِنْ الذَّهَبِ غَيْرَ مَضْرُوبٍ فَإِذَا ضُرِبَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَيْنٌ وَلَا يُقَالُ تِبْرًا لَا لِلذَّهَبِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ لِلْفِضَّةِ أَيْضًا انْتَهَى وَالْمُرَادُ هُنَا كِلَاهُمَا وَقَدْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ بِالتِّبْرَيْنِ وَقَوْلُهُ تِبْرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى حُلِيٍّ وَلَوْ عَطَفَهُ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى أَيْ وَتَجِبُ فِي تِبْرٍ (مَغْصُوبٍ صِيغَ) حُلِيًّا فَتَجِبُ زَكَاتُهُ عَلَى مَالِكِهِ وَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْمُحَرَّمِ صَنْعَتُهُ (فَيُزَكِّي مُحَرَّمَ الصَّنْعَةِ) أَمَّا (مَنْ بَعَّضَهُ بِالْكَسْرِ أَوْ بِشَرِكَةِ الْإِشَاعَةِ أَوْ) مِنْ غَيْرِهِ (بِوَزْنِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ أَيْ قَدْرِهَا (مِنْ نَوْعِهِ) لَا مِنْ نَوْعٍ آخَرَ دُونَهُ وَلَا مِنْ جِنْسٍ آخَرَ وَلَوْ أَعْلَى فَلَوْ كَانَ الْحُلِيُّ الْمُحَرَّمُ فِضَّةً وَأَخْرَجَ عَنْهُ مِنْ الذَّهَبِ مَا قِيمَتُهُ رُبْعُ عُشْرِ الْفِضَّةِ لَمْ يَجُزْ لِإِمْكَانِ تَسْلِيمِ رُبْعِهِ مَشَاعًا وَبَيْعِهِ بِالذَّهَبِ بَعْدَهُ وَلِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ.

[فَرْعٌ لَمْ يَقْصِدْ بِالْحُلِيِّ الَّذِي اتَّخَذَهُ كَنْزًا وَلَا اسْتِعْمَالًا أَوْ قَصَدَ إجَارَتَهُ]

(فَرْعٌ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِالْحُلِيِّ) الَّذِي اتَّخَذَهُ (كَنْزًا وَلَا اسْتِعْمَالًا) بِأَنْ أَطْلَقَ (أَوْ قَصَدَ إجَارَتَهُ مِمَّنْ لَهُ لُبْسُهُ فَكَالْمُسْتَعْمَلِ مُبَاحًا) فَلَا زَكَاةَ فِيهِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ فِي مَالٍ نَامٍ وَالنَّقْدُ غَيْرُ نَامٍ وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِالنَّامِي لِتَهْيِئَتِهِ لِلْإِخْرَاجِ وَبِالصِّيَاغَةِ بَطَلَ تَهَيُّؤُهُ لَهُ وَيُخَالِفُ قَصْدُ كَنْزِهِ لِصَرْفِهِ هَيْئَةَ الصِّيَاغَةِ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فَصَارَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ كَالدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَكَمَا لَوْ اتَّخَذَهُ لِيُعَيِّرَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْأُجْرَةِ كَأُجْرَةِ الْعَامِلَةِ (لَا إنْ وَرِثَهُ وَعَلِمَ) بِأَنَّهُ وَرِثَهُ (بَعْدَ الْحَوْلِ) فَتَجِبُ زَكَاتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إمْسَاكَهُ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ ثُمَّ حَكَى عَنْ وَالِدِهِ احْتِمَالَ وَجْهٍ فِيهِ إقَامَةً لِنِيَّةِ مُوَرِّثِهِ مَقَامَ نِيَّتِهِ وَيُشْكِلُ الْأَوَّلُ بِالْحُلِيِّ الَّذِي اتَّخَذَهُ بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي تِلْكَ اتِّخَاذًا دُونَ هَذِهِ وَالِاتِّخَاذُ مُقَرَّبٌ لِلِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ عَدَمِهِ.

(وَكُلَّمَا قَصَدَ) الْمَالِكُ بِالْحُلِيِّ الْمُبَاحِ الِاسْتِعْمَالَ (الْمُوجِبَ) لِلزَّكَاةِ بِأَنْ قَصَدَ بِهِ اسْتِعْمَالًا مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا (ابْتَدَأَ الْحَوْلُ) مِنْ حِينِ قَصَدَهُ (وَكُلَّمَا غَيَّرَهُ إلَى الْمُسْقِطِ) لَهَا بِأَنْ قَصَدَ بِهِ اسْتِعْمَالًا مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا ثُمَّ غَيَّرَ قَصْدَهُ إلَى الْمُبَاحِ (انْقَطَعَ) الْحَوْلُ.

(فَصْلٌ) فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْحُلِيِّ (الذَّهَبُ حَرَامٌ) اسْتِعْمَالُهُ وَاِتِّخَاذُهُ (عَلَى الرَّجُلِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ نَعَمْ إنْ صَدِئَ بِحَيْثُ لَا يُبَيَّنُ جَازَ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ قَطْعِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وُجُوبَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ الزَّكَاةُ فِيمَا حَرُمَ لِعَيْنِهِ]

(قَوْلُهُ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهَا إلَخْ) كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَنَقَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْعِلَّةَ بِالسَّبَائِكِ وَعَلَّلَهُ فِي الصَّغِيرِ بِأَنَّ الصِّيَاغَةَ لِلِاسْتِعْمَالِ غَالِبًا وَالظَّاهِرُ إفْضَاؤُهَا إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ لَا تُرَدُّ السَّبَائِكُ.

(قَوْلُهُ وَكُلَّمَا غَيَّرَهُ إلَى الْمُسْقِطِ انْقَطَعَ) قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ اتَّخَذَ الْحُلِيَّ لِاسْتِعْمَالٍ مُحَرَّمٍ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي الْمُبَاحِ فِي وَقْتٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ عَكَسَ فَفِي الْوُجُوبِ احْتِمَالَانِ وَإِنْ اتَّخَذَهُ لَهُمَا وَجَبَتْ قَطْعًا وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَقَوْلُهُ فَفِي الْوُجُوبِ احْتِمَالَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْجَهُ الِاحْتِمَالَيْنِ عَدَمُ الْوُجُوبِ نَظَرًا لِقَصْدِ الِابْتِدَاءِ فَإِنْ طَرَأَ عَلَى ذَلِكَ قَصْدٌ مُحَرَّمٌ ابْتَدَأَ لَهَا حَوْلًا مِنْ حِينَئِذٍ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْحُلِيّ]

(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ صَدِئَ بِحَيْثُ لَا يُبَيَّنُ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ) وَكَذَا مَيْلُ الذَّهَبِ لِحَاجَةِ التَّدَاوِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ وَطِرَازُ الذَّهَبِ إذَا حَالَ لَوْنُهُ وَذَهَبَ حُسْنُهُ يَلْتَحِقُ بِالذَّهَبِ إذَا صَدِئَ قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>