للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَأَمَّا الْأَرْضُ فَلَا حَاجَةَ فِي الْعَارِيَّةِ) لَهَا (إلَى بَيَانٍ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ) فِيهَا (مَتَى شَاءَ وَالْأَرْضُ تَحْمِلُ) مَا تَحْمِلُ (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا) لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهَا (وَجَبَ بَيَانُ مَوْضِعِ السَّاقِيَّةِ) وَهِيَ الْمُجْرَاةُ (وَطُولُهَا وَعَرْضُهَا وَعُمْقُهَا وَقَدْرُ الْمُدَّةِ) إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُقَدَّرَةً بِهَا وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِهَا كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ فَإِنْ بَقِيَ الْكَلَامُ عَلَى عُمُومِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَشْكَلَ بِذَلِكَ قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَوْ صَالَحَ عَلَى أَنْ يُجْرِيَ الْمَاءُ فِي سَاقِيَةٍ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَهِيَ إجَارَةٌ قَالَ فِي الْأُمِّ: وَيَجِبُ تَقْدِيرُ الْمُدَّةِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَتْ السَّاقِيَةُ مَحْفُورَةً، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَمْلِكُ الْحَفْرَ وَلِأَنَّ ذَلِكَ إجَارَةٌ لِسَاقِيَةٍ غَيْرِ مَوْجُودَةٍ فَاشْتِرَاطُهُ كَوْنَ السَّاقِيَةِ مَحْفُورَةً إنَّمَا ذُكِرَ فِي الْعَقْدِ عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ فِي سَاقِيَةٍ لَا فِي الْعَقْدِ عَلَى إجْرَائِهِ فِي أَرْضٍ كَمَا صَنَعَ الْأَصْلُ بَلْ وَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجَامِعُ اشْتِرَاطَ بَيَانِ مَوْضِعِ السَّاقِيَةِ وَطُولِهَا وَعَرْضِهَا وَعُمْقِهَا؛ فَلِهَذَا تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَوْلُ الشَّامِلِ: إنَّ هَذَا إجَارَةٌ يُخَالِفُهُ كَلَامُ الْكِفَايَةِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّهُ بَيْعٌ قَالَ سَوَاءٌ وَجَّهَ الْعَقْدَ إلَى الْحَقِّ بِأَنْ قَالَ: صَالَحْتُك عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ أَمْ إلَى الْعَيْنِ بِأَنْ قَالَ: صَالَحْتُك عَلَى مُسَبَّلِ الْمَاءِ وَالْأَوْجَهُ فِيمَا إذَا وَجَّهَهُ إلَى الْحَقِّ أَنَّهُ عَقْدٌ فِيهِ شَائِبَةُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَذَكَرَ الْأَصْلُ أَنَّهُ إنْ بَاعَهَا فَإِنْ قَالَ: بِعْتُك مَسِيلَ الْمَاءِ وَجَبَ بَيَانُ طُولِهَا وَعَرْضِهَا لَا عُمْقِهَا، أَوْ بِعْتُك حَقَّ مَسِيلِ الْمَاءِ فَكَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ، وَكَانَ الْمُصَنِّفُ تَرَكَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ.

(وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ) فِي الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا (دُخُولُ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا إلَّا لِلتَّنْقِيَةِ) لِلنَّهْرِ (وَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَرْضِهِ مَا يُخْرِجَهُ مِنْ النَّهْرِ) تَفْرِيغًا لِمِلْكِ غَيْرِهِ (وَلَيْسَ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي إجْرَاءِ) مَاءٍ (الْمَطَرِ) عَلَى السَّطْحِ (طَرْحُ الثَّلْجِ) عَلَيْهِ وَلَا أَنْ يَتْرُكَ الثَّلْجَ حَتَّى يَذُوبَ، وَيَسِيلَ إلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (وَلَا أَنْ يُجْرِيَ) فِيهِ (مَاءَ الْغُسَالَاتِ) لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ بَلْ (وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى طَرْحِ الثَّلْجِ عَلَيْهِ وَإِجْرَاءِ مَاءِ الْغُسَالَاتِ عَلَيْهِ بِمَالٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ، وَفِيهِمَا جَهَالَةٌ، وَفِي الْأَوَّلِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ (، وَمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي إلْقَاءِ الثَّلْجِ لَا يُجْرِي الْمَطَرَ) وَلَا غَيْرَهُ

(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ يُجْرِي مَاءً فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ كَانَ عَارِيَّةً قُبِلَ قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ.

[فَرْعٌ الْمُصَالَحَةُ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ وَطَرْحِ الْقُمَامَةِ]

(فَرْعٌ الْمُصَالَحَةُ عَلَى) بِمَعْنَى عَنْ (قَضَاءِ الْحَاجَةِ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ (وَطَرْحِ الْقُمَامَةِ) بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ الْكُنَاسَةِ وَلَوْ زِبْلًا (فِي مِلْكِ الْغَيْرِ عَلَى مَالِ إجَارَةٍ بِشُرُوطِهَا) الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ: عَقْدٌ فِيهِ شَائِبَةُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، أَوْ يُقَالَ: بَيْعٌ بِشَرْطِهِ، أَوْ إجَارَةٌ بِشَرْطِهَا، وَاغْتُفِرَ الْجَهْلُ بِذَلِكَ لِلْحَاجَةِ، وَتَعْبِيرُهُ فِي الْأُولَى بِالْمِلْكِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْحَشِّ (وَكَذَا) تَكُونُ الْمُصَالَحَةُ (عَلَى) بِمَعْنَى عَنْ (الْمَبِيتِ عَلَى سَقْفٍ) لِغَيْرِهِ بِمَالِ إجَارَةٍ بِشُرُوطِهَا، وَفِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا (وَلِمُشْتَرِي الدَّارِ) الَّتِي اسْتَأْجَرَ، أَوْ اشْتَرَى بَائِعُهَا حَقَّ إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِ غَيْرِهَا، أَوْ حَقَّ الْمَبِيتِ عَلَيْهِ (مَا لِبَائِعِهَا مِنْ إجْرَاءِ الْمَاءِ لَا الْمَبِيتِ) لِأَنَّ الْإِجْرَاءَ مِنْ مَرَافِقِ الدَّارِ بِخِلَافِ الْمَبِيتِ

(فَرْعٌ لَهُ تَحْوِيلُ أَغْصَانِ شَجَرَةٍ) لِغَيْرِهِ مَالَتْ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ الْخَاصِّ أَوْ الْمُشْتَرَكِ وَقَدْ (امْتَنَعَ الْمَالِكُ) لَهَا (مِنْ تَحْوِيلِهَا عَنْ هَوَائِهِ وَ) لَهُ (قَطْعُهَا) وَلَوْ (بِلَا) إذْنِ (قَاضٍ إنْ لَمْ تَتَحَوَّلْ) أَيْ لَمْ يُمْكِنْ تَحْوِيلُهَا، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: إنَّ مُسْتَحِقَّ مَنْفَعَةِ الْمِلْكِ بِوَصِيَّةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ إجَارَةٍ كَمَالِكِ الْعَيْنِ فِي ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ يُخَاصَمُ، وَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ إلَى تَعْبِيرِهِ بِهَوَائِهِ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَوْ صَالَحَ إلَخْ) مَا حَكَاهُ عَنْ الشَّامِلِ مِنْ وُجُوبِ الْحَفْرِ حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ وَالْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ فِيهِ إلَخْ) بَلْ هُوَ مُنَاسِبٌ لَهُ وَيُجَامِعُ الِاشْتِرَاطَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ بَيَانُ مَوْضِعِ السَّاقِيَةِ) أَيْ الْمُجْرَاةِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الشَّامِلِ: إنَّ هَذَا إجَارَةٌ يُخَالِفُهُ كَلَامُ الْكِفَايَةِ إلَخْ) هُوَ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْكِفَايَةِ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا عُقِدَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ جَارِيًا فِيمَا إذَا عُقِدَ بِلَفْظِ الصُّلْحِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ الشَّامِلِ عَلَى مَا إذَا عُقِدَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فَلَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ لَا عُمْقُهَا) ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ أَرْضًا مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا إلَى الْقَرَارِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ وَفِيهِمَا جَهَالَةٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا الْمَانِعُ مِنْهُ إذَا بَيَّنَ قَدْرَ الْجَارِي إذَا كَانَ عَلَى السَّطْحِ، وَبَيَّنَ مَوْضِعَ الْجَرَيَانِ إذَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ، وَالْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى الْبِنَاءِ فَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَبْنِي، وَغَسْلُ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِكُلِّ النَّاسِ أَوْ الْغَالِبِ، وَهُوَ بِلَا شَكَّ يَزِيدُ عَلَى حَاجَةِ الْبِنَاءِ فَمَنْ بَنَى حَمَّامًا وَبِجَانِبِهِ أَرْضٌ لِغَيْرِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ حَقَّ مَمَرِّ الْمَاءِ فَلَا تَوَقُّفَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ بَلْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ حَاجَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَرْضِ فَلَعَلَّ مُرَادَ الْمُتَوَلِّي مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ عَلَى السَّطْحِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي إلْقَاءِ الثَّلْجِ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ الْبَيَانُ فِي قَدْرِ مَا يُصِيبُ.

[فَرْعٌ كَانَ يُجْرِي مَاءً فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ كَانَ عَارِيَّةً]

(قَوْلُهُ: أَوْ يُقَالُ بِيعَ بِشَرْطِهِ) مَوْرِدُ الْبَيْعِ الْعَيْنُ لَا الْمَنْفَعَةُ، وَإِنَّمَا قِيلَ بِهِ فِي حَقِّ الْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْحَشِّ) أَيْ الْمِرْحَاضِ

(قَوْلُهُ فَرْعٌ لَهُ تَحْوِيلُ أَغْصَانِ شَجَرَةٍ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ تَحْوِيلِهَا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ قَطْعَهَا ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةِ مَالِكِهَا بِالْقَطْعِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ كَانَتْ يَابِسَةً لَا تَلِينُ جَازَ، وَلَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَتْ رَطْبَةً ضَمِنَ مَا نَقَصَ بِقَطْعِ الْغُصْنِ مِنْهَا وَحَيْثُ يَجُوزُ الْقَطْعُ فَتَوَلَّاهُ صَاحِبُ الدَّارِ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى مَالِكِ الْأَغْصَانِ بِأُجْرَةِ الْقَطْعِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ بِالتَّفْرِيغِ قَالَهُ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَنْتَقِلْ إلَيْهِ الدَّارُ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرَةِ أَوْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ قَبْلَ انْتِشَارِهَا عَلَى دَارِهِ فَإِنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ مِنْهُ بَعْدَ إشْرَافِهَا عَلَى دَارِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا تَزَالُ الشَّجَرَةُ؛ لِأَنَّهَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ مَعِيبَةً، وَمَنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَلَا حَقَّ لَهُ، وَكَذَا لَوْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ فِي ابْتِدَاءِ انْتِشَارِهَا عَلَى دَارِهِ ثُمَّ عَظُمَتْ حَتَّى أَضَرَّتْ وَلَوْ غَرَسَ غِرَاسًا فِي أَرْضٍ، وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا كَبِرَ انْتَشَرَتْ أَغْصَانُهُ إلَى مِلْكِ جَارِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ فِي الْحَالِ، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ حَفْرَ بِئْرٍ فِي مِلْكِهِ وَكَانَتْ نَدَاوَةُ الْبِئْرِ تَصِلُ إلَى حَائِطِ الْجَارِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ حَفْرِهَا (قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ يُخَاصِمُ) لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>