للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَصْرَحُ مِنْ هَذَا حَدِيثُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ حُجْرٌ بْنِ عَنْبَسٍ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ آمِينَ، وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ» .

وَفِي لَفْظٍ: «وَطَوَّلَ بِهَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَقَدْ خَالَفَ شُعْبَةُ سُفْيَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: «وَخَفَضَ بِهَا صَوْتَهُ» وَحُكْمُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَحُفَّاظِهِ فِي هَذَا لِسُفْيَانَ فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ يَقُولُ: حَدِيثُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، أَخْطَأَ شُعْبَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَوَاضِعَ، فَقَالَ: " عَنْ حُجْرٌ أَبِي الْعَنْبَسِ " وَإِنَّمَا كُنْيَتُهُ أَبُو السَّكَنِ، وَزَادَ فِيهِ عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ حُجْرٌ بْنُ عَنْبَسٍ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ، لَيْسَ فِيهِ عَلْقَمَةُ، وَقَالَ: «وَخَفَضَ بِهَا صَوْتَهُ» وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ جَهَرَ بِهَا.

قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَسَأَلْت أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ هَذَا، فَقَالَ: حَدِيثُ سُفْيَانَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، وَقَدْ رَوَى الْعَلَاءُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ نَحْوَ رِوَايَةِ سُفْيَانَ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَذَا قَالَ شُعْبَةُ: «وَأَخْفَى بِهَا صَوْتَهُ» وَيُقَالُ: إنَّهُ وَهَمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَمُحَمَّدَ بْنَ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَغَيْرَهُمَا رَوَوْهُ عَنْ سَلَمَةَ فَقَالُوا: «وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِآمِينَ» وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا أَعْلَمُ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ إذَا اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ سُفْيَانَ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ شُعْبَةَ، وَلَا يَعْدِلُهُ عِنْدِي أَحَدٌ، وَإِذَا خَالَفَهُ سُفْيَانُ أَخَذْت بِقَوْلِ سُفْيَانَ، وَقَالَ شُعْبَةُ: سُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنِّي؛ فَهَذَا تَرْجِيحٌ لِرِوَايَةِ سُفْيَانَ، وَتَرْجِيحٌ ثَانٍ: وَهُوَ مُتَابَعَةُ الْعَلَاءِ بْنِ صَالِحٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ لَهُ، وَتَرْجِيحٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ أَبَا الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيَّ - وَحَسْبُك بِهِ رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ بِوِفَاقِ الثَّوْرِيِّ فِي مَتْنِهِ، فَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَى شُعْبَةَ كَمَا تَرَى.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَنَبَّهَ لِذَلِكَ فَعَادَ إلَى الصَّوَابِ فِي مَتْنِهِ، وَتَرَكَ ذِكْرَ ذَلِكَ عَلْقَمَةُ فِي إسْنَادِهِ، وَتَرْجِيحٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ لَوْ تَقَاوَمَتَا لَكَانَتْ رِوَايَةُ الرَّفْعِ مُتَضَمِّنَةً لِزِيَادَةٍ وَكَانَتْ أَوْلَى بِالْقَبُولِ، وَتَرْجِيحٌ خَامِسٌ: وَهُوَ مُوَافَقَتُهَا وَتَفْسِيرُهَا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «وَإِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ آمِينَ وَالْمَلَائِكَةُ تَقُولُ: آمِينَ، فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ» . وَتَرْجِيحٌ سَادِسٌ: وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِآمِينَ» وَلِأَبِي دَاوُد بِمَعْنَاهُ، وَزَادَ بَيَانًا فَقَالَ: «قَالَ آمِينَ حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ يَلِيه مِنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ» وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَالَ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] قَالَ: آمِينَ يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ، وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ.»

وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهِهِ قَالَ: «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: آمِينَ إذَا قَرَأَ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] » وَعَنْهُ أَيْضًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَانَ إذَا قَرَأَ وَلَا الضَّالِّينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>