للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْمِثَالُ الْعَاشِرُ بَعْدَ الْمِائَةِ انْتِفَاعُ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ]

انْتِفَاعُ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ]

الْمِثَالُ الْعَاشِرُ بَعْدَ الْمِائَةِ: لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالرَّهْنِ إلَّا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ كَانَ إبَاحَةً أَوْ عَارِيَّةً لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا مَتَى شَاءَ، وَيَقْضِي لَهُ بِالْأُجْرَةِ مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ فَالْحِيلَةُ فِي انْتِفَاعِ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ آمِنًا مِنْ الرُّجُوعِ وَمِنْ الْأُجْرَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ مِنْهُ لِلْمُدَّةِ الَّتِي يُرِيدُ الِانْتِفَاعَ بِهِ فِيهَا، ثُمَّ يُبْرِئَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ، أَوْ يُقِرَّ بِقَبْضِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ عَلَى عَقْدِ الرَّهْنِ، وَلَا يُبْطِلَهُ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهُ مَا اسْتَأْجَرَهُ، فَيَرُدَّ كُلٌّ مِنْ الْعَقْدَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَهُوَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَحَقُّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فِيهِمَا، إلَّا أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْمَرْهُونِ مَعَ الْإِجَارَةِ، وَالرَّهْنُ بِحَالِهِ.

[الْمِثَالُ الْحَادِيَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ اسْتِيثَاقُ كُلٍّ مِنْ الرَّاهِنِ وَالدَّائِنِ بِمَالِهِ]

[اسْتِيثَاقُ كُلٍّ مِنْ الرَّاهِنِ وَالدَّائِنِ بِمَالِهِ]

الْمِثَالُ الْحَادِيَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ: إذَا كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ، وَبِالْمَالِ رَهْنٌ، فَادَّعَى صَاحِبُ الرَّهْنِ بِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَخَافَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يُقِرَّ بِالرَّهْنِ، فَيَقُولُ الرَّاهِنُ: قَدْ أَقْرَرْت بِأَنَّ لِي رَهْنًا فِي يَدِك، وَادَّعَيْت الدَّيْنَ، فَيَنْزِعُهُ مِنْ يَدِهِ، وَلَا يُقِرُّ لَهُ بِالدَّيْنِ، فَقَدْ ذَكَرُوا لَهُ حِيلَةً تُحْرِزُ حَقَّهُ، وَهِيَ أَنْ لَا يُقِرَّ بِهِ حَتَّى يُقِرَّ لَهُ صَاحِبُهُ بِالدَّيْنِ، فَإِنْ ادَّعَاهُ، وَسَأَلَ إحْلَافَهُ أَنْكَرَ وَحَلَفَ، وَعَرَّضَ فِي يَمِينِهِ، بِأَنْ يَنْوِيَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ لَهُ قَبْلَ مِلْكِهِ أَوْ إذَا بَاعَهُ، أَوْ لَيْسَ لَهُ عَارِيًّا عَنْ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَأَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ الْحِيلَةِ أَنْ يُفَصِّلَ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى فَيَقُولَ: إنْ ادَّعَيْتَهُ رَهْنًا فِي يَدِي عَلَى أَلْفٍ لِي عَلَيْك فَأَنَا مُقِرٌّ بِهِ، وَإِنْ ادَّعَيْتَهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَلَا أُقِرُّ لَك، وَيَنْفَعُهُ هَذَا الْجَوَابُ، كَمَا قَالُوا فِيمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا، فَقَالَ: إنْ ادَّعَيْتهَا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ مِنْك فَأَنَا مُقِرٌّ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا مِثْلُهُ سَوَاءٌ.

فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ هُوَ الْمُدَّعِيَ لِلْمَالِ فَخَافَ الرَّاهِنُ أَنْ يُقِرَّ بِالْمَالِ فَيَجْحَدَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فَيَلْزَمَ الرَّاهِنَ الْمَالُ، وَيَذْهَبُ رَهْنُهُ، فَالْحِيلَةُ فِي أَمْنِهِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: إنْ ادَّعَيْت هَذَا الْمَالَ، وَأَنَّك تَسْتَحِقُّهُ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ لِي عِنْدَك فَلَا أُقِرُّ بِهِ، وَإِنْ ادَّعَيْتَهُ مَعَ كَوْنِي رَهَنْتُك بِهِ كَذَا وَكَذَا فَأَنَا مُقِرٌّ بِهِ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا.

وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: الْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ مِنْهُ بِدِرْهَمٍ فَيَقُولَ: لَك عَلَيَّ دِرْهَمٌ، وَلِي عِنْدَك رَهْنُ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا سَأَلَ الْحَاكِمُ الْمُدَّعِيَ عَنْ الرَّهْنِ، فَإِمَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُنْكِرَ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَلْيُقِرَّ لَهُ خَصْمُهُ بِبَاقِي دَيْنِهِ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَسِعَ الْآخَرَ أَنْ يَجْحَدَ بَاقِي الدَّيْنِ وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الرَّهْنُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ لَزِمَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا زَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>