للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلَّا إنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ) بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ (أَوْ أَسْلَمَ قَرِيبًا) فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِمَا أَوْ كَانَتْ الْمَرْهُونَةُ لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ، وَادَّعَى أَنَّهُ جَهِلَ تَحْرِيمَ وَطْئِهَا عَلَيْهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْأَصْحَابُ فِي الْحُدُودِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ (نَعَمْ يُصَدَّقُ) بِيَمِينِهِ (إنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي الْوَطْءِ) فِي (أَنَّهُ جَاهِلٌ بِتَحْرِيمِهِ) ، وَإِنْ نَشَأَ مُسْلِمًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إذْ قَدْ يَخْفَى التَّحْرِيمُ مَعَ الْإِذْنِ (فَيَسْقُطُ) بِهِ (الْحَدُّ) عَنْهُ (ثُمَّ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْحُرِّيَّةُ) لِلْوَلَدِ (وَالْمَهْرُ) لِلشُّبْهَةِ (إلَّا مَهْرَ مُطَاوِعَةٍ فِي وَطْئِهَا) عَالِمَةٍ بِتَحْرِيمِهِ فَلَا يَثْبُتُ لِأَنَّهُ لَا مَهْرَ لِبَغِيٍّ بِخِلَافِ الْمُكْرَهَةِ، وَالْجَاهِلَةِ بِالتَّحْرِيمِ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمَهْرِ حَيْثُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ حَقُّ الشَّرْعِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِذْنُ كَالْمُفَوَّضَةِ تَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ بِالدُّخُولِ مَعَ تَفْوِيضِهَا (وَتَجِبُ قِيمَةُ الْوَلَدِ) الْحَاصِلِ بِوَطْئِهِ لِلرَّاهِنِ لِتَفْوِيتِهِ الرِّقَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ يَعْتِقُ عَلَى الرَّاهِنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ، وَكَالْوَطْءِ بِالْجَهْلِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ كَأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ أَوْ أَمَتَهُ (وَإِذَا مَلَكَهَا) الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ إيلَادِهِ لَهَا (لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ لِأَنَّهَا عُلِّقَتْ بِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، وَلَوْ كَانَ أَبًا لِلرَّاهِنِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِالْإِيلَادِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي النِّكَاحِ (فَإِنْ ادَّعَى) بَعْدَ الْوَطْءِ (أَنَّهُ) كَانَ (اشْتَرَاهَا أَوْ اتَّهَبَهَا) مِنْ الرَّاهِنِ، وَقَبَضَهَا بِإِذْنِهِ فِي الثَّانِيَةِ (فَحَلَفَ الرَّاهِنُ) بَعْدَ إنْكَارِهِ (فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ) لَهُ كَأُمِّهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ (فَإِنْ مَلَكَهَا) الْمُرْتَهِنُ (صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ (لِإِقْرَارِهِ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ الرَّاهِنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ

(فَصْلٌ) (أَرْشُ الْمَرْهُونِ، وَقِيمَتُهُ إنْ ضَمِنَ) كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْجِنَايَةِ (رَهْنٌ) أَيْ مَرْهُونٌ بَدَلَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إقَامَةً لَهُ مُقَامَهُ، وَيُجْعَلُ بِيَدِ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ كَانَ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي) فَإِنَّهُ رَهْنٌ، وَإِنْ امْتَنَعَ رَهْنُ الدَّيْنِ ابْتِدَاءً إذْ يَحْتَمِلُ دَوَامًا مَا لَا يَحْتَمِلُ ابْتِدَاءً، وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي قِيمَةِ الْمَوْقُوفِ، وَقِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ حَيْثُ لَا تَصِيرُ الْأُولَى مَوْقُوفَةً، وَالثَّانِيَةُ أُضْحِيَّةً بِأَنَّ الْقِيمَةَ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَرْهُونَةً، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَوْقُوفَةً، وَلَا أُضْحِيَّةً ثُمَّ مَا يَشْتَرِي بِقِيمَةِ الْمَوْقُوفِ إنَّمَا يَصِيرُ مَوْقُوفًا بِإِنْشَاءِ، وَقْفٍ، وَمَا يَشْتَرِي بِقِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ يَصِيرُ أُضْحِيَّةً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْقِيمَةِ، وَبِنِيَّةِ كَوْنِهِ أُضْحِيَّةً إنْ اشْتَرَى بِمَا فِي الذِّمَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ الْوَقْفِ أَنَّ الْوَقْفَ يَحْتَاطُ لَهُ بِاشْتِرَاطِ بَيَانِ الْمَصْرِفِ، وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ، وَبَيْنَ شِقَّيْ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بِعَيْنِ الْقِيمَةِ كَانَتْ قَرِينَةً دَالَّةً عَلَى رِضَاهُ فَاكْتَفَى بِنِيَّتِهِ الْأُولَى بِخِلَافِ الشِّرَاءِ بِمَا فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ مَحِلُّ كَوْنِ مَا ذَكَرَ رَهْنًا فِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ الْجَانِي غَيْرَ الرَّاهِنِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِيرُ مَرْهُونًا إلَّا بِالْغُرْمِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِيمَا إذَا لَزِمَهُ قِيمَةُ مَا أَعْتَقَهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي كَوْنِهِ مَرْهُونًا فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِهِ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ، وَمَا ذُكِرَ فِي الْجِنَايَةِ مَحِلُّهُ إذَا نَقَصَتْ الْقِيمَةُ بِهَا، وَلَمْ يَزِدْ الْأَرْشُ فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ بِهَا كَأَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ أَوْ نَقَصَتْ بِهَا، وَكَانَ الْأَرْشُ زَائِدًا عَلَى مَا نَقَصَ مِنْهَا فَازَ الْمَالِكُ بِالْأَرْشِ كُلِّهِ فِي الْأُولَى، وَبِالزَّائِدِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ جَهْلُ تَحْرِيمِ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ يَعْنِي قَالَ ظَنَنْت أَنَّ الِارْتِهَانَ يُبِيحُ الْوَطْءَ وَإِلَّا فَكَدَعْوَى جَهْلِ تَحْرِيمِ الزِّنَا (قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَ قَرِيبًا) شَرْطُ قَرِيبِ الْإِسْلَامِ أَنْ لَا يَنْشَأَ بِبِلَادِنَا بَلْ قَدِمَ مِنْ بِلَادِ الْحَرْبِ مَثَلًا أَمَّا مَنْ يُخَالِطُنَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَهُوَ كَعَوَامِّنَا فِي رَفْعِ الْحَدِّ ع قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّا لَا نُكَلِّفُ أَهْلَ الذِّمَّةِ تَعَلُّمَ أَحْكَامِ الشَّرْعِ بِخِلَافِ عَوَامِّنَا فَيُحْكَمُ بِتَقْصِيرِهِمْ (قَوْلُهُ لِلشُّبْهَةِ) كَأَنْ كَانَتْ أَمَةَ فَرْعِهِ أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ جَاهِلَةً أَوْ نَائِمَةً أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ أَعْجَمِيَّةً أَوْ ظَنَّتْهُ زَوْجَهَا أَوْ سَيِّدَهَا وَإِنْ عَلِمَ الْحُرْمَةَ حُدَّ وَلَا أَثَرَ لِمَذْهَبِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَقَالَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي التَّعْلِيقِ وَالْغَزَالِيِّ فِي الْبَسِيطِ إنَّ الْحَدَّ لَا يُدْرَأُ بِالْمَذَاهِبِ وَإِنَّمَا يُدْرَأُ بِقُوَّةِ الْأَدِلَّةِ الَّتِي يَتَمَسَّكُ بِهَا (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ إلَخْ) الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ أَوْ اتَّهَبَهَا) أَوْ زَوَّجَهُ إيَّاهَا

[فَصْلٌ أَرْشُ الْمَرْهُونِ وَقِيمَتُهُ إنْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْجِنَايَةِ رَهْنٌ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ أَرْشُ الْمَرْهُونِ إلَخْ) شَمَلَ إطْلَاقُهُمْ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ الْمُرْتَهِنُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَفِي صَيْرُورَتِهَا رَهْنًا نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ رَهْنًا لَهُ وَقَوْلُهُ لَا يَكُونُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْقِيمَةَ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَرْهُونَةً إلَخْ) وَبِأَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِ الرَّهْنِ ثَابِتَةٌ لَهَا فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهَا وَعَلَى مَنْعِ الرَّاهِنِ مِنْ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا وَلَا مَعْنَى لِلرَّهْنِ إلَّا هَذَا فَلَا فَائِدَةَ فِي إنْشَاءِ رَهْنِهَا وَقَبْلَ الشِّرَاءِ لَمْ يَصِرْ الْبَدَلُ وَقْفًا وَلَا أُضْحِيَّةً وَقَدْ يَرَى النَّاظِرُ الْمَصْلَحَةَ فِي رَدِّهِ وَوَقْفِ غَيْرِهِ وَبِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ الْمُرَتَّبَةَ عَلَى الرَّهْنِ مَحْضُ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَالْمِلْكِ فِي الْوَقْفِ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّوْسِعَةِ (قَوْلُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي كَوْنِهِ مَرْهُونًا فِي ذِمَّتِهِ إلَخْ) هَذَا مَمْنُوعٌ إذْ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ مَاتَ فَلَا تُزَاحِمُهُ فِيهِ أَرْبَابُ الدُّيُونِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ قِيمَةَ الْعَتِيقِ تَكُونُ رَهْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُعْتِقِ.

(قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ غَيْرَهُ وَمَا أَظُنُّ أَنَّهُ يُوَافِقُ عَلَيْهِ وَيُطَالَبُ وَشَبَّهَهُ فِي الْأُولَى بِنَمَاءِ الرَّهْنِ وَهُوَ تَشْبِيهٌ مَرْدُودٌ فَإِنَّ النَّمَاءَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ عَقْدُ الرَّهْنِ بِخِلَافِ أَبْعَاضِ الْعَبْدِ وَقَالَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ إنَّ الْمُرْتَهِنَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِمَا يَضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَقَالَ ثَالِثًا إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَهَذَا مَمْنُوعٌ فَجَمِيعُ ذَلِكَ مَضْمُونٌ فِي الْغَصْبِ إلَّا مَا سَقَطَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَلَا نَقْصَ. اهـ. فَالرَّاجِحُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ وَهُوَ تَشْبِيهٌ مَرْدُودٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بَعْدَ هَذَا فَأَرْشُ الْبَكَارَةِ وَأَطْرَافُ الْعَبْدِ مَرْهُونَةٌ لِأَنَّهَا بَدَلُ جُزْءٍ مِنْ الْمَرْهُونِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إذَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِالْجِنَايَةِ أَمَّا لَوْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالْجِنَايَةِ كَمَا لَوْ قُطِعَ ذَكَرُ الْعَبْدِ فَفِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ يَفُوزُ بِهِ الرَّاهِنُ كَالثِّمَارِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ وَيَجْرِي اللَّفْظُ عَلَى إطْلَاقِهِ. اهـ. قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَرْدُودٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>