للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوِتْرَ اللَّيْلِ لَيْسَ بِفَرْضٍ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، التَّاسِعُ: أَنَّ وِتْرَ النَّهَارِ يُقْضَى بِالِاتِّفَاقِ وَأَمَّا وِتْرُ اللَّيْلِ فَلَمْ يَقُمْ عَلَى قَضَائِهِ دَلِيلٌ؛ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ قَدْ فَاتَ فَهُوَ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ وَالْقُنُوتِ إذَا فَاتَ، وَقَدْ تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي قَضَاءِ الْوِتْرِ، وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا يُقْضَى؛ لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ، قَالَ: وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ إذَا مَنَعَهُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ صَلَّى مِنْ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَلَمْ يَذْكُرْ الْوِتْرَ، الْعَاشِرُ: أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ وِتْرِ اللَّيْلِ جَعْلُ مَا تَقَدَّمَهُ مِنْ الْأَشْفَاعِ كُلِّهَا وِتْرًا، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إيتَارَ الشَّفْعِ الَّذِي يَلِيه خَاصَّةً، وَكَانَ الْأَقْيَسُ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ رَكْعَةً مُفْرَدَةً تُوتِرُ جَمِيعَ مَا قَبْلَهَا، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي التَّنَفُّلُ إذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْفَرْضِ]

[التَّنَفُّلُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ لِلصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ]

الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّنَفُّلُ إذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْفَرْضِ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةُ» وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَتِهِ: «إلَّا الَّتِي أُقِيمَتْ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَاثَ بِهِ النَّاسُ وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟ الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟» وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ: «دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الصَّفِّ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: يَا فُلَانُ بِأَيِّ صَلَاتَيْك اعْتَدَدْت؟ بِاَلَّتِي صَلَّيْت وَحْدَك أَوْ بِاَلَّتِي صَلَّيْت مَعَنَا؟» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِرَجُلٍ، فَكَلَّمَهُ بِشَيْءٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَحَطْنَا بِهِ نَقُولُ: مَاذَا قَالَ لَك رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: قَالَ لِي: يُوشِكُ أَنْ يُصَلِّيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ أَرْبَعًا» وَعِنْدَ مُسْلِمٍ: «أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ، فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا يُصَلِّي وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ الصَّلَاةَ، فَقَالَ: أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟» وَقَالَ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا أَبُو عَامِرٍ الْخَرَّازُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كُنْت أُصَلِّي وَأَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ، فَجَذَبَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا» وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إذَا رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَهُوَ يَسْمَعُ الْإِقَامَةَ ضَرَبَهُ.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَبْصَرَ رَجُلًا يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ، فَحَصَبَهُ وَقَالَ: أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟ فَرُدَّتْ هَذِهِ السُّنَنُ كُلُّهَا بِمَا رَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ الْمَتْرُوكُ عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ الْهَالِكِ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَزَادَ: «إلَّا رَكْعَتَيْ الصُّبْحِ» فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ كَاسْمِهَا زِيَادَةٌ فِي الْحَدِيثِ لَا أَصْلَ لَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>