للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّبْعِ أَوْ بِعِظَامِ جَمِيعِ الْبَدَنَةِ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ عَقِيقَةً هُوَ السُّبْعُ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ تَأَتَّى قِسْمَتُهَا بِغَيْرِ كَسْرٍ فَاسْتِحْبَابُ تَرْكِ الْكَسْرِ يَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ إذْ مَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَلِلْعَقِيقَةِ فِيهِ حِصَّةٌ.

(فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ) قَالَتْ عَائِشَةُ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ مُتَكَافِئَتَيْنِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَيُجْزِئُ) عَنْ الْعَقِّ عَنْ الْغُلَامِ شَاةٌ (وَاحِدَةٌ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا» وَكَالشَّاةِ سُبُعُ بَدَنَةٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَأَدَّى بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَصْلُ السُّنَّةِ (وَ) عَنْ (الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ) لِمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّ السُّرُورَ بِهَا أَقَلُّ مِنْهُ بِالْغُلَامِ، وَكَالْجَارِيَةِ الْخُنْثَى عَلَى الْمُتَّجَهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعُقَّ (عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ السَّابِعِ وَالتَّمَكُّنِ) مِنْ الذَّبْحِ وَكَمَوْتِهِ بَعْدَ السَّابِعِ مَوْتُهُ قَبْلَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ.

(وَصَدْرُ النَّهَارِ) عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (أَوْلَى) بِالْعَقِّ فِيهِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَقُولَ الذَّابِحُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ اللَّهُمَّ لَكَ وَإِلَيْكَ عَقِيقَةُ فُلَانٍ) لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

(وَيُكْرَهُ لَطْخُ رَأْسِ الصَّبِيِّ بِدَمِهَا) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ فَأَهْرِيقُوا عَلَيْهِ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» بَلْ قَالَ الْحَسَنِ وَقَتَادَةُ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، ثُمَّ يُغْسَلُ لِهَذَا الْخَبَرِ (، وَلَا بَأْسَ بِالزَّعْفَرَانِ) أَيْ بِلَطْخِهِ بِهِ وَبِالْخَلُوقِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقِيلَ: بِاسْتِحْبَابِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ بُرَيْدَةَ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً، وَلَطَّخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَمِّيَهُ يَوْمَ السَّابِعِ) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (وَلَا بَأْسَ بِهَا قَبْلَهُ) وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ أَنَّ السُّنَّةَ تَسْمِيَتُهُ يَوْمَ السَّابِعِ أَوْ يَوْمَ الْوِلَادَةِ وَاسْتَدَلَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ وَحَمَلَ الْبُخَارِيُّ أَخْبَارَ يَوْمِ الْوِلَادَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَرَ الْعَقَّ وَأَخْبَارَ يَوْمِ السَّابِعِ عَلَى مَنْ أَرَادَهُ (حَتَّى السَّقْطُ) فَتُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهُ لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى سُمِّيَ بِاسْمٍ يَصْلُحُ لَهُمَا كَأَسْمَاءِ، وَهِنْدَ، وَهُنَيْدَةَ وَخَارِجَةَ وَطَلْحَةَ (وَأَنْ يَحْسُنَ اسْمُهُ وَأَفْضَلُهَا) أَيْ الْأَسْمَاءِ (عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّى ابْنَ أَبِي طَلْحَةَ عَبْدَ اللَّهِ وَقَالَ لِرَجُلٍ سَمِّ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ خَبَرَ «إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَحَسِّنُوا أَسْمَاءَكُمْ» وَرَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ «أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ» زَادَ أَبُو دَاوُد «وَأَصْدَقُهُمَا حَارِثٌ، وَهَمَّامٌ وَأَقْبَحُهُمَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ» (وَتُكْرَهُ) الْأَسْمَاءُ (الْقَبِيحَةُ وَمَا يَتَطَيَّرُ بِنَفْيِهِ) عَادَةً (كَنَجِيحٍ وَبَرَكَةَ) وَكَحَرْبٍ وَمُرَّةَ وَكُلَيْبٍ وَعَاصِيَةَ وَشَيْطَانٍ وَشِهَابٍ وَظَالِمٍ وَحِمَارٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ بِمَعْنَاهُ كَخَبَرِ «لَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ أَفْلَحَ، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا فَإِنَّك إذَا قُلْت أَثَمَّ هُوَ؟ قَالُوا: لَا» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّسْمِيَةُ بِسِتِّ النَّاسِ أَوْ الْعُلَمَاءِ وَنَحْوِهِ أَشَدُّ كَرَاهَةً وَقَدْ مَنَعَهُ الْعُلَمَاءُ بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ وَشَاهَانْ شَاهٍ (فَلْتُغَيَّرْ) أَيْ الْأَسْمَاءُ الْقَبِيحَةُ وَمَا يَتَطَيَّرُ بِنَفْيِهِ نَدْبًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ فَقِيلَ تُزَكِّي نَفْسَهَا فَسَمَّاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْنَبَ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيَّرَ اسْمَ عَاصِيَةَ وَقَالَ أَنْتِ جَمِيلَةٌ» .

(فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ) لِمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ (أَنْ يَحْلِقَ لَهُ يَوْمَ السَّابِعِ) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (بَعْدَ الذَّبْحِ) كَمَا فِي الْحَاجِّ (وَ) أَنْ (يَتَصَدَّقَ بِوَزْنِ الشَّعْرِ ذَهَبًا، وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ كَذَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ وَعَبَّرَ فِي الْمَجْمُوعِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ (فَفِيهِ) «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فَاطِمَةَ فَقَالَ زِنِي شَعْرَ الْحُسَيْنِ وَتَصَدَّقِي بِوَزْنِهِ فِضَّةً وَأَعْطِي الْقَابِلَةَ رِجْلَ الْعَقِيقَةِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَقِيسَ بِالْفِضَّةِ الذَّهَبُ وَبِالذَّكَرِ الْأُنْثَى، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الذَّهَبَ أَفْضَلُ مِنْ الْفِضَّةِ، وَإِنْ ثَبَتَ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ هِيَ الْمُتَيَسِّرَةُ إذْ ذَاكَ فَتَعْبِيرُهُمْ بِمَا ذُكِرَ بَيَانٌ لِدَرَجَةِ الْأَفْضَلِيَّةِ (وَأَنْ يُؤَذِّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَيُقِيمَ فِي الْيُسْرَى) ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحُسَيْنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِخَبَرِ ابْنِ السُّنِّيِّ «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَأَذَّنَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ فَاسْتِحْبَابُ تَرْكِ الْكَسْرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ]

(قَوْلُهُ وَعَنْ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ) إنَّمَا كَانَتْ الْأُنْثَى فِيهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الذَّكَرِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا اسْتِبْقَاءُ النَّفْسِ، فَأَشْبَهَتْ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِدَاءٌ عَنْ النَّفْسِ (قَوْلُهُ سُبْعُ بَدَنَةٍ) أَيْ أَوْ بَقَرَةٍ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ لَكِنْ قَالَ ابْنُ كَبْنٍ: الْخُنْثَى كَالذَّكَرِ فِي الشَّاتَيْنِ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ. اهـ. وَبِهِ جَزَمَ الْجَوْهَرِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لَطْخُ رَأْسِ الصَّبِيِّ بِدَمِهَا) مَا ذُكِرَ لَا يَسْتَقِيمُ تَفْرِيعُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ تَحْرِيمِ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ شَيْئًا مِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ كَسَقْيِ الْخَمْرِ وَإِدْخَالِهِ فَرْجَهُ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَشْبَهَ الْبَهِيمَةَ فَكَمَا يَجُوزُ سَقْيُهَا الْمَاءَ النَّجَسَ وَإِلْبَاسُهَا الْجِلْدَ النَّجَسَ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ سَقْيُهُ الْخَمْرَ وَإِيلَاجُ فَرْجِهِ فِي الْفَرْجِ الْمُحَرَّمِ لِئَلَّا يَعْتَادَ ذَلِكَ، وَهَذَا إنَّمَا يُتَّجَهُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَمَسَّ الدَّمَ بِيَدِهِ

(قَوْلُهُ وَحَمَلَ الْبُخَارِيُّ أَخْبَارَ يَوْمِ الْوِلَادَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ، وَهُوَ جَمْعٌ لَطِيفٌ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى السَّقْطَ) أَيْ إذَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ قَوْلُهُ (أَشَدُّ كَرَاهَةً) ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ، وَلَا تُعْرَفُ السِّتُّ إلَّا فِي الْعَدَدِ وَمُرَادُ الْعَوَامّ بِذَلِكَ سَيِّدَةٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ مَنَعَهُ الْعُلَمَاءُ بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ إلَخْ) أَيْ تَحْرُمُ التَّسْمِيَةُ بِهِ.

[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ أَنْ يَحْلِقَ لَهُ يَوْمَ السَّابِعِ]

(قَوْلُهُ وَأَنْ يُؤَذِّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَيُقِيمَ إلَخْ) وَيَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فِيهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>