للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقْوَاتٌ بِلَا غَالِبٍ أَخْرَجَ مِنْهَا مَا شَاءَ) إذْ لَيْسَ تَعَيُّنُ الْبَعْضِ لِلْوُجُوبِ أَوْلَى مِنْ تَعَيُّنِ الْآخَرِ وَخَالَفَ تَعَيُّنُ الْأَصْلَحِ فِي اجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ ثَمَّ بِالْعَيْنِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذِهِ وَمِنْ عَدَمِ جَوَازِ تَبْعِيضِ الْمُخْرَجِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ بُرًّا مَخْلُوطًا بِشَعِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ تَخَيَّرَ إنْ كَانَ الْخَلِيطَانِ عَلَى السَّوَاءِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَجَبَ مِنْهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (وَالْأَعْلَى أَفْضَلُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُوتُ الْبَلَدِ مُجْزِئًا اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ بَلَدَانِ مُتَسَاوِيَانِ قُرْبًا أَخْرَجَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي غَالِبِ الْقُوتِ (غَالِبُ قُوتِ السَّنَةِ لَا) غَالِبُ قُوتِ (وَقْتِ الْوُجُوبِ) خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي وَسِيطِهِ وَلَمْ يَنْقُلْ الْأَصْلُ سِوَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ أَظْفَرْ بِهِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ غَرِيبٌ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالصَّوَابُ اعْتِبَارُ غَالِبِ قُوتِ السَّنَةِ وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ لَوْ اخْتَلَفَ الْقُوتُ بِالْأَوْقَاتِ فَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ إجْزَاءُ أَدْنَاهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ يُسَمَّى مُخْرِجًا مِنْ قُوتِ الْبَلَدِ قَالَ ابْنُ كَعْبٍ وَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ هُوَ الْقِيَاسُ عَلَى تَقْوِيمِ مَالِ التِّجَارَةِ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ حَالَ حَوَلَانَ الْحَوْلِ وَعَلَى الثَّمَنِ الْغَالِبِ حِينَ الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُمْ انْتَهَى وَتَبِعَهُمْ ابْنُ الْوَرْدِيُّ فِي بَهْجَتِهِ.

(فَصْلٌ) لَوْ (اشْتَرَى عَبْدًا فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ) لَيْلَةَ الْفِطْرِ (وَهُمَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ فَفِطْرَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ) بِأَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا (وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ) لَهُ الْمِلْكُ (وَإِنْ قُلْنَا بِالْوَقْفِ) لِلْمِلْكِ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا (فَعَلَى مَنْ يَئُولَ إلَيْهِ الْمِلْكُ) فِطْرَتُهُ (وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْغُرُوبِ) عَنْ رَقِيقٍ (فَفِطْرَةُ رَقِيقِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ) كُلٌّ بِقِسْطِهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ وَقْتَ الْوُجُوبِ (وَلَوْ) كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَ (اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ) فَإِنَّ عَلَيْهِمْ فِطْرَتَهُ وَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِهَا كَوْنُ الْمِلْكِ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ لِأَنَّهَا تَجِبُ مَعَ انْتِفَاءِ الْمِلْكِ فَمَعَ ضَعْفِهِ أَوْلَى (وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَنْ أَرِقَّاءَ (فَالْفِطْرَةُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ فِي التَّرِكَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّيْنِ) فَعَلَى الْمِيرَاثِ وَالْوَصَايَا بِالْأَوْلَى وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ فِي فَرْعٍ فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ لِزَكَاةِ الْمَوَاشِي.

(فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ وُجُوبِ فِطْرَةِ عَبْدٍ أَوْصَى بِهِ) لِغَيْرِهِ قَبْلَ وُجُوبِهَا (وَجَبَتْ فِي تَرِكَتِهِ) لِبَقَائِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى مِلْكِهِ (أَوْ) مَاتَ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ وُجُوبِهَا (وَقَبْلَ الْمُوصَى لَهُ) الْوَصِيَّةُ (وَلَوْ بَعْدَ وُجُوبِهَا فَالْفِطْرَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِقَبُولِهِ يَتَبَيَّنُ مِلْكُهُ مِنْ حِينِ مَوْتِ الصَّبِيِّ (وَإِنْ رَدَّ) الْوَصِيَّةَ (فَعَلَى الْوَارِثِ) فِطْرَتُهُ لِبَقَائِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى مِلْكِهِ (فَلَوْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ وَبَعْدَ الْوُجُوبِ فَوَارِثُهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ) فِي الْقَبُولِ وَالرَّدِّ (وَ) بَعْدَ الْقَبُولِ (يَقَعُ الْمِلْكُ لِلْمَيِّتِ وَفِطْرَتُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (فِي التَّرِكَةِ) إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ سِوَى الرَّقِيقِ (أَوْ يُبَاعُ جُزْءٌ مِنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ (تَرِكَةٌ) سِوَاهُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ أَوْ مَعَهُ فَالْفِطْرَةُ عَلَى وَرَثَتِهِ) عَنْ الرَّقِيقِ (إنْ قَبِلُوا) الْوَصِيَّةَ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ كَانَ فِي مِلْكِهِمْ.

[بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ]

[مستحقي الزَّكَاة ثَمَانِيَة أصناف]

[الْأَوَّل الْفُقَرَاء]

(بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ) أَيْ الزَّكَوَاتِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَشْعَارِهَا بِصِدْقِ بَاذِلِهَا وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] وَأَضَافَ فِيهَا الصَّدَقَاتِ إلَى الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى فَاللَّامُ الْمِلْكِ وَإِلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ بِفِي الظَّرْفِيَّةِ لِلْإِشْعَارِ بِإِطْلَاقِ الْمِلْكِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى وَتَقْيِيدِهِ فِي الْأَخِيرَةِ حَتَّى إذَا لَمْ يَحْصُلْ الصَّرْفُ فِي مَصَارِفِهَا اسْتَرْجَعَ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى عَلَى مَا يَأْتِي.

(أَهْلُ الزَّكَاةِ) أَيْ مُسْتَحِقُّوهَا أَصْنَافٌ (ثَمَانِيَةٌ الْأَوَّلُ الْفَقِيرُ وَهُوَ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ) مَطْعَمًا وَمَلْبَسًا وَمَسْكَنًا وَغَيْرَهُمَا مِمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَبِمَنْ فِي نَفَقَتِهِ لِخَبَرِ «لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي قُوَّةٍ يَكْتَسِبُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ (فَمَنْ يَحْتَاجُ عَشَرَةً وَلَا يَجِدُ) بِمِلْكِهِ أَوْ كَسْبِهِ (إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَقِيرٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَثَوْبٌ يَحْتَمِلُ بِهِ وَعَبْدٌ يَخْدُمُهُ) وَحِينَئِذٍ (فَيُعْطَى) مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ (وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا أَوْ يَسْأَلُ النَّاسَ) وَلَا يَسْلُبُهُ ذَلِكَ اسْمَ الْفَقْرِ قَالَ السُّبْكِيُّ فَلَوْ اعْتَادَ السُّكْنَى بِالْأُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَدْرَسَةِ فَالظَّاهِرُ خُرُوجُهُ عَنْ اسْمِ الْفَقِيرِ بِثَمَنِ الْمَسْكَنِ (وَمَنْ مَالُهُ غَائِبٌ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَتَبِعَهُمْ ابْنُ الْوَرْدِيُّ فِي بَهْجَتِهِ) وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ.

[فَصْلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَهُمَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ]

(بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ) ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ هَذَا الْبَابَ عَقِبَ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَالزَّكَاةِ يَتَوَلَّى الْإِمَامُ جَمْعَهُ وَتَفْرِقَتَهُ وَذَكَرَهُ فِي الْأُمِّ فِي آخِرِ الزَّكَاةِ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَتَبِعَهُمْ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ إنَّهُ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ أَهْلُ الزَّكَاةِ ثَمَانِيَةٌ) لِأَنَّهُ تَعَالَى أَضَافَ الصَّدَقَاتِ إلَيْهِمْ فَاللَّامُ التَّمْلِيكِ وَعَطَفَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِوَاوِ التَّشْرِيكِ فَاسْتَحَقَّهَا الْجَمِيعُ (قَوْلُهُ لِخَبَرٍ «لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ» ) يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مَعَ الْغِنَى الْعَامِلُ وَالْمُتَأَلَّفُ وَالْغَارِمُ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَالْغَازِي (قَوْلُهُ فَمَنْ يَحْتَاجُ عَشَرَةً إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ عَدِمَ أَكْثَرُ الْعَشَرَةِ فَفَقِيرٌ أَوْ أَقَلُّهَا فَمِسْكِينٌ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ ارْتَفَعَ حَالُهُ عَمَّا ذُكِرَ فِي الْفَقْرِ يُلْتَحَقُ بِالْمِسْكِينِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَثَوْبٌ يَتَجَمَّلُ بِهِ) أَيْ لَائِقَانِ بِهِ فَقَدْ قَيَّدَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْمَسْكَنَ بِاللَّائِقِ وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ يُشِيرُ إلَى تَقْيِيدِ الثَّوْبِ بِاللَّائِقِ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ خُرُوجُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>