للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَهَادَتِهِمَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ (وَلَهُ الِامْتِنَاعُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ مُخَاصَمَتِهِ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِوَكَالَتِهِ (كَالْمَدْيُونِ) حَيْثُ (يَعْتَرِفُ لِلْوَكِيلِ) أَيْ لِمُدَّعِي الْوَكَالَةِ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ (وَلَا بَيِّنَةَ) فَإِنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ إقْبَاضِهِ الدَّيْنَ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَتَهُ بِوَكَالَتِهِ لِاحْتِمَالِ تَكْذِيبِ رَبِّ الدَّيْنِ لَهُ فِي الْوَكَالَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَفَائِدَةُ جَوَازِ الْمُخَاصَمَةِ مَعَ جَوَازِ الِامْتِنَاعِ مِنْهَا إلْزَامُ الْحَقِّ لِلْمُوَكِّلِ لَا دَفْعُهُ لِلْوَكِيلِ

قُلْت: وَلَعَلَّ مِنْ فَوَائِدِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِوَكَالَتِهِ لَا يَحْتَاجُ الْحَاكِمُ فِي إلْزَامِهِ الْخَصْمَ بِالدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ إلَى إعَادَةِ الدَّعْوَى أَمَّا لَوْ كَذَّبَهُ الْخَصْمُ فِي دَعْوَاهُ الْوَكَالَةَ فَلَا يُخَاصِمُهُ نَعَمْ لِمُدَّعِيهَا تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهَا قَالَهُ الْهَرَوِيُّ وَفَصَّلَ الْقَاضِي فَقَالَ: لَهُ تَحْلِيفُهُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْخُصُومَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الِاسْتِيفَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُ الْحَقِّ إلَيْهِ، وَكَلَامُ الْهَرَوِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْأَمْرَيْنِ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (وَلِلْوَكِيلِ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ فِي غَيْبَةِ الْخَصْمِ) وَلَوْ بِالْبَلَدِ (وَلَوْ لَمْ يَنْصِبْ الْقَاضِي مُسَخَّرًا) بِفَتْحِ الْخَاءِ يَنُوبُ عَنْ الْغَائِبِ لِيُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فِي وَجْهِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ تَقَدُّمُ دَعْوَى حَقِّ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْخَصْمِ فِي إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ عَلَيْهِ (وَلَا يَنْعَزِلُ مَنْ وُكِّلَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي) بِخُصُومَةٍ (بِانْقِضَائِهِ) أَيْ الْمَجْلِسِ (لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ عِنْدَ الْقَاضِي مَجْهُولًا) بِأَنْ لَمْ يُعْرَفْ اسْمُهُ، وَلَا نَسَبُهُ (وَغَابَ) عَنْهُ (أَثْبَتَ الْمُدَّعِي أَنَّ الَّذِي وَكَّلَهُ هُوَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ) لِتَجُوزَ مُخَاصَمَتُهُ عَنْهُ، وَالْحُكْمُ بِالدَّفْعِ لَهُ اعْتِمَادًا عَلَى ذِكْرِ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا عِنْدَ الْقَاضِي لَمْ يَحْتَجْ فِيمَا ذُكِرَ إلَى هَذَا الْإِثْبَاتِ قَالَ الْقَاضِي: وَإِذَا سَمِعَ الْقَاضِي دَعْوَى الْوَكِيلِ قَبْلَ إثْبَاتِهِ الْوَكَالَةَ ظَانًّا أَنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَثْبَتَ وَكَالَتَهُ اسْتَأْنَفَ الدَّعْوَى (وَلَوْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي الْمَالَ فِي وَجْهِ وَكِيلِ الْغَائِبِ فَحَضَرَ وَادَّعَى عَزْلَهُ) أَوْ أَنْكَرَ وَكَالَتَهُ (لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ

(فَصْلٌ) لَوْ (وَكَّلَهُ فِي بَيْعٍ) أَوْ شِرَاءٍ (فَاسِدٍ) كَأَنْ قَالَ: بِعْ، أَوْ اشْتَرِ إلَى وَقْتِ الْعَطَاءِ أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ (لَغَا) فَلَا يَمْلِكُ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ، وَلَا الْفَاسِدَ لِمَنْعِ الشَّرْعِ مِنْهُ لَا يُقَالُ: قَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ، وَتَصَرَّفَ الْوَكِيلُ صَحَّ تَصَرُّفُهُ فَلِمَ لَمْ يَصِحَّ هُنَا قُلْنَا هُنَاكَ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الشِّرَاءِ الصَّحِيحِ وَهُنَا نَهَاهُ عَنْهُ ضِمْنًا (أَوْ) وَكَّلَهُ (فِي الْخُلْعِ أَوْ الْعَفْوِ) أَيْ الصُّلْحِ (عَنْ الدَّمِ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا (فَفَعَلَ صَحَّ) الْخُلْعُ أَوْ الْعَفْوُ، وَفَسَدَ الْعِوَضُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْمُوَكِّلُ بَدَلَ الْبِضْعِ وَالدَّمِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (وَمَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ فِي الْأُولَى كَمَا لَوْ فَعَلَهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِوَضِ صَحِيحٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْخُلْعِ وَالْقِصَاصِ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ صَحَّ لَا أَنَّا نُصَحِّحُ التَّوْكِيلَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ عَلَى أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِالصِّحَّةِ تَوَسُّعًا سَلِمَ مِنْهُ تَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِالْحُصُولِ (فَلَوْ خَالَفَ) مُوَكِّلَهُ كَأَنْ وَكَّلَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى خَمْرٍ فَخَالَفَهُ (وَعَقَدَ عَلَى غَيْرِهِ) كَخِنْزِيرٍ أَوْ مَالٍ (لَغَا) لِلْمُخَالَفَةِ فَتَبْقَى الزَّوْجِيَّةُ وَالْقِصَاصُ كَمَا كَانَا وَمَا ذُكِرَ فِي الصُّورَتَيْنِ يَجْرِي فِي النِّكَاحِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ جَرَى فِي الْكِتَابَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ عِنْدَ أَدَاءِ النُّجُومِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ حِينَئِذٍ يُنْصَبُ إلَى مَحْضِ التَّعْلِيقِ، وَالتَّوْكِيلُ فِي التَّعْلِيقِ بَاطِلٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ التَّوْكِيلُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِيهَا غَيْرُ مَرْعِيٍّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ فِيهَا عَنْ النُّجُومِ بَرِئَ وَعَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا عِتْقَ فِيهَا إلَّا بِحُصُولِ الصِّفَةِ وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُحَصِّلَهُ الْوَكِيلُ

(فَرْعٌ) فِي مُخَالَفَتِهِ مُوَكِّلَهُ لَوْ (أَعْطَاهُ أَلْفًا وَقَالَ) لَهُ (اشْتَرِ) كَذَا (بِعَيْنِهِ فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ) أَيْ فِي ذِمَّتِهِ لِيَنْقُدَ الْأَلْفُ فِي الثَّمَنِ (لَمْ يَقَعْ) أَيْ الشِّرَاءُ (لِلْمُوَكِّلِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْعَيْنِ حَتَّى لَا يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ بِغَيْرِهِ فَأَتَى بِمَا لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ فَيُطَالَبُ بِغَيْرِهِ بَلْ لَمْ يَقَعْ لِلْوَكِيلِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ وَخَرَجَ بِعَيْنِهِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ بِهَذَا أَوْ بِهِ أَوْ نَحْوَهُ فَيَقَعُ الشِّرَاءُ فِيمَا ذُكِرَ لِمُوَكِّلِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا وَقَالَ: اشْتَرِ بِهِ شَاة فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ وَالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ جَزَمَ الْإِمَامُ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ (وَكَذَا عَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِ بِهِ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ اُنْقُدْهُ عَنْ الثَّمَنِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ أَيْ وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ مُخَاصَمَتِهِ إلَخْ) صَرَّحَ بِهَذَا الْقَاضِي فِي تَعْلِيلِهِ وَالرَّافِعِيُّ فِي بَابِ مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِوَكَالَتِهِ وَيَحْكُمَ الْقَاضِي بِهَا) لَكِنْ لَوْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي: أَجِبْ فَهُوَ حُكْمٌ بِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْأَمْرَيْنِ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالْمَدْيُونِ يَعْتَرِفُ لِلْوَكِيلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ مُنْكِرِ وَكَالَتِهِ، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ فَإِنَّهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِهَا لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ مُخَاصَمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلِلْوَكِيلِ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ إلَخْ) وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَصْلَيْ الْوَكِيلِ أَوْ فَرْعِيِّهِ، وَفِي أَصْلِ الْمُوَكِّلِ أَوْ فَرْعِيِّهِ لَهُ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ عَدَمُ قَبُولِهَا، وَيُقْبَلَانِ عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ

[فَصْلٌ وَكَّلَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدٍ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ لَغَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَاسِدٍ فَاشْتَرَاهُ، وَسَلَّمَهُ لِلْمُوَكِّلِ هَلْ يَسْقُطُ الضَّمَانُ، وَلَوْ كَانَتْ جَارِيَةً وَوَطِئَهَا الْمُوَكِّلُ هَلْ يَكُونُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِنَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَدُ حُرًّا، وَتَجِبَ قِيمَتُهُ، فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِالْحِصَّةِ تَوَسُّعًا إلَخْ) سَيَأْتِي فِي الْخُلْعِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ صَحِيحٌ حَيْثُ بَانَتْ، وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِالْفَسَادِ عِوَضُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَوْلُهُ وَلَوْ جَرَى فِي الْكِتَابَةِ فَالظَّاهِرُ إلَخْ الظَّاهِرُ خِلَافُ مَا قَالَهُ؛ إذْ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُغَلَّبُ فِيهَا التَّعْلِيقَ كَمَا أَنَّ الْخُلْعَ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ وَقَدْ يُغَلَّبُ

[فَرْعٌ فِي مُخَالَفَتِهِ مُوَكِّلَهُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ كَذَا بِعَيْنِهِ فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمُعَيَّنِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ أَلْزَمَ ذِمَّتَهُ مَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ وَالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>