للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي تَخَلُّصِ الْمَرْأَة مِنْ الزَّوْجِ الَّذِي لَا تَرْضَى بِهِ]

حِيلَةٌ فِي تَخَلُّصِ الْمَرْأَةِ مِنْ الزَّوْجِ الَّذِي لَا تَرْضَى بِهِ]

الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ: إذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ وَخَافَتْ أَنْ يُسَافِرَ عَنْهَا الزَّوْجُ وَيَدَعَهَا أَوْ يُسَافِرَ بِهَا وَلَا تُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنْ دَارِهَا أَوْ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ يَتَسَرَّى أَوْ يَشْرَبَ الْمُسْكِرَ أَوْ يَضْرِبَهَا مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ أَوْ يَتَبَيَّنَ فَقِيرًا وَقَدْ ظَنَّتْهُ غَنِيًّا أَوْ مَعِيبًا وَقَدْ ظَنَّتْهُ سَلِيمًا أَوْ أُمِّيًّا وَقَدْ ظَنَّتْهُ قَارِئًا أَوْ جَاهِلًا وَقَدْ ظَنَّتْهُ عَالِمًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَا يُمْكِنُهَا التَّخَلُّصُ، فَالْحِيلَةُ لَهَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ تَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا، إنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ، وَتُشْهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَإِنْ خَافَتْ أَنْ لَا تَشْتَرِطَ ذَلِكَ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ فَلَا يُمْكِنُهَا إلْزَامُهُ بِالشَّرْطِ فَلَا تَأْذَنُ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ إلَّا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، فَيَقُولَ: زَوَّجْتُكُمَا عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ كَانَ الْأَمْرُ كَيْتَ وَكَيْتَ؛ فَمَتَى كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ مَلَكَتْ تَطْلِيقَ نَفْسِهَا، وَلَا بَأْسَ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَتَخَلَّصُ بِهَا مِنْ نِكَاحِ مَنْ لَمْ تَرْضَ بِنِكَاحِهِ، وَتَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ رَفْعِ أَمْرِهَا إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْسَخَ نِكَاحَهَا بِالْغَيْبَةِ وَالْإِعْسَارِ وَنَحْوِهِمَا.

[الْمِثَالُ السِّتُّونَ ضَمَانُ مَا لَا يَجِبُ]

[ضَمَانُ مَا لَا يَجِبُ]

الْمِثَالُ السِّتُّونَ: يَصِحُّ ضَمَانُ مَا لَا يَجِب كَقَوْلِهِ: " مَا أَعْطَيْت لِفُلَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ " عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي قَوْلِ مُؤَذِّنِ يُوسُفَ: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] وَالْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِي ذَلِكَ، بَلْ قَدْ تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ أَوْ الضَّرُورَةُ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ، وَسَلِمَ جَوَازُهُ إذَا تَبَيَّنَ سَبَبُ وُجُوبِهِ كَدَرَكِ الْمَبِيعِ.

وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ إذَا رَضِيَ بِأَنْ يَلْتَزِمَ عَنْهُ مِقْدَارًا لَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُقِرَّ الْمَضْمُونُ عَنْهُ بِهِ لِلدَّافِعِ ثُمَّ يَضْمَنَهُ عَنْهُ الضَّامِنُ، فَإِنْ خَشِيَ الْمُقِرُّ أَنْ يُطَالِبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِذَلِكَ وَلَا يَدْفَعَهُ إلَيْهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ: هُوَ عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ، فَإِنْ تَحَرَّجَ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْكَذِبِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهُ مَا يُرِيدُ أَخْذَهُ مِنْهُ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي الْتَزَمَ الضَّامِنُ أَدَاءَهُ، فَإِذَا صَارَ فِي ذِمَّتِهِ ضَمِنَهُ عَنْهُ، وَهَذَا الْحُكْمُ إذَا زَوَّجَ ابْنَهُ أَوْ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ وَضَمِنَ لِلْمَرْأَةِ نَفَقَتَهَا وَكِسْوَتَهَا فَالصَّحِيحُ فِي هَذَا كُلِّهِ جَوَازُ الضَّمَانِ، وَالْحَاجَةُ تَدْعُو إلَيْهِ، وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ، وَلَيْسَ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَتُؤَثِّرُ فِيهِ الْجَهَالَةُ، وَعُقُودُ الِالْتِزَامِ لَا تُؤَثِّرُ فِيهَا الْجَهَالَةُ كَالنَّذْرِ، ثُمَّ يُمْكِنُ رَفْعُ الْجَهَالَةِ بِأَنْ يَحُدَّ لَهُ حَدًّا فَيَقُولَ: مِنْ دِرْهَمٍ إلَى كَذَا وَكَذَا.

فَإِنْ قِيلَ: مَا بَيْنَ الدِّرْهَمِ وَالْغَايَةِ مَجْهُولٌ لَا يَدْرِي كَمْ يَلْزَمُهُ مِنْهُ.

قِيلَ: لَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي جَوَازِ الِالْتِزَامِ؛ لِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ فِي الْآخَرِ كَمْ هُوَ الْوَاجِبُ مِنْهُ، ثُمَّ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَقَالَ: " لَهُ عَلَيَّ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى أَلْفٍ " صَحَّ؛ فَهَكَذَا إذَا قَالَ: " ضَمِنْت عَنْهُ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى أَلْفٍ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>