للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلُ الْمُقِرُّ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ صَبِيٍّ وَزَائِلِ الْعَقْلِ بِعُذْرٍ) كَشُرْبِ دَوَاءٍ، وَإِكْرَاهٍ عَلَى شُرْبِ خَمْرٍ، وَإِغْمَاءٍ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُمَا مُلْغَاةٌ (وَسَنَذْكُرُ السَّكْرَانَ) أَيْ حُكْمَهُ (فِي) كِتَابِ (الطَّلَاقِ) .

(تَنْبِيهٌ) مَنْ قَدَرَ عَلَى الْإِنْشَاءِ قَدَرَ عَلَى الْإِقْرَارِ وَمَنْ لَا فَلَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْلُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالتَّصَرُّفِ إذَا أَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ فَلَا يَنْفُذُ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ إنْشَاؤُهُ وَمِنْ الثَّانِي إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ وَالْمَجْهُولِ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ رِقِّهِ وَبِنَسَبِهِ وَالْمُفْلِسِ بِبَيْعِ الْأَعْيَانِ وَالْأَعْمَى بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَالْوَارِثِ بِدَيْنٍ عَلَى مُوَرِّثِهِ وَالْمَرِيضِ بِأَنَّهُ كَانَ وَهَبَ وَارِثَهُ وَأَقْبَضَهُ فِي الصِّحَّةِ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَصِحُّ إقْرَارُهُمْ بِمَا ذُكِرَ وَلَا يُمْكِنُهُمْ إنْشَاؤُهُ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُهُمْ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ هُوَ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَبِالْعَكْسِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَهُ بَاطِنًا فَهُوَ مِلْكُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ.

(وَيُصَدَّقُ) الشَّخْصُ (فِي دَعْوَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ) الْمُمْكِنِ فِي الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ (أَوْ الْحَيْضِ الْمُمْكِنِ) فِي الْأُنْثَى (بِلَا يَمِينٍ) فِيهِمَا، وَإِنْ فُرِضَ ذَلِكَ فِي خُصُومِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ فَقَالَ شِئْت وَنُوَزِّعُ فِي أَنَّهُ إنَّمَا شَاءَ غَيْرَ الْعِتْقِ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ؛ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا حَاجَةَ إلَى الْيَمِينِ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ يَمِينَ الصَّبِيِّ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ (وَلَا يُقْبَلُ) قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الْبُلُوغِ (بِالسِّنِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ كَانَ غَرِيبًا) لِإِمْكَانِهَا وَلَوْ أَطْلَقَ الْإِقْرَارَ بِالْبُلُوغِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نَوْعًا فَفِي تَصْدِيقِهِ وَجْهَانِ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُخْتَارُ اسْتِفْسَارُهُ (وَلَوْ طَلَبَ غَازٍ سَهْمَهُ) عَنْ الْمُقَاتَلَةِ (وَادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ حَلَفَ) وُجُوبًا إنْ اُتُّهِمَ وَأَخَذَ السَّهْمَ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ كَأَصْلِهِ فِي الدَّعَاوَى وَحَكَى فِيهِ أَصْلَهُ هُنَا وَجْهَيْنِ بِلَا تَصْحِيحٍ وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَحْلِيفَهُ لِاسْتِحْقَاقِهِ السَّهْمَ بِعَدَمِ تَحْلِيفِهِ لِثُبُوتِ الْبُلُوغِ، وَإِنْ فُرِضَتْ مُخَاصَمَةٌ كَمَا مَرَّ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأُولَى فِي وُجُوبِ الْبُلُوغِ فِي الْحَالِ وَفِي الثَّانِيَةِ فِي وُجُودِهِ فِيمَا مَضَى؛ لِأَنَّ صُورَتَهَا أَنَّ تَنَازُعَ الصَّبِيِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فِي بُلُوغِهِ حَالَةَ الْحَرْبِ.

(وَإِقْرَارُ الْمُفْلِسِ مَقْبُولٌ) فِيمَا يَصِحُّ مِنْهُ إنْشَاؤُهُ (كَمَا سَبَقَ) فِي بَابِهِ وَفِي نُسْخَةٍ مَقْبُولٌ فِي النِّكَاحِ، وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ لِكَلَامِ الْأَصْلِ لَكِنَّ الْأُولَى أَوْلَى لِشُمُولِهَا غَيْرَ النِّكَاحِ كَمَا سَبَقَ.

ثُمَّ (لَا) إقْرَارُ (السَّفِيهِ) فَلَا يَصِحُّ بِمَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ إنْشَاؤُهُ كَمَا سَبَقَ فِي الْحَجْرِ (وَيُقْبَلُ إقْرَارُ السَّفِيهَةِ بِالنِّكَاحِ) لِمَنْ صَدَّقَهَا كَالرَّشِيدَةِ إذْ لَا أَثَرَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ وَلِهَذَا يَبْدَأُ الْحَاكِمُ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ قَبْلَ السُّؤَالِ عَنْ الشَّهَادَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلِهَذَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حُكِمَ بِالْإِقْرَارِ وَبَطَلَتْ الشَّهَادَةُ.

[الْبَاب الْأَوَّل أَرْكَان الْإِقْرَار]

(قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الْمُقِرُّ) فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ مُخْتَارًا، وَأَنْ لَا يُكَذِّبَهُ حِسٌّ، وَلَا شَرْعٌ.

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالتَّصَرُّفِ إذَا أَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ) ، وَإِقْرَارُ وَلِيِّ الثَّيِّبِ بِنِكَاحِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْفُذُ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ إنْشَاؤُهُ) فَيُزَادُ فِي الْحَدِّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَشَارَ الْوَلِيُّ إلَى عَيْنٍ لِمَحْجُورِهِ، وَأَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِ مَحْجُورِهِ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُعَيِّنْ السَّبَبَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ بَاعَهَا صَحَّ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَالْمَرِيضِ بِأَنَّهُ كَانَ وَهَبَ وَارِثَهُ، وَأَقْبَضَهُ فِي الصِّحَّةِ) ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا كَانَتْ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ أَنَّهُ، وَهَبَ أَجْنَبِيًّا، وَأَقْبَضَهُ فِي الصِّحَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ) الْمُرَادُ بِالِاحْتِلَامِ الْإِنْزَالُ فِي يَقَظَةٍ أَوْ مَنَامٍ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ) فَقَالَ شِئْت فَإِنَّ الْمَشِيئَةَ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْصُلُ بِنَفْسِ اللَّفْظِ لَكِنَّ إرَادَةَ الطَّلَاقِ بِذَلِكَ اللَّفْظِ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَةِ اللَّافِظِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقُولُ شِئْت وَيَقُولُ نَوَيْت بِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ فَلَا بُدَّ مِنْ إرَادَةِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ، وَإِرَادَةُ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَقَدْ يَقُولُ شِئْت ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّهُ شَاءَ عَدَمَ الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ بِالسِّنِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَوْ كَانَ غَرِيبًا) قَالَ الْقَفَّالُ، وَلَا يُقْبَلُ إلَّا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَى أَنَّهُ بَالِغٌ، وَلَمْ يُعَيِّنَ بِأَيِّ وَجْهٍ بَلَغَ سُمِعَتْ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ بَالِغٌ بِالسِّنِّ لَزِمَ الْبَيَانُ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَقَوْلُهُ سَمِعْت أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: لَزِمَ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ فَفِي تَصْدِيقِهِ وَجْهَانِ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي إلَخْ) أَصَحُّهُمَا قَبُولُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُخْتَارُ اسْتِفْسَارُهُ) وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَ غَازٍ سَهْمَهُ) عَنْ الْمُقَاتَلَةِ أَوْ طَلَبَ وَلَدُ الْمُرْتَزِقِ إثْبَاتَ سَهْمِهِ فِي الدِّيوَانِ (قَوْلُهُ وَادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ حَلَفَ) سَأَلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ شَخْصٍ أَسْلَمَ، وَلَهُ فَرْعٌ يُمْكِنُ بُلُوغُهُ بِالِاحْتِلَامِ فَادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ الِاحْتِلَامَ فَهَلْ يَحْلِفُ أَمْ لَا فَأَجَابَ يَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِي تَحْلِيفِهِ الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي وَلَدِ الْمُرْتَزِقِ إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ وَطَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ أَرْجَحُهُمَا التَّحْلِيفُ فَإِنْ نَكَلَ قَضَى بِإِسْلَامِهِ لَا بِالنُّكُولِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ.

(فَرْعٌ) لَوْ بَاعَ شَيْئًا فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ صَغِيرٌ وَالْبَيْعُ فَاسِدٌ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْلِفَ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُقِرٌّ بِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ لِصِغَرِهِ فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا حِينَئِذٍ حَلَفَ. وَقَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَنْبَغِي إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْعَقْدِ يُكَذِّبُ دَعْوَاهُ الصِّبَا (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأُولَى إلَخْ) جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّيْخَيْنِ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْتُك، وَأَنْت الْآنَ صَبِيٌّ فَقَالَ بَلْ أَنَا بَالِغٌ لَمْ يَحْلِفْ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُعْتَرِفٌ بِعَدَمِ صِحَّةِ يَمِينِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَقْدَمَ عَلَى مُعَامَلَتِهِ كَانَ ذَلِكَ مُتَضَمِّنًا لِعَدَمِ صِحَّةِ دَعْوَاهُ الصِّبَا فَأَشْبَهَ الْمَرْأَةَ إذَا أَذِنَتْ فِي النِّكَاحِ ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَنَا رَضَاعٌ مُحَرَّمٌ فَإِنَّهُ لَا يُسْمَعُ مِنْهَا، وَكَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا بِخِلَافِ الْغَازِي الَّذِي حَضَرَ الْوَقْعَةَ إذَا ادَّعَى السَّهْمَ فَإِنَّا لَمْ نُحَلِّفْهُ عَلَى الصِّبَا، وَلَا عَلَى الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْبُلُوغِ مَقْبُولٌ، وَإِنَّمَا حَلَّفْنَاهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ السَّهْمِ احْتِيَاطًا وَيَمِينُهُ مُوَافِقَةٌ لِدَعْوَاهُ لَا مُعَارِضَ لَهَا وَتَصْحِيحُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْطَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا اعْتَرَفَ بِالْبُلُوغِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَالْحِيَازَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحِيَازَةِ اسْتَحَقَّ السَّهْمَ قَطْعًا أَوْ يُعْكَسُ التَّصْحِيحُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ إقْرَارُ السَّفِيهَةِ بِالنِّكَاحِ) بِأَنْ تَقُولَ زَوَّجَنِي مِنْهُ وَلِيٌّ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ وَرِضَايَ إنْ كَانَ شَرْطًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>