للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ. وَإِنْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ، وَلَوْ بَعْدَ وُقُوفِهِ (فَأَدْرَكَ الْوُقُوفَ أَجْزَأَهُ عَنْ فَرْضِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مُعْظَمَ الْعِبَادَةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الْوُقُوفَ (وَ) لَكِنْ (يُعِيدُ السَّعْيَ) وُجُوبًا (بَعْدَ الطَّوَافِ) إنْ كَانَ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِيُوقِعَهُ حَالَ الْبُلُوغِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَدَامٌ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ أَيْضًا إذَا تَقَدَّمَ الطَّوَافُ أَوْ الْحَلْقُ وَأَعَادَهُ بَعْدَ إعَادَةِ الْوُقُوفِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجِبُ إعَادَتُهُ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (وَلَا دَمَ عَلَيْهِ) بِإِتْيَانِهِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ الْبُلُوغِ (وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ بَالِغًا) ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ، وَلَا إسَاءَةَ (وَالطَّوَافُ فِي الْعُمْرَةِ كَالْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ) قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِذَا بَلَغَ قَبْلَهُ أَجْزَأَتْهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ زَادَ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَذَا لَوْ بَلَغَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا وَوَقَعَ لِلْبُلْقِينِيِّ لِعَدَمِ وُقُوفِهِ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ - مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ لَكِنْ لَوْ بَلَغَ فِيهِ لَا يَكُونُ كَبُلُوغِهِ فِي الْوُقُوفِ؛ لِأَنَّ مُسَمَّى الْوُقُوفِ حَاصِلٌ بِمَا وُجِدَ بَعْدَ بُلُوغِهِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ، وَحَيْثُ أَجْزَأَهُ مَا أَتَى بِهِ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتِهِ وَقَعَ إحْرَامُهُ أَوَّلًا تَطَوُّعًا وَانْقَلَبَ عَقِبَ الْبُلُوغِ فَرْضًا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ.

وَفِيهِ عَنْ الدَّارِمِيِّ لَوْ فَاتَ الصَّبِيَّ الْحَجُّ وَبَلَغَ فَإِنْ بَلَغَ قَبْلَ الْفَوَاتِ فَعَلَيْهِ حِجَّةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ حِجَّتَانِ حِجَّةٌ لِلْفَوَاتِ وَحِجَّةٌ لِلْإِسْلَامِ وَيَبْدَأُ بِحِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ أَفْسَدَ الْحُرُّ الْبَالِغُ حَجَّهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ، ثُمَّ فَاتَهُ أَجْزَأَتْهُ حِجَّةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْفَوَاتِ وَالْقَضَاءِ، وَعَلَيْهِ فِدْيَتَانِ إحْدَاهُمَا لِلْإِفْسَادِ وَالْأُخْرَى لِلْفَوَاتِ (وَالْعِتْقُ) لِلرَّقِيقِ فِي أَثْنَاءِ النُّسُكِ (كَالْبُلُوغِ) لِلصَّبِيِّ فِيهِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا كَانَ قَضَاءً عَنْ وَاجِبٍ مِنْ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَفْسَدَهُ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْحُرِّيَّةِ بِأَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ هُوَ قَادِرٌ عَلَى فِعْلِهَا تَنْزِيلًا لِلْمُتَوَقَّعِ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ قُلْت الِانْبِغَاءُ الثَّانِي ظَاهِرٌ دُونَ الْأَوَّلِ قَالَ وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَنْ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّبِيِّ فِي حُكْمِهِ (وَلَوْ أَحْرَمَ ذِمِّيٌّ) الْأَوْلَى كَافِرٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَحْرَمَ، وَلَمْ يَعُدْ) إلَى الْمِيقَاتِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (لَزِمَهُ دَمٌ) ، وَإِنْ عَادَ فَلَا كَمُسْلِمٍ جَاوَزَهُ بِقَصْدِ النُّسُكِ نَعَمْ إنْ حَجَّ مِنْ سَنَةٍ أُخْرَى فَلَا دَمَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا أَعَادَ إحْرَامَهُ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ الْأَوَّلَ لَمْ يَنْعَقِدْ وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَكَالْكَافِرِ فِيمَا ذَكَرَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ (وَمَنْ طَيَّبَ أَوْ حَلَقَ صَبِيًّا) أَوْ مَجْنُونًا.

وَلَوْ لِحَاجَتِهِ (لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ) وَلِيًّا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا لِإِسَاءَتِهِ وَكَالتَّطْيِيبِ وَالْحَلْقِ مَا يُشْبِهُهُمَا مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ كَاللُّبْسِ وَالدُّهْنِ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ الْوَلِيُّ وَالْأَجْنَبِيُّ حَلَالَيْنِ فَإِنْ كَانَا مُحْرِمَيْنِ لَزِمَهُمَا فِدْيَتَانِ لَا يَنْبَغِي قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ أَلْجَأَهُ الْوَلِيُّ إلَى التَّطَيُّبِ أَوْ فَوَّتَهُ الْحَجَّ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْوَلِيِّ بِلَا خِلَافٍ وَمِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ.

(بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ) أَيْ الْمُحَرَّمَاتِ بِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا أَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ فَقَالَ لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ إلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ» زَادَ الْبُخَارِيُّ، وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ وَكَخَبَرِ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْقَمِيصِ وَالْأَقْبِيَةِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْخُفَّيْنِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ النَّعْلَيْنِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالسُّؤَالُ وَقَعَ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ عَمَّا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ فَأُجِيبَ بِمَا لَا يَلْبَسُ؛ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ بِخِلَافِ مَا يَلْبَسُ إذْ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي السُّؤَالُ عَمَّا لَا يَلْبَسُ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْجَوَابِ مَا يُحَصِّلُ الْمَقْصُودَ، وَإِنْ لَمْ يُطَابِقْ السُّؤَالَ صَرِيحًا (وَهِيَ) أَنْوَاعٌ (سَبْعَةٌ: الْأَوَّلُ اللُّبْسُ فَيَحْرُمُ سَتْرُ رَأْسِ الرَّجُلِ أَوْ بَعْضِهِ كَالْبَيَاضِ) الَّذِي

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

وَلَمْ يَذْكُرُوا الْحَلْقَ وَقِيَاسُ كَوْنِهِ نُسُكًا اشْتِرَاطُ الْإِفَاقَةِ فِيهِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْحَلْقِ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ فِعْلُ الْحَاجِّ فَلَوْ حُلِقَ رَأْسُهُ، وَهُوَ نَائِمٌ كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ قَالَ شَيْخُنَا فَعُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَرْدُودٌ.

[فَصْلٌ بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ وَلَوْ بَعْدَ وُقُوفِهِ فَأَدْرَكَ الْوُقُوفَ]

(قَوْلُهُ وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ إلَخْ) لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهِ، وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْمَوْقِفِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِمُضِيِّ الْمُعْظَمِ فِي حَالِ النُّقْصَانِ، وَيُخَالِفُ الصَّلَاةُ حَيْثُ تُجْزِئُهُ إذَا بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ تَتَكَرَّرُ بِخِلَافِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ يَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَالْكَافِرِ فِيمَا ذُكِرَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا إذَا جَاوَزَهُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ ابْنُ شُهْبَةَ وَابْنُ قَاسِمٍ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الدَّمِ فِي الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ إذْ هُوَ فِي مُجَاوَزَتِهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ لَا يَنْبَغِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ]

(بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ) عَدَّهَا فِي اللُّبَابِ وَأَصْلِهِ عِشْرِينَ شَيْئًا وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي التَّدْرِيبِ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّهَا عَشَرَةٌ يَعْنِي وَالْبَاقِيَةُ مُتَدَاخِلَةٌ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ سَتْرُ رَأْسِ الرَّجُلِ) إذَا غَطَّى رَأْسَهُ بِثَوْبٍ شَفَّافٍ تَبْدُو الْبَشَرَةُ مِنْهُ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوهُ فِي الصَّلَاةِ سَاتِرًا، وَلَوْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَاءَ الْكَدِرِ كَالصَّافِي، لَكِنَّهُ قَدْ عُدَّ الْمَاءُ الْكَدِرُ فِي الصَّلَاةِ سَاتِرًا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.

وَقَالَ الكوهكيلوني وَمَاءٌ، وَلَوْ كَدِرًا فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضَهُ) ضَبَطَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْبَعْضَ بِالْقَدْرِ الَّذِي يَقْصِدُ سَتْرَهُ لِغَرَضِ سَتْرِهِ الْعِصَابَةَ وَإِلْصَاقٌ لُصُوقُ شَجَّةٍ، وَأَبْطَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ شَدَّ خَيْطًا عَلَى رَأْسِهِ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يُقْصَدُ لِمَنْعِ الشَّعْرِ مِنْ الِانْتِشَارِ فَالْوَجْهُ الضَّبْطُ بِتَسْمِيَتِهِ سَاتِرًا، لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّ الصَّوَابَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ، وَلَا يَنْتَقِضُ بِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>