للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّكْرَانِ، وَتَرَكْتُمْ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ الَّتِي لَا رَيْبَ فِي صِحَّتِهَا فِيمَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَقُلْتُمْ: هُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩] وَالْعَجَبُ أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ مَعَ الْحَدِيثِ مُتَوَافِقَانِ مُتَطَابِقَانِ؛ فَإِنْ مَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ الْوُصُولِ إلَى الثَّمَنِ وَإِلَى عَيْنِ مَالِهِ إطْعَامٌ لَهُ بِالْبَاطِلِ الْغُرَمَاءَ؛ فَخَالَفْتُمْ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ مَعَ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ.

الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّكُمْ أَخَذْتُمْ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ وَهُوَ «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ قِرَاءَةٌ لَهُ» وَلَمْ تَقُولُوا: هُوَ زَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] وَتَرَكْتُمْ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ فِي بَقَاءِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ بِهِ، وَقُلْتُمْ: هُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ: {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: ٩٠] وَخِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ» .

الْوَجْهُ الْخَمْسُونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ، حَيْثُ أَمَرَ الَّذِي تَرَكَ لَمْعَةً مِنْ قَدَمِهِ بِأَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ، وَقَالُوا: هُوَ زَائِدٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، ثُمَّ أَخَذُوا بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ الزَّائِدِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فِي أَنَّ «أَقَلَّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ» .

الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: رَدُّ الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَنَّهُ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» ، وَأَنَّ مَنْ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، وَقَالُوا: هُوَ زَائِدٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢] وَقَالَ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٤] ثُمَّ أَخَذُوا بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ الزَّائِدِ عَلَى الْقُرْآنِ قَطْعًا فِي اشْتِرَاطِ الشَّهَادَةِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ. وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» ثُمَّ قَالُوا: لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُضُورِ الْوَلِيِّ وَلَا عَدَالَةِ الشَّاهِدَيْنِ.

فَهَذَا طَرَفٌ مِنْ بَيَانِ تَنَاقُضِ مَنْ رَدَّ السُّنَنَ بِكَوْنِهَا زَائِدَةً عَلَى الْقُرْآنِ فَتَكُونُ نَاسِخَةً فَلَا تُقْبَلُ.

الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: أَنَّكُمْ تُجَوِّزُونَ الزِّيَادَةَ عَلَى الْقُرْآنِ بِالْقِيَاسِ الَّذِي أَحْسَنُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ لِلْأُمَّةِ فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاطِلٌ مُنَافٍ لِلدِّينِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ صَحِيحٌ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ فَهُوَ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأَخِيرَةِ، وَلَا تَخْتَلِفُونَ فِي جَوَازِ إثْبَاتِ حُكْمٍ زَائِدٍ عَلَى الْقُرْآنِ بِهِ، فَهَلَّا قُلْتُمْ: إنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ نَسْخَ الْكِتَابِ بِالْقِيَاسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>