للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب العاشر في ذكر الأعياد والأشهر الحرم والأيام المعلومات، والأيام المعدودات والصلاة الوسطى]

حكى ثعلب عن ابن الأعرابي قال: سألت أعرابيّا فصيحا فقلت: ما الأشهر الحرم؟

فقال: ثلاثة سرد، واحد فرد. قال ثعلب: فالسّرد المتتابعة وهو ذو القعدة- وذو الحجة- والمحرّم- والفرد: رجب. وهذا قول ابن عباس ويكون من سنتين، وقال غير ابن عباس:

هي من سنة واحدة فعددها المحرّم وهو أوّلها- والثّاني: رجب- والثّالث: ذو القعدة- والرّابع: ذو الحجّة. واحتج هذا بأنه قال تعالى: مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ

[سورة التوبة، الآية: ٣٦] يعني من الاثني عشر، فجعلها من سنة واحدة.

قال ثعلب: والاختيار عندي قول ابن عبّاس وهو كلام العرب، وإن كان لفظها من سنتين فهي تعود إلى الاثني عشر إلى سنة واحدة، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «دخلت العمرة في الحج» أي في أشهر الحج ولم تكن العرب تعرف العمرة في أشهر الحج، بل كانت العمرة فيها عندهم من أفجر الفجور، وكانوا يقولون: إذا انسلخ صفر، ونبت الوبر، وعفا الأثر، وبرأ الدّبر، حلّت العمرة لمن اعتمر. فلّما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشهر الحج دخلت العمرة في الحج، أي في أشهرها، وروى سفيان بن عيينة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب لآل حزم: «إنّ العمرة الحج الأصغر» ، فدلّ كلامه على أن ثمّ أكبر.

وروي عن عطاء أنه قال: من اعتمر ثم مات ولم يحج أجزأت عنه حجة الإسلام، يذهب إلى قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ

[سورة آل عمران، الآية: ٩٧] وروي عن عليّ كرّم الله وجهه: الحجّ الأكبر يوم النّحر، محتجّا بقوله تعالى: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ

[سورة التوبة، الآية: ٢] وهي عشرون من ذي الحجّة- والمحرّم- وصفر- وشهر ربيع الأوّل- وعشر من ربيع الآخر- قال: فلو كان يوم عرفة لكان أربعة أشهر ويوما، وكان ابن عباس يقول: الحج الأكبر يوم عرفة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج مهلّا بالحج ويقول

<<  <   >  >>