للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباب التّاسع في ذكر البوارح والأمطار مقسّمة على الفصول والبروج وفي ذكر المراقبة

اعلم أنّ جميع أمطار السّنة ثمانية أصناف، وهي الوسمي- والولي- والشّتيء- والدّفيء- والصّيف- والحميم- والرّمضي- والخريفي- ولكلّ صنف منها وقت عرفته العرب بمساقط منازل النّهار الثّمانية والعشرين التي ذكرها الله تعالى في كتابه فقال: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ

[سورة يس، الآية: ٣٩] وبالبروج الاثني عشر لأن كلّ برج منزلان وثلث من هذه الثمانية والعشرين، وذلك حكم منهم على مناجعهم ومزالفهم بالتّجارات، وهو إلى الآن على ذلك، وإن كان كثير من أطراف الأرض وأوساطها يختلف، فقد قيل: إنّ أهل اليمن يمطرون في الشّتاء ويخصبون في الصّيف.

قال أبو حنيفة: إذا أحببت أن تستيقن ذلك فانظر إلى زمان مدّ النّيل، فإنّه في صميم القيظ، وإنّما يمدّ من أمطار البلاد التي منها يقبل، وقال بعض أصحاب الخليل، وقد صنّف أبواب الانتفاع بالمطر: إنّ من المغرب من مطره الذي يغيثه وينفعه الخريف، ويكون أكثر مطرهم وأغزره وأنفعه لهم.

وقال أكثرهم: إنّ مطر الرّبيع ضارّ، وهم أهل اليمن ومن يليهم من تهامة. ومنهم من يحسبه الوسميّ، وهو مطر الشّتاء، ومجيئه الرّبيع، ويكون الخريف ضارا يفسد كلأهم ويلبده، وهم أهل العراق ومن قاربهم من نجد، ومنهم من يصيبه مطر السّنة كلّها وهم أهل نجد الذين تاخموا نجدا، أي حاذوهم، وأهل العراق، ومن قاربهم من الشّام ونجد، وما بينهما وبين خراسان مطرهم الشّتوي والرّبعي، ومطر اليمن وما قاربها من تهامة الصّيفي، والخريفي. قال: ومن تهامة ونجد ما تعمّه هذه الأمطار كلّها، وكذلك طبرستان- والدّيلم- وأرمينية- وجبلان- وجبل القيق. والعرب تقول: إنّه ما اجتمع مطر الثّريا في الوسميّ ومطر الجبهة في الرّبيع إلّا كان تامّ الخصب ذلك العام، كثير الكلأ.

<<  <   >  >>