للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكْرُوهٌ.

وَقَوْلُهُ: أَسْأَلُ اللَّهَ وَأَسْأَلُ الْحَاضِرِينَ إلَى آخِرِهِ خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْإِتْيَانُ بِوَاوِ الْعَطْفِ الَّتِي تَقْتَضِي التَّشْرِيكَ بَيْنَ اسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ غَيْرِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْمَسْئُولَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْحَاضِرُونَ فَلَا يَجُوزُ طَلَبُهُ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ اللَّهُ تَعَالَى وَعَزْوُ هَذِهِ الشَّرْبَةِ إلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لَا أَصْلَ لَهَا وَافْتِتَاحُ الْمَجْلِسِ بِشِعْرٍ لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ تُفْتَتَحَ الْمَجَالِسُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَأَمَّا مَا فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَاتِّبَاعِ الشَّرْعِ الْمُطَهَّرِ وَأَنْ يَكْرَهَ لِغَيْرِهِ مَا كَرِهَ لِنَفْسِهِ وَلِنَفْسِهِ مَا كَرِهَهُ لِغَيْرِهِ وَالْإِلْزَامُ بِتَقْوَى اللَّهِ فَكُلُّهُ حَسَنٌ دَاخِلٌ فِي قَوْله تَعَالَى {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: ٣] وَ {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: ١١٤] وَالْفُتُوَّةُ مِنْ أَعْظَمِ خِصَالِ الْخَيْرِ جَامِعَةً كَمَالَ الْمُرُوءَةِ وَحُسْنَ الْخُلُقِ وَالْإِيثَارَ عَلَى النَّفْسِ وَاحْتِمَالَ الْأَذَى وَبَذْلَ النَّدَى وَطَلَاقَةَ الْوَجْهِ وَالْقُوَّةَ عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى تَكُونَ فُتُوَّتُهُ عَلَى ذَلِكَ فُتُوَّةَ الْفِتْيَانِ وَالصَّفْحِ عَنْ الْعَثَرَاتِ وَيَكُونُ خَصْمًا لِرَبِّهِ عَلَى نَفْسِهِ وَيُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا يَنْتَصِفُ وَلَا يُنَازِعُ فَقِيرًا وَلَا غَنِيًّا وَيَسْتَوِي عِنْدَهُ الْمَدْحُ وَالذَّمُّ وَالدُّعَاءُ وَالطَّرْدُ وَلَا يَحْتَجِبُ وَلَا يَدَّخِرُ وَلَا يَعْتَذِرُ وَيُظْهِرُ النِّعْمَةَ وَيُحَقِّقُ الْمَحَبَّةَ سِرًّا وَعَلَنًا فَإِذَا قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ الْفَتَى وَإِذَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ عَلَى ذَلِكَ وَتَعَاهَدُوا عَلَيْهِ فَنِعْمَ مَا هُوَ.

وَأَمَّا شَدُّ الْوَسَطِ فَلَا سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ وَكَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْحَزْمِ وَالنُّهُوضِ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَأَمَّا لُبْسُ السَّرَاوِيلِ فَأَيْضًا لَا سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَاهُ وَمَا لَبِسَهُ ثُمَّ صَارَ حَسَنًا لِلسَّتْرِ، وَأَمَّا لُبْسُهُ لِهَذَا الْغَرَضِ وَالِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ فَكَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ الِالْتِزَامَ بِحِفْظِ مَا هُوَ سَاتِرٌ لَهُ مِنْ الْحَرَامِ وَغَيْرِهِ وَأَنْ يَكُونَ اللَّابِسُ لَهُ عَلَى أَحْسَنِ طَرِيقَةٍ مِنْ الْعَفَافِ وَالصِّيَانَةِ وَطَهَارَةِ الذَّيْلِ يَقِي مَا تَحْتَ الْإِزَارِ فَإِذَا قَصَدَ بِهِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَشُدَّ مِنْ فَوْقٍ أَوْ يُعْطِيَ اللَّابِسَ فَيَشُدَّهُ هُوَ بِيَدِهِ حَتَّى لَا يَحْصُلَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ لَمْسِ الْعَوْرَةِ وَأَمَّا الدُّخُولُ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُعْمَلُ كَالْقَوْصَرَّةِ فَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ لِلنَّهْيِ عَنْ إفْضَاءِ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، لَكِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي النَّوْمِ وَحَالَةِ التَّجَرُّدِ أَمَّا قَبْلَ هَذَا فَلَا. وَقَدْ صَحَّ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>