للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ وَأَنَّ الْخِطَابَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَا عَدَا يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَإِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَيْضًا لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلٌ إلَيْهِمْ وَلَكِنَّهُمْ لِتَمَيُّزِهِمْ وَرَاءَ السَّدِّ وَقَرِينَةِ أَنَّهُمْ جُعِلُوا فِي الْحَدِيثِ قَسْمًا لَهُمْ خَرَجُوا مِنْ الْإِرَادَةِ فَبَقِيَ الْمُرَادُ غَيْرَهُمْ مِمَّنْ بُعِثَ إلَيْهِمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَحْتَمِلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ لِجَمِيعِ بَنِي آدَمَ مَا عَدَا يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ؛ لِأَنَّهُمْ جُعِلُوا قَسْمًا لَهُمْ لَكِنْ يُبْعِدُهُ آخِرُ الْحَدِيثِ وَأَنَّ الْمُرَادَ هَذِهِ الْأُمَّةُ فَقَطْ لِقَوْلِهِ «كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ» .

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَعْثَ الْمَذْكُورَ كُلُّ مَنْ اسْتَحَقَّ النَّارَ مِنْ الْكُفَّارِ وَالْعُصَاةِ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَاَلَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ» إمَّا أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافًا فِي أَلْفَاظِ الرُّوَاةِ فَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ فِي الْأَرْجَحِ مِنْهَا، إمَّا أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِآدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَرَّتَيْنِ، فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى يُخْرِجُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعِينَ، وَهُمْ الَّذِينَ اسْتَحَقُّوا النَّارَ إمَّا بِكُفْرٍ وَإِمَّا بِمَعْصِيَةٍ ثُمَّ يَعْفُو اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُلِّ أَلْفٍ عَنْ تِسْعَةٍ مِنْ الْعُقُوبَةِ وَيَصِيرُ الْبَاقُونَ لِلْبَعْثِ إلَى النَّارِ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ مِنْكُمْ رَجُلٌ وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفٌ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعِينَ» فَهُوَ اخْتِلَافٌ مِنْ الرُّوَاةِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْأَلْفِ التَّكْثِيرُ وَبِالتِّسْعِمِائَةِ وَتِسْعِينَ النُّصْبَةُ فَإِنَّ الْأَلْفَ يُتَجَوَّزُ بِهَا عَنْ الْكَثِيرِ، وَيَحْتَمِلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَبْعُوثَ إلَى النَّارِ كُلَّهُ مِنْ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعُونَ وَالْمَبْعُوثُ إلَى جَهَنَّمَ الَّتِي هِيَ دَرَكَةٌ مِنْ دَرَكَاتِهَا بَعْضُ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَوُجِّهَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ اخْتِصَاصَهَا بِتِسْعَةٍ خَاصَّةً قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَاقِيَةِ الدَّرَكَاتِ، وَأَيْضًا الْغَالِبُ أَنَّ جَهَنَّمَ وَالنَّارَ يُطْلَقَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. انْتَهَى.

[فَائِدَةٌ حَدِيثِيَّةٌ]

ٌ إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَوَى عَنْ عُمَرَ سَمَاعًا غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: وَأَقُولُ فِي سَمَاعِهِ مِنْ عُمَرَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَعُمْرُهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً فَيَكُونُ عِنْدَ وَفَاةِ عُمَرَ ابْنَ أَرْبَعٍ فَكَيْفَ يَسْمَعُ وَقَدْ رَوَى لَهُ عَنْ عُمَرَ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَذَكَرَ رِوَايَتَهُ عَنْ عُمَرَ الْبُخَارِيُّ وَالْمُزَنِيُّ فِي الْأَطْرَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>