للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِيَهُودِ خَيْبَرَ أُقِرُّكُمْ عَلَى مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ، عَلَى أَنَّ التَّمْرَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ» قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَقُولُ: إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي، وَكَانُوا يَأْخُذُونَهُ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَرَصَ حَدِيقَةَ الْمَرْأَةِ وَهُوَ ذَاهِبٌ إلَى تَبُوكَ» وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: اخْرِصُوهَا، فَخَرَصُوهَا بِعَشَرَةِ أَوْسُقٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلُوا الْمَرْأَةَ عَنْ الْحَدِيقَةِ، فَقَالَتْ: بَلَغَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا» وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ بَعَثَ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ عَلَى خَرْصِ التَّمْرِ، وَقَالَ: " إذَا أَتَيْت أَرْضًا فَاخْرُصْهَا وَدَعْ لَهُمْ قَدْرَ مَا يَأْكُلُونَ " فَرُدَّتْ هَذِهِ السُّنَنُ كُلُّهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: ٩٠] قَالُوا: الْخَرْصُ مِنْ بَابِ الْقِمَارِ وَالْمَيْسِرِ؛ فَيَكُونُ تَحْرِيمُهُ نَاسِخًا لِهَذِهِ الْآثَارِ، وَهَذَا مِنْ أَبْطَلَ الْبَاطِلَ؛ فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْقِمَارِ وَالْمَيْسِرِ وَالْخَرْصِ الْمَشْرُوعِ، كَالْفَرْقِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالرِّبَا وَالْمَيْتَةِ وَالْمُذَكَّى، وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ رَسُولَهُ وَأَصْحَابَهُ عَنْ تَعَاطِي الْقِمَارِ وَعَنْ شَرْعِهِ وَعَنْ إدْخَالِهِ فِي الدِّينِ. وَيَا لِلَّهِ الْعَجَبُ، أَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُقَامِرُونَ إلَى زَمَنِ خَيْبَرَ، ثُمَّ اسْتَمَرُّوا عَلَى ذَلِكَ إلَى عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، ثُمَّ انْقَضَى عَصْرُ الصَّحَابَةِ وَعَصْرُ التَّابِعِينَ عَلَى الْقِمَارِ وَلَا يَعْرِفُونَ أَنَّ الْخَرْصَ قِمَارٌ حَتَّى بَيَّنَهُ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ؟ وَهَذَا وَاَللَّهِ الْبَاطِلُ حَقًّا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

[صِفَةُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ] : الْمِثَالُ الْخَمْسُونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَتَكْرَارِ الرُّكُوعِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَحَدِيثِ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، كُلُّهُمْ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكْرَارَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ، فَرُدَّتْ هَذِهِ السُّنَنُ الْمُحْكَمَةُ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «كُنْت يَوْمًا أَرْمِي بِأَسْهُمٍ وَأَنَا بِالْمَدِينَةِ، فَانْكَسَفَتْ الشَّمْسُ، فَجَمَعْت أَسْهُمِي وَقُلْت: لَأَنْظُرَنَّ مَاذَا أَحْدَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ؛ فَكُنْت خَلْفَ ظَهْرِهِ فَجَعَلَ يُسَبِّحُ وَيُكَبِّرُ وَيَدْعُو حَتَّى حُسِرَ عَنْهَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَقَرَأَ بِسُورَتَيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ.

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: «انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ» ، وَهَذَا لَا يُنَاقِضُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّهُ رَكَعَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَيْنِ فَهِيَ رَكْعَتَانِ وَتَعَدَّدَ رُكُوعُهُمَا كَمَا يُسَمَّيَانِ سَجْدَتَيْنِ مَعَ تَعَدُّدِ سُجُودِهِمَا، كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ: حَفِظْت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَكَثِيرًا مَا يَجِيءُ فِي السُّنَنِ إطْلَاقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>