للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا قَالَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ وَشَرَحْنَاهُ بِطُولِهِ لَطَالَ فَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَثِيرًا وَذَكَرُوا مِنْ خَوَاصِّ الْخَيْلِ وَمَنَافِعِهَا شَيْئًا كَثِيرًا لَيْسَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِمَّا نَلْتَزِمُ صِحَّتَهُ، وَمَطَالِبُ الْقَاصِدِ بِسُرْعَةِ الْجَوَابِ فِي أَسْرَعِ وَقْتٍ يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَفِيهِ كِفَايَةٌ، وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّ خَلْقَ الذُّكُورِ قَبْلَ الْإِنَاثِ فَلِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: شَرَفُ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى. وَالثَّانِي: حَرَارَتُهُ.

وَإِذَا كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ مِزَاجٍ وَاحِدٍ وَأَحَدُهُمَا أَكْثَرُ حَرَارَةً مِنْ الْآخَرِ جَرَتْ عَادَةُ الْقُدْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ بِتَكْوِينِ أَقْوَاهُمَا حَرَارَةً قَبْلَ الْآخَرِ وَالذَّكَرُ أَقْوَى حَرَارَةً مِنْ الْأُنْثَى فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ وُجُودُهُ أَسْبَقَ وَلِتَحْصُلَ الْمِنَّةُ بِهِ أَكْثَرَ، وَلِذَلِكَ كَانَ خَلْقُ آدَمَ قَبْلَ خَلْقِ حَوَّاءَ، وَلِأَنَّ أَعْظَمَ مَا يُقْصَدُ لَهُ الْخَيْلُ الْجِهَادُ وَالذَّكَرُ فِي الْجِهَادِ خَيْرٌ مِنْ الْأُنْثَى؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ أَجْرَى وَأَجْرَأُ أَعْنِي أَشَدَّ جَرْيًا وَأَقْوَى جُرْأَةً وَيُقَاتِلُ مَعَ رَاكِبِهِ وَالْأُنْثَى بِخِلَافِ ذَلِكَ وَقَدْ تَقْطَعُ بِصَاحِبِهَا رُجُوعَ مَا يُمْكِنُ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ وَدِيقًا وَرَأَتْ فَحْلًا، وَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ رُكُوبُ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أُنْثَى لَمَّا جَازَ الْبَحْرَ لِمُوسَى لِأَنَّ ذَلِكَ لِرُكُوبِ فِرْعَوْنَ فَحْلًا فَقَصَدَ طَلَبَهُ لِلْأُنْثَى وَعَجَزَ فِرْعَوْنُ عَنْ إمْسَاكِ رَأْسِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُنَا إنَّ الْعَرَبِيَّاتِ قَبْلَ الْبَرَاذِينِ فَلِمَا ذُكِرَ مِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلِأَنَّ الْعَرَبِيَّاتِ أَشْرَفُ وَآصَلُ وَالْبِرْذَوْنُ إنَّمَا يَكُونُ بِعَارِضٍ أَوْ عِلَّةٍ إمَّا مِنْهُ وَإِمَّا مِنْ أُمِّهِ وَلَمْ تَكُنْ الْبَرَاذِينُ تُذْكَرُ فِيمَا خَلَا مِنْ الزَّمَانِ أَلَا تَرَى إلَى قِصَّةِ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقِصَّةِ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَإِنَّمَا الْبَرَاذِينُ مَا انْتَحَسَ مِنْ الْخَيْلِ حَتَّى اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُسْهَمُ لَهُ كَمَا يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ الْعَرَبِيِّ أَوْ لَا، وَفِي حَدِيثٍ مِنْ مَرَاسِيلِ مَكْحُولٍ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِلْهَجِينِ سَهْمٌ، فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَقْتَضِي أَنَّ الْهَجِينَ لَا يُسَمَّى فَرَسًا وَالْهَجِينُ هُوَ الْبِرْذَوْنُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ وَبِالْجُمْلَةِ الْبَرَاذِينُ حُثَالَةُ الْخَيْلِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَخْلُقَ مِنْ الْجِنْسِ حُثَالَتَهُ قَبْلَ الْأَوَّلِ.

وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ وَالْآثَارُ الصَّحِيحَةُ فَإِنَّمَا جَاءَ مِنْهَا فِي فَضِيلَةِ الْخَيْلِ وَسِبَاقِهَا وَشِيَاتِهَا وَفَضِيلَةِ اتِّخَاذِهَا وَبَرَكَتِهَا وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا وَخِدْمَتِهَا وَمَسْحِ نَوَاصِيهَا وَالْتِمَاسِ نَسْلِهَا وَنَمَائِهَا وَالنَّهْيِ عَنْ خِصَائِهَا وَجَزِّ نَوَاصِيهَا وَأَذْنَابِهَا وَفِيمَا يُقْسَمُ لَهَا وَلِصَاحِبِهَا فِي الْغَنِيمَةِ وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَهَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>