للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ عَلَيْهِمْ اعْتِقَادَهُ وَالْعَمَلَ بِهِ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي أَدَّاهُمْ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُمْ، بَلْ مَضَوْا لِسَبِيلِهِمْ، وَصَارَتْ أَقْوَالُهُمْ أَعْلَامًا يَهْتَدِي بِهَا الْمُهْتَدُونَ، تَحْقِيقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: ٢٤] .

فَصْلٌ:

[الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَفْتَوْا بِذَلِكَ]

وَمَنْ لَهُ اطِّلَاعٌ وَخِبْرَةٌ وَعِنَايَةٌ بِأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ عَصْرِ الصَّحَابَةِ مَنْ يُفْتِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ، وَإِلَى الْآنِ.

فَأَمَّا الصَّحَابَةُ فَقَدْ ذَكَرْنَا فَتَاوَاهُمْ فِي الْحَالِفِ بِالْعِتْقِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ، وَأَنَّ الطَّلَاقَ أَوْلَى مِنْهُ، وَذَكَرْنَا فَتْوَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ بِعَدَمِ لُزُومِ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ، وَأَنَّهُ لَا مُخَالِفَ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ.

وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَذَكَرْنَا فَتْوَى طَاوُسٍ بِأَصَحِّ إسْنَادٍ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ التَّابِعِينَ، وَأَفْتَى عِكْرِمَةُ، وَهُوَ مِنْ أَغْزَرِ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِلْمًا عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ طَاوُسٌ سَوَاءٌ قَالَ سُنَيْدُ بْنُ دَاوُد فِي تَفْسِيرِهِ الْمَشْهُورِ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور: ٢١] حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور: ٢١] قَالَ: النُّذُورُ فِي الْمَعَاصِي، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْمُهَلَّبِيُّ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِغُلَامِهِ " إنْ لَمْ أَجْلِدْك مِائَةَ سَوْطٍ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ " قَالَ: لَا يَجْلِدُ غُلَامَهُ وَلَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ، هَذَا مِنْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ.

وَأَمَّا مَنْ بَعْدَ التَّابِعِينَ فَقَدْ حَكَى الْمُعْتَنُونَ بِمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِي ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ،، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ لَمْ يَزَالُوا مُتَوَافِرِينَ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ لِلْحَالِفِ بِهِ، وَلَمْ يَزَلْ مِنْهُمْ الْأَئِمَّةُ وَالْفُقَهَاءُ وَالْمُصَنِّفُونَ وَالْمُقَلِّدُونَ لَهُمْ، وَعِنْدَنَا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ لَا مَطْعَنَ فِيهَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهُ فِي عَصْرِنَا وَقَبْلَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُفْتُونَ بِهَا أَحْيَانًا، فَأَخْبَرَنِي صَاحِبُنَا الصَّادِقُ مُحَمَّدُ بْنُ شَهْوَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا الَّذِي قَرَأْتُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ -، وَكَانَ مِنْ أَصْدَقِ النَّاسِ - الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَحَلِّيّ قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>