للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إيدَاعُهَا فِي الْخَانِ، إذَا قَدِمَ بَلَدًا، وَأَرَادَ الْمُضِيَّ فِي حَاجَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ الْمُؤَجِّرَ فِي ذَلِكَ.

وَمِنْ ذَلِكَ: إذْنُ الْمُسْتَأْجِرِ لِلدَّارِ لِأَصْحَابِهِ وَأَضْيَافِهِ فِي الدُّخُولِ وَالْمَبِيتِ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَمَّنْهُمْ عَقْدُ الْإِجَارَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ: غَسْلُ الثَّوْبِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةَ إذَا اتَّسَخَ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ الْمُؤَجِّرَ فِي ذَلِكَ.

وَمِنْ ذَلِكَ: لَوْ وَكَّلَهُ غَائِبٌ فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ مَلَكَ قَبْضَ ثَمَنِهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ لَفْظًا، وَمِنْ ذَلِكَ - وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ مَنْ نَازَعَ -: لَوْ رَأَى مَوْتًا بِشَاةِ غَيْرِهِ، أَوْ حَيَوَانِهِ الْمَأْكُولِ، فَبَادَرَ فَذَبَحَهُ لِيَحْفَظَ عَلَيْهِ مَالِيَّتَهُ كَانَ مُحْسِنًا، وَلَا سَبِيلَ عَلَى مُحْسِنٍ، وَإِنْ ضَمَّنَهُ فَقَدْ سَدَّ بَابَ الْإِحْسَانِ إلَى الْغَيْرِ فِي حِفْظِ مَالِهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ: لَوْ رَأَى السَّيْلَ يَقْصِدُ الدَّارَ الْمُؤَجَّرَةَ، فَبَادَرَ وَهَدَمَ الْحَائِطَ لِيُخْرِجَ السَّيْلَ وَلَا يَهْدِمَ الدَّارَ كُلَّهَا كَانَ مُحْسِنًا، وَلَا يَضْمَنُ الْحَائِطَ.

وَمِنْ ذَلِكَ: لَوْ وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي الدَّارِ، فَبَادَرَ وَهَدَمَهَا عَلَى النَّارِ، لِئَلَّا تَسْرِيَ لَمْ يَضْمَنْ.

وَمِنْهَا: لَوْ رَأَى الْعَدُوَّ يَقْصِدُ مَالَ غَيْرِهِ الْغَائِبِ، فَبَادَرَ وَصَالَحَهُ عَلَى بَعْضِهِ كَانَ مُحْسِنًا وَلَمْ يَضْمَنْ.

وَمِنْ ذَلِكَ: لَوْ وَجَدَ هَدْيًا مُشْعَرًا مَنْحُورًا، وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا.

وَمِنْ ذَلِكَ: لَوْ اسْتَأْجَرَ غُلَامًا، فَوَقَعَتْ الْأَكَلَةُ فِي طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِهِ، بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَقْطَعْهُ سَرَى إلَى نَفْسِهِ فَقَطَعَهُ، لَمْ يَضْمَنْهُ لِمَالِكِهِ.

وَمِنْهَا: لَوْ اشْتَرَى صُبْرَةَ طَعَامٍ فِي دَارِ رَجُلٍ، أَوْ خَشَبًا: فَلَهُ أَنْ يُدْخِلَ دَارِهِ مِنْ الدَّوَابِّ وَالرِّجَالِ مَنْ يُحَوِّلُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمَالِكُ وَأَضْعَافُ أَضْعَافِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، مِمَّا جَرَى الْعَمَلُ فِيهِ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ النُّطْقِ الصَّرِيحِ، اكْتِفَاءً بِشَاهِدِ الْحَالِ عَنْ صَرِيحِ الْمَقَالِ.

وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الشَّرِيعَةَ لَا تَرُدُّ حَقًّا، وَلَا تُكَذِّبُ دَلِيلًا، وَلَا تُبْطِلُ أَمَارَةً صَحِيحَةً.

وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالتَّثَبُّتِ وَالتَّبَيُّنِ فِي خَبَرِ الْفَاسِقِ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِرَدِّهِ جُمْلَةً.

فَإِنَّ الْكَافِرَ الْفَاسِقَ قَدْ يَقُومُ عَلَى خَبَرِهِ شَوَاهِدُ الصِّدْقِ.

فَيَجِبُ قَبُولُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ.

وَقَدْ «اسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرِ الْهِجْرَةِ دَلِيلًا مُشْرِكًا عَلَى دِينِ قَوْمِهِ، فَأَمِنَهُ، وَدَفَعَ إلَيْهِ رَاحِلَتَهُ» .

فَلَا يَجُوزُ لِحَاكِمٍ وَلَا لِوَالٍ رَدُّ الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ، وَظَهَرَتْ

<<  <   >  >>