للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَسْوَدِ: «سَأَلْت عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاللَّيْلِ، قَالَتْ: كَانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، فَإِذَا كَانَ السَّحَرُ أَوَى، ثُمَّ يَأْتِي فِرَاشَهُ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إلَى أَهْلِهِ أَلَمَّ بِهِمْ، ثُمَّ يَنَامُ، فَإِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ - وَرُبَّمَا قَالَتْ الْأَذَانَ - وَثَبَ، وَرُبَّمَا قَالَتْ قَامَ، فَإِذَا كَانَ جُنُبًا أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ، وَرُبَّمَا قَالَتْ: اغْتَسَلَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُنُبًا تَوَضَّأَ ثُمَّ خَرَجَ لِلصَّلَاةِ» ، وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: فَإِذَا كَانَ عِنْدَ النِّدَاءِ الْأَوَّلِ وَثَبَ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَفِي رِوَايَتِهِ وَرِوَايَةِ شُعْبَةَ كَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ هَذَا النِّدَاءَ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِرِوَايَةِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ خَالَفَهَا، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ وَحَرَّمَ الطَّعَامَ، وَكَانَ لَا يُؤَذِّنُ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ» .

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ إنْ صَحَّ عَلَى الْأَذَانِ الثَّانِي، وَالصَّحِيحُ عَنْ نَافِعٍ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَانَ إذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ الْأَذَانِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ» وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

فَإِنْ قِيلَ: عُمْدَتُكُمْ فِي هَذَا إنَّمَا هُوَ عَلَى حَدِيثِ بِلَالٍ، وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ اضْطَرَبَ الرُّوَاةُ فِيهِ هَلْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ بِلَالًا أَوْ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَلَيْسَتْ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى، فَتَتَسَاقَطَانِ، فَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعَتْ عَمَّتِي أُنَيْسَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُنَادِي بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ بِلَالٌ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ. فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَسَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ» وَهَذَا الَّذِي رَوَاهُ صَاحِبَا الصَّحِيحِ، وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا حَدِيثُ أُنَيْسَةَ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهَا فِي ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا: كَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ وَابْنِ عُمَرَ عَنْ شُعْبَةَ، الثَّانِي: كَحَدِيثِ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ» هَكَذَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَعَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ؛ الثَّالِثُ: رُوِيَ عَلَى الشَّكِّ: «إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» أَوْ قَالَ: «ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ بِلَالٌ» كَذَلِكَ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَجَمَاعَةٌ، وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ وَعَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ لِمُوَافَقَتِهَا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ، وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي الْوَلِيدِ وَابْنِ عُمَرَ فَمِمَّا انْقَلَبَ فِيهَا لَفْظُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ عَارَضَهَا رِوَايَةُ الشَّكِّ وَرِوَايَةُ الْجَزْمِ بِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>