للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُمْ: لَوْ عَقَدَ عَلَى أُمِّهِ أَوْ أُخْتِهِ أَوْ بِنْتِهِ وَوَطِئَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ ذَلِكَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْعَقْدِ شُبْهَةٌ، وَلَوْ رَأَى امْرَأَةً فِي الظُّلْمَةِ ظَنَّهَا امْرَأَتَهُ فَوَطِئَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شُبْهَةً.

وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ: لَوْ أَنَّهُ رَشَا شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَا بِالزُّورِ الْمَحْضِ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَفَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَيَطَأَهَا حَلَالًا، بَلْ وَيَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ ذَلِكَ؛ فَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ نَقْضُ حُكْمِهِ، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لَنُقِضَ حُكْمُهُ وَقَدْ حَكَمَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،.

وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَخَرَجَتْ مَجْنُونَةً بَرْصَاءَ مِنْ قَرْنِهَا إلَى قَدَمِهَا مَجْذُومَةً عَمْيَاءَ مَقْطُوعَةَ الْأَطْرَافِ فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا وَجَدَتْ هِيَ الزَّوْجَ كَذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَإِنْ خَرَجَ الزَّوْجُ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ وَأَغْنَاهُمْ وَأَجْمَلِهِمْ وَأَعْلَمِهِمْ وَلَيْسَ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ وَلِلزَّوْجَةِ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ فَلَهَا الْفَسْخُ بِذَلِكَ.

وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ: يَصِحُّ نِكَاحُ الشِّغَارِ، وَيَجِبُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَقَدْ صَحَّ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ وَتَحْرِيمُهُ إيَّاهُ، وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ مَنْ أَعْتَقَ أَمَةً وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَقَدْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ: يَصِحُّ نِكَاحُ التَّحْلِيلِ، وَقَدْ صَحَّ لَعْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ فَعَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فِي الْجَنَّةِ، وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِمُضْطَرٍّ خَائِفِ الْعَنَتِ عَادِمِ الطَّوْلِ إذَا كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَلَوْ كَانَتْ عَجُوزًا شَوْهَاءَ لَا تُعِفُّهُ.

وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ: يَجُوزُ بَيْعُ الْكَلْبِ، وَقَدْ مَنَعَ مِنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَتَحْرِيمُ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَقَدْ بَاعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ: لِلْجَارِ أَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى غَرْزِهَا فِي حَائِطِهِ وَقَدْ نَهَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مَنْعِهِ، وَتَسْلِيطُهُمْ إيَّاهُ عَلَى انْتِزَاعِ دَارِهِ كُلِّهَا مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ وُقُوعِ الْحُدُودِ وَتَصْرِيفِ الطُّرُقِ وَقَدْ أَبْطَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ: لَا يُحْكَمُ بِالْقَسَامَةِ لِأَنَّهَا خِلَافُ الْأُصُولِ، ثُمَّ قَالُوا: يَحْلِفُ الَّذِينَ وَجَدُوا الْقَتِيلَ فِي مَحَلَّتِهِمْ وَدَارِهِمْ خَمْسِينَ يَمِينًا ثُمَّ يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ، فَيَا لِلَّهِ الْعَجَبُ، كَيْفَ كَانَ هَذَا وَفْقَ الْأُصُولِ وَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافَ الْأُصُولِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>