للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «يُؤْتَى بِالْقَاضِي الْعَدْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ مَا يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي تَمْرَةٍ قَطُّ» وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَرْفَعُهُ: «مَا مِنْ حَاكِمٍ يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ إلَّا وُكِّلَ بِهِ مَلَكٌ آخِذٌ بِقَفَاهُ حَتَّى يَقِفَ بِهِ عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ، فَيَرْفَعَ رَأْسَهُ إلَى اللَّهِ فَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَقْذِفَهُ قَذَفَهُ فِي مَهْوَى أَرْبَعِينَ خَرِيفًا» وَفِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ، اثْنَانِ فِي النَّارِ وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ: رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ قَضَى بَيْنَ النَّاسِ بِالْجَهْلِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فَهُوَ فِي النَّارِ» .

وَقَالَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَيْلٌ لِدَيَّانِ مَنْ فِي الْأَرْضِ مِنْ دَيَّانِ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ، إلَّا مَنْ أَمَرَ بِالْعَدْلِ، وَقَضَى بِالْحَقِّ، وَلَمْ يَقْضِ عَلَى هَوًى، وَلَا عَلَى قَرَابَةٍ، وَلَا عَلَى رَغَبٍ وَلَا رَهَبٍ، وَجَعَلَ كِتَابَ اللَّهِ مِرْآةً بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ طَلَبَ قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَنَالَهُ ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ» وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَجُرْ، فَإِذَا جَارَ بَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ وَلَزِمَهُ الشَّيْطَانُ» وَفِيهِ مِنْ حَدِيثِ حُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَجُرْ، فَإِذَا جَارَ وَكَّلَهُ إلَى نَفْسِهِ» .

وَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَعَّدَ قَاضِيًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ ذَبَحَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَيْلٌ لِلْأُمَرَاءِ، وَوَيْلٌ لِلْعُرَفَاءِ، وَوَيْلٌ لِلْأُمَنَاءِ، لَيَتَمَنَّيَنَّ أَقْوَامٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ نَوَاصِيَهُمْ كَانَتْ مُعَلَّقَةً بِالثُّرَيَّا يَتَجَلْجَلُونَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَلُوا عَمَلًا» .

[الْوَعِيدُ عَلَى الْإِفْتَاءِ]

وَأَمَّا الْمُفْتِي فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَّارٍ قَالَ: سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي جَهَنَّمَ، وَمَنْ أَفْتَى بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ إثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ وَمَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ الرُّشْدَ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ خَانَهُ» فَكُلُّ خَطَرٍ عَلَى الْمُفْتِي فَهُوَ عَلَى الْقَاضِي، وَعَلَيْهِ مِنْ زِيَادَةِ الْخَطَرِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَلَكِنْ خَطَرُ الْمُفْتِي أَعْظَمُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى؛ فَإِنَّ فَتْوَاهُ شَرِيعَةٌ عَامَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَفْتِي وَغَيْرِهِ وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَحُكْمُهُ جُزْئِيٌّ خَاصٌّ لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَلَهُ؛ فَالْمُفْتِي يُفْتِي حُكْمًا عَامًّا كُلِّيًّا أَنَّ مَنْ فَعَلَ كَذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ كَذَا، وَمَنْ قَالَ كَذَا لَزِمَهُ كَذَا، وَالْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>