للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَحَدُهَا: الْيَدُ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي لَا تَفْتَقِرُ إلَى يَمِينٍ: وَذَلِكَ فِي صُوَرٍ.

مِنْهَا: إذَا كَانَ وَصِيًّا عَلَى طِفْلٍ أَوْ مَجْنُونٍ، وَفِي يَدِهِ شَيْءٌ انْتَقَلَ إلَيْهِ عَنْ أَبِيهِ، كَانَ مُجَرَّدُ الْيَدِ كَافِيًا فِي الْحُكْمِ بِهِ لَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، لَا عَلَى الطِّفْلِ وَلَا عَلَى الْوَصِيِّ.

أَمَّا الطِّفْلُ فَلِعَدَمِ صِحَّةِ الْيَمِينِ مِنْهُ، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ.

وَمِنْهَا: أَنْ يَدَّعِيَ كَفَنًا عَلَى مَيِّتٍ أَنَّهُ لَهُ، وَلَا بَيِّنَةَ، فَيُقْضَى بِالْكَفَنِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ.

وَمِنْهَا: أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ دَعْوَى يُكَذِّبُهُ فِيهَا الْحِسُّ فَلَا يَحْلِفُ لَهُ صَاحِبُ الْيَدِ، بَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَى مَنْ فِي يَدِهِ عَبْدٌ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْمُدَّعِي. وَهَذَا لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُشْرَعُ فِي جَانِبِ مَنْ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ، مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِهِ مُبْطِلًا، فَإِذَا لَمْ يَحْتَمِلْ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ فِي الْيَدِ فَائِدَةٌ.

[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّانِي فِي الْإِنْكَارُ الْمُجَرَّدُ وَلَهُ صُوَرٌ]

٤٣ - (فَصْلٌ)

الطَّرِيقُ الثَّانِي الْإِنْكَارُ الْمُجَرَّدُ، وَلَهُ صُوَرٌ: إحْدَاهَا: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ، أَوْ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ، وَلِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَتَنْفِيذُ وَصَايَاهُ، فَأَنْكَرَ. فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ حَكَمَ بِهَا.، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْوَصِيِّ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. لِأَنَّ مَقْصُودَ التَّحْلِيفِ: أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْيَمِينِ.

وَالْوَصِيُّ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ، وَلَوْ نَكَلَ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ، فَلَا فَائِدَةَ مِنْ تَحْلِيفِهِ، وَلَوْ كَانَ وَارِثًا اسْتَحْلَفَ، وَقُضِيَ بِنُكُولِهِ.

وَمِنْهَا: أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْقَاضِي أَنَّهُ ظَلَمَهُ فِي الْحُكْمِ، أَوْ عَلَى الشَّاهِدِ أَنَّهُ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ أَوْ الْغَلَطَ، أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَا يَسْقُطُ شَهَادَتَهُ لَمْ يَحْلِفَا، لِارْتِفَاعِ مَنْصِبِهِمَا عَنْ التَّحْلِيفِ.

وَمِنْهَا: دَعْوَى الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ، وَدَعْوَاهَا عَلَيْهِ الطَّلَاقَ، وَدَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا الرَّجْعَةَ، وَدَعْوَى الْأَمَةِ أَنَّ سَيِّدَهَا أَوْلَدَهَا، وَدَعْوَى الْمَرْأَةِ أَنَّ زَوْجَهَا آلَى مِنْهَا، وَدَعْوَى الرِّقِّ وَالْوَلَاءِ وَالْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ.

وَعَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَسْتَحْلِفُ فِي الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَالْقَوَدِ وَالْقَذْفِ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَسْتَحْلِفُ إلَّا فِيمَا لَا يُقْضَى فِيهِ بِالنُّكُولِ.

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا أَرَى الْيَمِينَ فِي النِّكَاحِ، وَلَا فِي الطَّلَاقِ، وَلَا فِي الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ إنْ نَكَلَ لَمْ أَقْتُلْهُ وَلَمْ أَحُدَّهُ، وَلَمْ أَدْفَعْ الْمَرْأَةَ إلَيْهِ.

<<  <   >  >>