للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَرْطِ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي عَلَيْهِ شَيْءٌ، أَوْ قَبِلَ عَقْدَ الْحَوَالَةِ بِشَرْطِ مَلَاءَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَكَوْنِهِ غَيْرَ مَحْجُورٍ، وَلَا مُمَاطِلٍ، وَأَضْعَافُ أَضْعَافُ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تُحِلُّ حَرَامًا، وَلَا تُحَرِّمُ حَلَالًا، فَإِنَّهَا جَائِزٌ اشْتِرَاطُهَا لَازِمٌ الْوَفَاءُ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ نَصًّا وَقِيَاسًا.

وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ بِصِحَّةِ هَذَا الشَّرْطِ فِي الْحَوَالَةِ، فَقَالُوا، وَاللَّفْظُ لِلْخَصَّافِ: يَجُوزُ أَنْ يَحْتَالَ الطَّالِبُ بِالْمَالِ عَلَى غَرِيمِ الْمَطْلُوبِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْغَرِيمَ إنْ لَمْ يُوَفِّ الطَّالِبَ هَذَا الْمَالَ إلَى كَذَا وَكَذَا فَالْمَطْلُوبُ ضَامِنٌ لِهَذَا الْمَالِ عَلَى حَالِهِ، وَلِلطَّالِبِ أَخْذُهُ بِذَلِكَ، وَتَقَعُ الْحَوَالَةُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، فَإِنْ وَفَّاهُ الْغَرِيمُ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي يَشْتَرِطُهُ، وَإِلَّا رَجَعَ إلَى الْمَطْلُوبِ، وَأَخَذَهُ بِالْمَالِ، ثُمَّ حَكَى عَنْ شَيْخِهِ قَالَ: قُلْت: وَهَذَا جَائِزٌ؟ قَالَ: نَعَمْ.

الْحِيلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ طَالِبُ الْحَقِّ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ: اضْمَنْ لِي هَذَا الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى غَرِيمِي، وَيَرْضَى مِنْهُ بِذَلِكَ بَدَلَ الْحَوَالَةِ، فَإِذَا ضَمِنَهُ تَمَكَّنَ مِنْ مُطَالَبَةِ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَهَذِهِ مِنْ أَحْسَنِ الْحِيَلِ، وَأَلْطَفِهَا.

[الْمِثَالُ السَّادِسُ بَعْدَ الْمِائَةِ حِيلَةٌ فِي لُزُومِ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ الْحَالِّ]

[حِيلَةٌ فِي لُزُومِ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ الْحَالِّ]

الْمِثَالُ السَّادِسُ بَعْدَ الْمِائَةِ: إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ، فَاتَّفَقَا عَلَى تَأْجِيلِهِ، وَخَافَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ لَا يَفِيَ لَهُ بِالتَّأْجِيلِ؛ فَالْحِيلَةُ فِي لُزُومِهِ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الدَّيْنِ الْحَالِّ، ثُمَّ يَعْقِدَهُ عَلَيْهِ مُؤَجَّلًا، فَإِنْ كَانَ عَنْ ضَمَانٍ أَوْ كَانَ بَدَلَ مُتْلَفٍ أَوْ عَنْ دِيَةٍ، وَقَدْ حَلَّتْ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ فِي لُزُومِ التَّأْجِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ سِلْعَةً بِمِقْدَارِ هَذَا الدَّيْنِ، وَيُؤَجِّلَ عَلَيْهِ ثَمَنَهَا، ثُمَّ يَبِيعَهُ الْمَدِينُ تِلْكَ السِّلْعَةَ بِالدَّيْنِ الَّذِي أَجَّلَهُ عَلَيْهِ أَوَّلًا، فَيَبْرَأَ مِنْهُ، وَيَثْبُتَ فِي ذِمَّتِهِ نَظِيرُهُ مُؤَجَّلًا، فَإِنْ خَافَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَنْ لَا يَفِيَ لَهُ مَنْ عَلَيْهِ بِأَدَائِهِ عِنْدَ كُلِّ نَجْمٍ كَمَا أَجَّلَهُ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ حَلَّ نَجْمٌ، وَلَمْ يُؤَدِّهِ قِسْطَهُ فَجَمِيعُ الْمَالِ عَلَيْهِ حَالٌّ، فَإِذَا نَجَّمَهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ جَازَ، وَتَمَكَّنَ مِنْ مُطَالَبَتِهِ بِهِ حَالًّا وَمُنَجَّمًا عِنْدَ مَنْ يَرَى لُزُومَ تَأْجِيلِ الْحَالِّ وَمَنْ لَا يَرَاهُ، أَمَّا مَنْ لَا يَرَاهُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَنْ يَرَاهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ؛ لِهَذَا الشَّرْطِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْمِثَالُ السَّابِعُ بَعْدَ الْمِائَةِ وَصِيَّةُ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا وَارِثَ لَهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ فِي الْبِرِّ]

[وَصِيَّةُ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا وَارِثَ لَهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ فِي الْبِرِّ]

الْمِثَالُ السَّابِعُ بَعْدَ الْمِائَةِ: إذَا أَرَادَ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا وَارِثَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ، فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ يَمْلِكُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَهُ الشَّارِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>