للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمَّا شَهِدَ أَبُو بَكْرَةَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ بِالْحَدِّ وَلَمْ يُكْمِلُوا النِّصَابَ حَدَّهُمْ عُمَرُ، قِيَاسًا عَلَى الْقَاذِفِ، وَلَمْ يَكُونُوا قَذَفَةً بَلْ شُهُودًا؛ وَقَالَ عُثْمَانُ لِعُمَرَ: إنْ نَتَّبِعْ رَأْيَكَ فَرَأْيُكَ أَسَدُّ، وَإِنْ نَتَّبِعْ رَأْيَ مَنْ قَبْلَكَ فَلَنِعْمَ ذُو الرَّأْيِ كَانَ.

وَقَالَ عَلِيٌّ: اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ فِي بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَنْ لَا يُبَعْنَ، ثُمَّ رَأَيْتُ بَيْعَهُنَّ، فَقَالَ لَهُ قَاضِيهِ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رَأْيُكَ مَعَ رَأْيِ عُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ رَأْيِكَ وَحْدَكَ فِي الْفُرْقَةِ.

وَلَمَّا أَرْسَلَ عُمَرُ إلَى الْمَرْأَةِ فَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا اسْتَشَارَ الصَّحَابَةَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعُثْمَانُ: إنَّمَا أَنْتَ مُؤَدِّبٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ؛ وَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَمَّا الْمَأْثَمُ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مَحْطُوطًا عَنْكَ، وَأَرَى عَلَيْكَ الدِّيَةَ، فَقَاسَهُ عُثْمَانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى مُؤَدِّبِ امْرَأَتِهِ وَغُلَامِهِ وَوَلَدِهِ، وَقَاسَهُ عَلِيٌّ عَلَى قَاتِلِ الْخَطَأِ، فَاتَّبَعَ عُمَرُ قِيَاسَ عَلِيٍّ.

وَلَمَّا اُحْتُضِرَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْصَى بِالْخِلَافَةِ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَاسَ وِلَايَتَهُ لِمَنْ بَعْدَهُ إذْ هُوَ صَاحِبُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ عَلَى وِلَايَةِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ إذْ كَانُوا هُمْ أَهْلَ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْقِيَاسِ

[اخْتِلَافُ الصَّحَابَة فِي الْمَرْأَةِ الْمُخَيَّرَةِ]

[اخْتِلَافُهُمْ فِي الْمَرْأَةِ الْمُخَيَّرَةِ]

وَقَالَ عَلِيٌّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ -: سَأَلَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ عَنْ الْخِيَارِ، فَقُلْتُ: إنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، فَقَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ، إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَلَا شَيْءَ، فَاتَّبَعْتُهُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا خَلَصَ الْأَمْرُ إلَيَّ وَعَلِمْتُ أَنِّي أُسْأَلُ عَنْ الْفُرُوجِ عُدْتُ إلَى مَا كُنْتُ أَرَى، فَقَالَ لَهُ زَاذَانُ: لَأَمْرٌ جَامَعْتَ عَلَيْهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَتَرَكْتَ رَأْيَكَ لَهُ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ أَمْرٍ انْفَرَدْتَ بِهِ، فَضَحِكَ وَقَالَ: أَمَا إنَّهُ قَدْ أَرْسَلَ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَخَالَفَنِي وَإِيَّاهُ، وَقَالَ: إنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَزَوْجُهَا أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ ثَلَاثٌ، وَهَذَا رَأْيٌ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَرَأْيُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَقْوَى وَأَصَحُّ.

وَقَالَ عُمَرُ لِعَلِيٍّ: إنِّي قَدْ رَأَيْتُ فِي الْجَدِّ رَأْيًا فَاتَّبِعُونِي، فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنْ نَتَّبِعْ رَأْيَكَ فَرَأْيُكَ رَشِيدٌ، وَإِنْ نَتَّبِعْ رَأْيَ مَنْ قَبْلَكَ فَنِعِمَّ ذُو الرَّأْيِ كَانَ، وَهَلْ مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ وَالْمُعَادَةِ وَالْأَكْدَرِيَّةِ نَصٌّ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ إلَّا مُجَرَّدَ الرَّأْيِ؟ .

وَمِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافُهُمْ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ " فَقَالَ شَيْخَا الْإِسْلَامِ وَبَصَرَا الدَّيْنِ وَسَمْعُهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ: هُوَ يَمِينٌ، وَتَبِعَهُمَا حَبْرُ الْأُمَّةِ وَتُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>