للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى لِمَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ تَحْتَ نَظَرِ الْحَاكِمِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ فَالْقَاضِي الشَّافِعِيِّ هُوَ الَّذِي يُقِيمُ مَنْ يَدَّعِي وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ، وَتَكُونُ الدَّعْوَى عَنْ الْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ أَوْ الْمَحْجُورِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ بِإِقَامَةِ الْقَاضِي النَّاظِرِ فِي أَيْدِيهِمْ عَنْهُ أَمَّا فِي الْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ وَبَيْتِ الْمَالِ فَظَاهِرٌ.

وَأَمَّا الْمَحْجُورُ فَتَحْرِيرُ الْعِبَارَةِ فِيهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ وَيَدِّعِي لَهُ وَلَا يُقَالُ عَنْهُ.

وَلَوْ قِيلَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّسَمُّحِ فِي الْعِبَارَةِ كَانَ جَائِزًا وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَالْقَاضِي الشَّافِعِيُّ يُقِيمُ مَنْ يَسْمَعُ الدَّعْوَى الْمُتَوَجِّهَةَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَنْصُوبُ قَائِمًا مَقَامَ الْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عَلَى مَا جَوَّزْنَاهُ مِنْ الْعِبَارَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَيَسْمَعُ الْقَاضِي الشَّافِعِيُّ الدَّعْوَى مِنْ الْمَذْكُورَيْنِ اللَّذَيْنِ نَصَّبَهُمَا وَلَيْسَا وَكِيلَيْنِ عَنْهُ بَلْ مَنْصُوبَيْنِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ بِنَصْبِهِ إيَّاهُمَا وَهُوَ نَائِبُ الشَّرْعِ فِي ذَلِكَ وَنُوَّابُ الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ مِثْلُهُ فَاَلَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْقَاضِي الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ فَقَطْ مَعَ بَقِيَّةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحُكْمُ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ عِلْمٍ عِنْدَ مَنْ يَرَى الْحُكْمَ بِالْعِلْمِ، أَمَّا الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ أَوْ الْحَنَفِيُّ أَوْ الْحَنْبَلِيُّ وَنُوَّابُهُمْ فَيَحْتَاجُونَ إلَى أَنْ يُنَصِّبَ الْقَاضِي الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ مَنْ يَدَّعِي وَمَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَكُونُ نَصْبُهُ لِذَلِكَ بِالطَّرِيقِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَلَوْ أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقُضَاةِ أَنْ يَسْمَعَ الدَّعْوَى عَلَى مُبَاشَرَةٍ وَقَفَ تَحْتَ يَدِ الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ أَوْ قَيِّمِ يَتِيمٍ أَوْ بَيْتِ مَالٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ مُبَاشِرَ الْوَقْفِ أَوْ قَيِّمَ الْيَتِيمِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ نَائِبُ الْقَاضِي وَالْقَاضِي نَائِبُ الشَّرْعِ، وَالشَّرْعُ لَا تَتَوَجَّهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَالْقَاضِي كَذَلِكَ فَنَائِبُهُ كَذَلِكَ.

وَلَقَدْ وَقَعَتْ قَضِيَّةٌ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مِنْ بِضْعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً حَضَرَ شَخْصٌ يَدَّعِي نَظَرَ وَقْفٍ تَحْتَ نَظْرِ الْحَاكِمِ وَأَرَادَ الدَّعْوَى بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي الْمَالِكِيِّ عَلَى مُبَاشِرِ الْوَقْفِ الْمَنْصُوبِ مِنْ جِهَةِ الشَّافِعِيِّ وَتَجَلْجَلَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ وَطَالَمَا حَصَلَ لِلْمُدَّعِي مُسَاعِدُونَ، وَكُنْت أَسْمَعُ قَاضِيَ الْقُضَاةِ إذْ ذَاكَ يَتَعَجَّبُ وَيَقُولُ: كَيْف يَكُونُ نَائِبُ الْقَاضِي يُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَتَعَجَّبُ بَعْضُ مَنْ يُسْمَعُ مِنْهُ هَذَا الْكَلَامَ، وَانْفَصَلَتْ تِلْكَ الْقَضِيَّةُ وَلَمْ يَحْصُلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>