للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ ضَارَبْتُكَ أَوْ عَامَلْتُكَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ وَيُشْتَرَطُ) فِيهِ (الْقَبُولُ فَوْرًا)

لِمَا ذُكِرَ (وَلَوْ فِي قَوْلِهِ خُذْهُ وَاتَّجِرْ فِيهِ) أَوْ اعْمَلْ فِيهِ أَوْ بِعْ وَاشْتَرِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ فَوْرًا، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي قَوْلِهِ " وَلَوْ فِي قَوْلِهِ خُذْهُ وَاتَّجِرْ فِيهِ " مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَلَوْ قَالَ) قَارَضْتُكَ (عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لِي) سَاكِتًا عَنْ نَصِيبِ الْعَامِلِ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ الرِّبْحَ فَائِدَةُ رَأْسِ الْمَالِ فَهُوَ لِلْمَالِكِ إلَّا مَا يُنْسَبُ مِنْهُ لِلْعَامِلِ وَلَمْ يُنْسَبْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُ (أَوْ) عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ (لَك صَحَّ وَتَنَاصَفَاهُ) لِأَنَّ مَا لَمْ يَنْسُبْهُ لِلْعَامِلِ يَكُونُ لِلْمَالِكِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ (سَوَاءٌ سَكَتَ) عَنْ نَصِيبِ نَفْسِهِ (أَوْ قَدَّرَ لِنَفْسِهِ أَقَلَّ) كَأَنْ قَالَ عَلَى أَنَّ لَك النِّصْفَ وَلِي السُّدُسَ وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي، وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى النِّصْفِ، أَوْ عَلَى الثُّلُثَيْنِ صَحَّ وَالْمَشْرُوطُ لِلْعَامِلِ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَسْتَحِقُّ بِالْمِلْكِ لَا بِالشَّرْطِ.

(الرُّكْنُ الْخَامِسُ الْعَاقِدَانِ)

كَمَا فِي الْبَيْعِ (وَهُمَا) لِكَوْنِ الْقِرَاضِ تَوْكِيلًا وَتَوَكُّلًا بِعِوَضٍ (كَالْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ) فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ فِي الْمَالِكِ وَأَهْلِيَّةُ التَّوَكُّلِ فِي الْعَامِلِ وَأَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِمَا يَنْعَزِلُ بِهِ الْوَكِيلُ وَلَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ مِنْهُ وَلَا مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَيَصِحُّ) الْقِرَاضُ (مِنْ الْوَصِيِّ لِطِفْلٍ وَمَجْنُونٍ) وَسَفِيهٍ كَمَا يُوَكِّلُ عَنْهُمْ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَلِيِّ كَانَ أَعَمَّ وَقَدْ عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ وَقَالَ سَوَاءٌ فِيهِ الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ (وَ) يَصِحُّ (مِنْ الْمَرِيضِ وَلَا يُحْسَبُ مَا زَادَ عَلَى الْأُجْرَةِ) أَيْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (مِنْ الثُّلُثِ) لِأَنَّ الْمَحْسُوبَ مِنْهُ مَا يَفُوتُهُ مِنْ مَالِهِ، وَالرِّبْحُ لَيْسَ بِحَاصِلٍ حَتَّى يَفُوتَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ، وَإِذَا حَصَلَ حَصَلَ بِتَصَرُّفِ الْعَامِلِ (بِخِلَافِ مُسَاقَاتِهِ) يُحْسَبُ فِيهَا ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّمَاءَ فِيهَا مِنْ عَيْنِ الْمَالِ بِخِلَافِهِ فِي الْقِرَاضِ.

(فَصْلٌ: وَإِنْ قَارَضَ) الْوَاحِدُ (اثْنَيْنِ أَوْ قَارَضَاهُ صَحَّ إنْ بَيَّنَ) الْوَاحِدُ فِي الْأُولَى (مَا يُعْطِي كُلًّا) مِنْ الِاثْنَيْنِ (أَوْ) بَيَّنَ (كُلٌّ) مِنْ الِاثْنَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ (مَا يُعْطِيهِ) لِلْوَاحِدِ (وَإِنْ تَفَاوَتَ، مِثْلُ أَنْ يَشْرِطَ) فِي الْأُولَى (لِوَاحِدٍ) مُعَيَّنٍ (النِّصْفَ وَلِوَاحِدٍ) كَذَلِكَ (الرُّبُعَ، أَوْ يَشْرِطَ) فِي الثَّانِيَةِ (أَحَدُ الْمَالِكَيْنِ لِلْعَامِلِ النِّصْفَ وَ) يَشْرِطَ لَهُ (الْآخَرُ الرُّبُعَ إنْ عَرَفَ) الْعَامِلُ (قَدْرَ مَالَيْهِمَا) أَيْ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَسَدَ الْقِرَاضُ (وَيَقْسِمُ الْمَالِكَانِ مَا فَضَلَ مِنْ الرِّبْحِ عَلَى قَدْرِ نِسْبَةِ الْمَالَيْنِ) فَإِذَا شَرَطَا لَهُ النِّصْفَ، وَمَالُ أَحَدِهِمَا مِائَتَانِ وَمَالُ الْآخَرِ مِائَةٌ اقْتَسَمَا النِّصْفَ الْآخَرَ أَثْلَاثًا (فَإِنْ شَرَطَا قِسْمَةَ الْبَاقِي) بَيْنَهُمَا (عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ) إنْ قَدَّرَ نِسْبَةَ الْمَالَيْنِ (فَسَدَ) الْقِرَاضُ لِمَا فِيهِ مِنْ شَرْطِ الرِّبْحِ لِمَنْ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا عَامِلٍ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْإِمَامُ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَ الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ إذَا أَثْبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ الِاسْتِقْلَالَ فَإِنْ شَرَطَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مُرَاجَعَةَ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يُسَاعِدُونَهُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ فَقَدْ نَقَلَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ هَذَا عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ انْتَهَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَدَعْوَاهُ التَّصْرِيحَ بِالْجَوَازِ فِيهِ تَسَاهُلٌ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقَالَا مَا ظَنَّهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ عَدَمِ الْمُسَاعَدَةِ مَمْنُوعٌ بَلْ قَوَاعِدُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ تَقْتَضِيهِ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ.

(فَصْلٌ: وَإِنْ تَصَرَّفَ) الْعَامِلُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ (وَالْقِرَاضُ فَاسِدٌ صَحَّ) لِصِحَّتِهِ فِي الْقِرَاضِ الصَّحِيحِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَيْسَ كَمَا لَوْ فَسَدَ الْبَيْعُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالْمِلْكِ وَلَا مِلْكَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) لِلْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَمَعًا فِي الْمُسَمَّى فَإِذَا فَاتَ وَجَبَ رَدُّ عَمَلِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ فَتَلِفَ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ (إلَّا إنْ شَرَطَ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْمَالِكِ فَلَا يَسْتَحِقُّ) الْعَامِلُ (أُجْرَةً) لِعَدَمِ طَمَعِهِ فِي شَيْءٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَمِمَّا يَأْتِي فِي الْمُسَاقَاةِ أَنَّهُ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

الْأَخْرَسِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي قَوْلِهِ خُذْهُ وَاتَّجِرْ فِيهِ) أَوْ اعْمَلْ فِيهِ بِخِلَافِ خُذْهُ وَابْتَعْ بِهِ لِاقْتِضَاءِ الْعَمَلِ الْبَيْعَ بِخِلَافِ الِابْتِيَاعِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرُّوهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَك صَحَّ إلَخْ) لَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِي أَوْ لَك الثُّلُثَ، وَالْبَاقِي بَيْنَنَا صَحَّ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لَك النِّصْفَ وَمَا بَقِيَ فَثُلُثُهُ لِي وَثُلُثَاهُ لَك صَحَّ إنْ عَلِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ نِسْبَةَ ذَلِكَ، وَإِنْ جَهِلَهَا أَحَدُهُمَا صَحَّ أَيْضًا فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى النِّصْفِ، أَوْ عَلَى الثُّلُثَيْنِ صَحَّ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ فَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ مَا شَرَطْت فَهُوَ نَصِيبِي وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ نَصِيبِي صُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ مِنْ الْوَصِيِّ لِطِفْلٍ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ) لِعَامِلٍ أَمِينٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ الْقِرَاضَ لِنَفْسِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَدَّ كَالْأَبِ وَفِي الْبَحْرِ إذَا قَارَضَ وَلِيُّ الطِّفْلِ فَلَا يَأْذَنُ فِي النَّسِيئَةِ بِحَالٍ لِلْغَرَرِ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا، أَوْ جَدًّا، أَوْ وَصِيًّا، أَوْ قَيِّمًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ إشْكَالٌ وَكَتَبَ أَيْضًا: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا يَجُوزُ الِاتِّجَارُ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِشُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ الزَّمَانُ آمِنًا وَالسُّلْطَانُ عَادِلًا وَالتِّجَارَةُ مُرْبِحَةً.

[فَصْلٌ وَإِنْ قَارَضَ الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ أَوْ قَارَضَاهُ]

(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يُسَاعِدُونَهُ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَخْ) وَحَذَفَ فِي الصَّغِيرِ كَلَامَ الْإِمَامِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ مَا ظَنَّهُ الرَّافِعِيُّ هُوَ الْمَنْقُولُ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ بِاشْتِرَاطِ مُرَاجَعَةِ الْمَالِكِ وَلَا الْمُشْرِفِ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ وَضْعَ الْقِرَاضِ فِي أَنَّ مِنْ الْمَالِكِ مَالًا فَقَطْ وَمِنْ الْعَامِلِ عَمَلًا فَقَطْ وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودًا فِي إقَامَةِ عَامِلَيْنِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِمَا الِاجْتِمَاعَ.

[فَصْلٌ تَصَرَّفَ الْعَامِلُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ وَالْقِرَاضُ فَاسِدٌ]

(قَوْلُهُ: بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْعَامِلِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْمُسَمَّى فِي صَحِيحِهِ فَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي فَاسِدِهِ كَالْإِجَارَةِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ شَرَطَ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْمَالِكِ إلَخْ) لَوْ قَالَ إلَّا إنْ شَرَطَ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِغَيْرِ الْعَامِلِ لَكَانَ أَعَمَّ.

(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَإِطْلَاقُهُمْ يُفْهِمُ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْفَسَادَ أَمْ لَا وَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِعِوَضٍ فَلَا يَحْبَطُ عَمَلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>