للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ وَمِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ الْمُحَرَّمَةِ

إذَا أَرَادَ أَنْ يُحَابِيَ وَارِثَهُ فِي مَرَضِهِ أَنْ يَبِيعَ أَجْنَبِيًّا شَفِيعُهُ وَارِثُهُ شِقْصًا بِدُونِ ثَمَنِهِ، لِيَأْخُذَهُ وَارِثُهُ بِالشُّفْعَةِ.

فَمَتَى قَصَدَ ذَلِكَ حُرِّمَتْ الْمُحَابَاةُ الْمَذْكُورَةُ، وَكَانَ لِلْوَرَثَةِ إبْطَالُهَا إذَا كَانَتْ حِيلَةً عَلَى مُحَابَاةِ الْوَارِثِ، وَهَذَا كَمَا يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَّخَذُ حِيلَةً لِتَخْصِيصِهِ.

وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ، إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ حِيلَةً، فَأَمَّا إذَا كَانَ حِيلَةً فَأُصُولُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي مَا ذَكَرْنَاهُ، وَمَنْ اعْتَبَرَ سَدَّ الذَّرَائِعِ فَأَصْلُهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْأَخْذِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْحِيلَةَ، فَإِنْ قَصَدَ التَّحَيُّلَ امْتَنَعَ الْأَخْذُ لِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ امْتَنَعَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ.

[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ أَرْشِ الْجِنَايَاتِ]

فَصْلٌ

[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ أَرْشِ الْجِنَايَاتِ] : وَمِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ الْمُحَرَّمَةِ إذَا أَوْضَحَ رَأْسَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ وَجَبَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ مِنْ الْإِبِلِ، فَإِذَا أَرَادَ جَعَلَهَا خَمْسَةً فَلْيُوضِحْهُ ثَالِثَةً تَخْرِقُ مَا بَيْنَهُمَا.

وَهَذِهِ الْحِيلَةُ مَعَ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فَإِنَّهُمَا لَا تُسْقِطُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَشْرَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بِالِانْدِمَالِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَهِيَ مُوضِحَةٌ ثَالِثَةٌ، وَعَلَيْهِ دِيَتُهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَلَمْ يَسْتَقِرَّ أَرْشُ الْمُوضِحَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ حَتَّى صَارَ الْكُلُّ وَاحِدَةً مِنْ جَانٍ وَاحِدٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ سَرَتْ الْجِنَايَةُ حَتَّى خَرَقَتْ مَا بَيْنَهُمَا فَإِنَّهَا تَصِيرُ وَاحِدَةً.

وَهَكَذَا لَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا بَعْدَ أُصْبُعٍ مِنْ امْرَأَةٍ حَتَّى قَطَعَ أَرْبَعًا؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ عِشْرُونَ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّلَاثِ وَجَبَ ثَلَاثُونَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ الرَّابِعَةَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهَا عَشْرَةٌ، كَمَا لَوْ تَعَدَّدَ الْجَانِي فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَرْشُ جِنَايَتِهِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَبَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ أَطْرَافَ رَجُلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ دِيَاتٌ، فَإِنْ انْدَمَلَتْ ثُمَّ قَتَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ مَعَ تِلْكَ الدِّيَاتِ دِيَةُ النَّفْسِ، وَلَوْ قَتَلَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ، كَمَا لَوْ قَطَعَهُ عُضْوًا عُضْوًا حَتَّى مَاتَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>