للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ بِالْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ، وَلَا يُعِينُ عَلَيْهَا، وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهَا؛ فَيُضَادُّ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: ٥٤] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [النمل: ٥٠] {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} [النمل: ٥١] وَقَالَ تَعَالَى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: ٩] وَقَالَ تَعَالَى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: ٣٠] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ} [فاطر: ٤٣] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: ١٤٢] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَمْكُرُونَ إِلا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [الأنعام: ١٢٣] وَقَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ أَرْبَابِ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: ٦٥] {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: ٦٦] وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَلْعُونٌ مَنْ ضَارَّ مُسْلِمًا أَوْ مَكَرَ بِهِ» وَقَالَ: «لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتْ الْيَهُودُ فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللَّهَ بِأَدْنَى الْحِيَلِ» وَقَالَ: «الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ» وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَلْعَبُونَ بِحُدُودِ اللَّهِ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِآيَاتِهِ، طَلَّقْتُكِ رَاجَعْتُكِ، طَلَّقْتُكِ رَاجَعْتُكِ؟ وَفِي لَفْظٍ: خَلَعْتُكِ رَاجَعْتُكِ خَلَعْتُكِ رَاجَعْتُكِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا وَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا» وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: يُخَادِعُونَ اللَّهَ كَمَا يُخَادِعُونَ الصِّبْيَانَ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ يُخَادِعْ اللَّهَ يَخْدَعْهُ، وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كُنَّ عَلَيْهِ الْمَكْرُ وَالْبَغْيُ وَالنَّكْثُ.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ} [فاطر: ٤٣] وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [يونس: ٢٣] وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} [الفتح: ١٠] وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: هَذِهِ الْحِيَلُ الَّتِي وَضَعَهَا هَؤُلَاءِ، عَمَدُوا إلَى السُّنَنِ فَاحْتَالُوا فِي نَقْضِهَا أَتَوْا إلَى الَّذِي قِيلَ لَهُمْ إنَّهُ حَرَامٌ فَاحْتَالُوا فِيهِ حَتَّى حَلَّلُوهُ، وَقَالَ: مَا أَخْبَثَهُمْ، - يَعْنِي أَصْحَابَ الْحِيَلِ - يَحْتَالُونَ لِنَقْضِ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَقَالَ: مَنْ احْتَالَ بِحِيلَةٍ فَهُوَ حَانِثٌ.

وَقَالَ: إذَا حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ احْتَالَ بِحِيلَةٍ فَصَارَ إلَيْهَا فَقَدْ صَارَ إلَى الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُسْتَوْفًى فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>