للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، وَتَقَدَّمَ أَنَّ نَظِيرَ هَذِهِ الْحِيلَةِ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ هَذَا الثَّوْبَ فَلْيُنْسِلْ مِنْهُ خَيْطًا ثُمَّ يَلْبَسْهُ، أَوْ لَا يَأْكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ فَلِيُخْرِجْ مِنْهُ لُبَابَةً ثُمَّ يَأْكُلْهُ.

قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ: لَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ لَكَانَ أَخَفَّ وَأَسْهَلَ مِنْ هَذَا الْخِدَاعِ، وَلَوْ قَابَلَ الْعَبْدُ أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ بِهَذِهِ الْمُقَابَلَةِ لَعُدَّ عَاصِيًا مُخَادِعًا، بَلْ لَوْ قَابَلَ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ أَمْرَ الْمَلِكِ وَنَهْيَهُ أَوْ الْعَبْدُ أَمْرَ سَيِّدِهِ وَنَهْيَهُ أَوْ الْمَرِيضُ أَمْرَ الطَّبِيبِ وَنَهْيَهُ بِهَذِهِ الْمُقَابَلَةِ لَمَا عَذَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ، وَلَعَدَّهُ كُلُّ أَحَدٍ عَاصِيًا، وَإِذَا تَدَبَّرَ الْعَالِمُ فِي الشَّرِيعَةِ أَمْرَ هَذِهِ الْحِيَلِ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ نِسْبَتُهَا إلَيْهَا وَمَحَلُّهَا مِنْهَا، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

[فَصْلٌ إبْطَالُ حيلة فِي الْإِيمَان]

فَصْلٌ

[إبْطَالُ حِيلَةٍ فِي الْأَيْمَانِ] : وَمِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ: لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ هَذِهِ السِّلْعَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ زَادَ عَلَيْهَا؛ فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِيهَا بِذَلِكَ فَلْيَبِعْهَا بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ دِينَارًا، أَوْ مِائَةِ جُزْءٍ مِنْ دِينَارٍ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ يَبِعْهَا بِدَرَاهِمَ تُسَاوِي ذَلِكَ، أَوْ يَبِعْهَا بِتِسْعِينَ دِينَارًا وَمِنْدِيلًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.

وَكُلُّ هَذِهِ حِيَلٌ بَاطِلَةٌ، فَإِنَّهَا تَتَضَمَّنُ نَفْسَ مُخَالَفَتِهِ لِمَا نَوَاهُ وَقَصَدَهُ وَعَقَدَ قَلْبَهُ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَتْ يَمِينُ الْحَالِفِ عَلَى مَا يُصَدِّقُهُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ، - كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَمِينُهُ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ كَائِنًا مَا.

كَانَ؛ فَلْيَقُلْ مَا شَاءَ، وَلْيَتَحَيَّلْ مَا شَاءَ، فَلَيْسَتْ يَمِينُهُ إلَّا عَلَى مَا عَلِمَهُ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: ٢٢٥] فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْأَيْمَانِ قَصْدُ الْقَلْبِ وَكَسْبُهُ، لَا مُجَرَّدُ اللَّفْظِ الَّذِي لَمْ يَقْصِدْهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَاهُ؛ عَلَى التَّفْسِيرَيْنِ فِي اللَّغْوِ، فَكَيْفَ إذَا كَانَ قَاصِدًا لِصَدِّ مَا يَتَحَيَّلُ عَلَيْهِ؟

[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَجْوِيزِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ]

فَصْلٌ

[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَجْوِيزِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ] :

وَمِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ عَلَى أَنْ يَطَأَ أَمَتَهُ وَإِذَا حَبِلَتْ مِنْهُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ، فَلَهُ بَيْعُهَا: أَنْ يُمَلِّكَهَا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا وَيَطَأَهَا، فَإِذَا وَلَدَتْ مِنْهُ عَتَقَ الْأَوْلَادُ عَلَى الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُمْ إخْوَتُهُ، وَمَنْ مَلَكَ أَخَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>