للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْمِثَالُ السَّابِعُ تَزَوُّجُ الْمَرْأَةِ بِشَرْطِ أَلَّا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا]

تَزَوُّجُ الْمَرْأَةِ بِشَرْطِ أَلَّا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا] الْمِثَالُ السَّابِعُ: إذَا خَاصَمَتْهُ امْرَأَتُهُ وَقَالَتْ: قُلْ " كُلُّ جَارِيَةٍ أَشْتَرِيهَا فَهِيَ حُرَّةٌ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ " فَالْحِيلَةُ فِي خَلَاصِهِ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَيَعْنِي بِالْجَارِيَةِ السَّفِينَةَ لِقَوْلِهِ: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة: ١١] وَيُمْسِكُ بِيَدِهِ حَصَاةً أَوْ خِرْقَةً وَيَقُولُ: " فَهِيَ طَالِقٌ " فَيَرُدُّ الْكِنَايَةَ إلَيْهَا، فَإِنْ تَفَقَّهَتْ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ وَقَالَتْ: قُلْ: " كُلُّ رَقِيقَةٍ أَوْ أَمَةٍ " فَلِيَقُلْ ذَلِكَ وَلْيَعْنِ فَهِيَ حُرَّةُ الْخِصَالِ غَيْرُ فَاجِرَةٍ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ تُعْتَقْ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: " غُلَامُك فَاجِرٌ زَانٍ " فَقَالَ: مَا أَعْرِفُهُ إلَّا حُرًّا عَفِيفًا، وَلَمْ يُرِدْ الْعِتْقَ، لَمْ يُعْتَقْ.

وَإِنْ تَفَقَّهَتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ: قُلْ: " فَهِيَ عَتِيقَةٌ " فَلِيَقُلْ ذَلِكَ وَلِيَنْوِ ضِدَّ الْجَدِيدَةِ، أَيْ عَتِيقَةٌ فِي الرِّقِّ، فَإِنْ تَفَقَّهَتْ وَقَالَتْ: قُلْ: " فَهِيَ مَعْتُوقَةٌ " وَ: " قَدْ أَعْتَقْتهَا إنْ مَلَكْتهَا " فَلْيَرُدَّ الْكِنَايَةَ إلَى حَصَاةٍ فِي يَدِهِ أَوْ خِرْقَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَدَعْهُ أَنْ يَمْسِكَ شَيْئًا فَلْيَرُدَّهَا إلَى نَفْسِهِ، وَيَعْنِي أَنْ قَدْ أَعْتَقَهَا مِنْ النَّارِ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ فَهِيَ حُرَّةٌ لَيْسَتْ رَقِيقَةً لِأَحَدٍ، وَيَجْعَلُ الْكَلَامَ جُمْلَتَيْنِ، فَإِنْ حَضَرَتْهُ وَقَالَتْ: قُلْ: " فَالْجَارِيَةُ الَّتِي أَشْتَرِيهَا مَعْتُوقَةٌ " فَلْيُقَيِّدْ ذَلِكَ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مَكَان مُعَيَّنٍ فِي نِيَّتِهِ، وَلَا يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ حَضَرَتْهُ وَقَالَتْ: مِنْ غَيْرِ تَوْرِيَةٍ وَلَا كِنَايَةٍ وَلَا نِيَّةٍ تُخَالِفُ قَوْلِي، وَهَذَا آخِرُ التَّشْدِيدِ، فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنْ التَّوْرِيَةِ وَالْكِنَايَةِ.

وَإِنْ قَالَ بِلِسَانِهِ: " لَا أُوَرِّي وَلَا أُكَنِّي " وَالتَّوْرِيَةُ وَالْكِنَايَةُ فِي قَلْبِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: " لَا أَسْتَثْنِي " بِلِسَانِهِ وَمِنْ نِيَّتِهِ الِاسْتِثْنَاءُ، ثُمَّ اسْتَثْنَى فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَنْوِ الِاسْتِثْنَاءَ ثُمَّ عَزَمَ عَلَيْهِ وَاسْتَثْنَى نَفَعَهُ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا بِوَجْهٍ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ، كَقَوْلِ الْمَلَكِ لِسُلَيْمَانَ: قُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إلَّا الْإِذْخِرَ» بَعْدَ أَنْ ذَكَّرَهُ بِهِ الْعَبَّاسُ، وَقَوْلِهِ: «إنْ شَاءَ اللَّهُ» بَعْدَ أَنْ قَالَ: «لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ وَسُكُوتِهِ: «إنْ شَاءَ اللَّهُ» .

وَالْقُرْآنُ صَرِيحٌ فِي نَفْعِ الِاسْتِثْنَاءِ إذَا نَسِيَهُ وَلَمْ يَنْوِهِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ وَلَا أَثْنَاءَهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا - إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: ٢٣ - ٢٤] ، وَهَذَا إمَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِالِاسْتِثْنَاءِ إذَا نَسِيَهُ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ، أَوْ يَعُمَّهُ وَيَعُمَّ غَيْرَهُ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ فَأَمَّا أَنْ يُخْرِجَ مِنْهُ الِاسْتِثْنَاءَ الَّذِي سِيقَ الْكَلَامُ لِأَجْلِهِ وَيَرُدَّ إلَى غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ، وَلِأَنَّ الْكَلَامَ الْوَاحِدَ لَا يُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهِ نِيَّةُ كُلِّ جُمْلَةٍ مِنْ جُمَلِهِ وَبَعْضٍ مِنْ أَبْعَاضِهِ؛ فَالنَّصُّ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي نَفْعَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَإِنْ خَطَر لَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْكَلَامِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ.

[الْمِثَالُ الثَّامِنُ إجَارَةُ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالزَّرْعِ]

[إجَارَةُ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالزَّرْعِ]

الْمِثَالُ الثَّامِنُ: لَا تَصِحُّ إجَارَةُ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالزَّرْعِ، فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلَهُ حِيلَتَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>