للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ؟ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَحَرَّكَهَا، قَالَ حَفِيدُهُ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: فَقُلْتُ لِجَدِّي: كَمْ كَانَ يَحْفَظُ أَحْمَدُ؟ فَقَالَ أَجَابَ عَنْ سِتِّمِائَةِ أَلْفٍ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ الْكُتُبُ الْمُصَنَّفَةُ فِيهَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَيْسَ لِلرَّجُلِ بَصَرٌ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ الْمَتْرُوكِ، وَلَا الْإِسْنَادِ الْقَوِيِّ مِنْ الضَّعِيفِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا شَاءَ وَيَتَخَيَّرُ مِنْهَا فَيُفْتِي بِهِ وَيَعْمَلُ بِهِ، قَالَ: لَا يَعْمَلُ حَتَّى يَسْأَلَ مَا يُؤْخَذُ بِهِ مِنْهَا فَيَكُونُ يَعْمَلُ عَلَى أَمْرٍ صَحِيحٍ، يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ أَهْلَ الْعِلْمِ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُد: سَمِعْتُ أَحْمَدَ وَسُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ: دَعْنَا مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْمُحْدَثَةِ، وَمَا أُحْصِي مَا سَمِعْتُ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا فِيهِ الِاخْتِلَافُ مِنْ الْعِلْمِ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي الْفُتْيَا أَحْسَنَ فُتْيَا مِنْهُ، كَانَ أَهْوَنَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ " لَا أَدْرِي " مَنْ يُحْسِنُ مِثْلَ هَذَا؟ سَلْ الْعُلَمَاءَ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُد: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: الْأَوْزَاعِيُّ هُوَ أَتْبَعُ مِنْ مَالِكٍ، فَقَالَ: لَا تَقَلَّدْ دِينَكَ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ، مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ فَخُذْ بِهِ، ثُمَّ التَّابِعِينَ بَعْدَ الرَّجُلِ فِيهِ مُخَيَّرٌ.

وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ هَانِئٍ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ» فَقَالَ: يُفْتِي بِمَا لَمْ يَسْمَعْ.

وَقَالَ أَيْضًا: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يَطْلُبُ الرَّجُلُ الْحَدِيثَ بِقَدْرِ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ انْتَفَعَ بِهِ، قَالَ: الْعِلْمُ لَا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ، وَجَاءَهُ رَجُلٌ يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: لَا أُجِيبُكَ فِي شَيْءٍ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إنَّ كُلَّ مَنْ يُفْتِي النَّاسَ فِي كُلِّ مَا يَسْتَفْتُونَهُ لَمَجْنُونٌ.

قَالَ الْأَعْمَشُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ، فَقَالَ: لَوْ حَدَّثْتَنِي بِهِ قَبْلَ الْيَوْمِ مَا أَفْتَيْتُ فِي كَثِيرٍ مِمَّا كُنْتُ أُفْتِي بِهِ، قَالَ ابْنُ هَانِئٍ: وَقِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يَكُونُ الرَّجُلُ فِي قَرْيَةٍ فَيُسْأَلُ عَنْ الشَّيْءِ الَّذِي فِيهِ اخْتِلَافٌ، قَالَ: يُفْتِي بِمَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَمَا لَمْ يُوَافِقْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَمْسَكَ عَنْهُ، قِيلَ لَهُ: أَفَتَخَافُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا، قِيلَ لَهُ: مَا كَانَ مِنْ كَلَامِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَمَا كَانَ وُضِعَ فِي الْكِتَابِ وَكَلَامِ أَبِي عُبَيْدٍ وَمَالِكٍ تَرَى النَّظَرَ فِيهِ؟ فَقَالَ: كُلُّ كِتَابٍ اُبْتُدِعَ فَهُوَ بِدْعَةٌ، أَوْ كُلُّ كِتَابٍ مُحْدَثٍ فَهُوَ بِدْعَةٌ، وَأَمَّا مَا كَانَ عَنْ مُنَاظَرَةٍ يُخْبِرُ الرَّجُلُ بِمَا عِنْدَهُ، وَمَا يَسْمَعُ مِنْ الْفُتْيَا فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، قِيلَ لَهُ: فَكِتَابُ أَبِي عُبَيْدٍ غَرِيبُ الْحَدِيثِ؟ قَالَ: ذَلِكَ شَيْءٌ حَكَاهُ عَنْ قَوْمٍ أَعْرَابٍ، قِيلَ لَهُ: فَهَذِهِ الْفَوَائِدُ الَّتِي فِيهَا الْمَنَاكِيرُ تَرَى أَنْ تُكْتَبَ؟ قَالَ: الْمُنْكَرُ أَبَدًا مُنْكَرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>