للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَسْتَغْفِرُ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ إشَارَةً إلَى مَا حَصَلَ مِنْهُ مِنْ التَّقْصِيرِ فِي الْعِبَادَةِ وَفِي الْأَسْحَارِ إشَارَةً إلَى مَا حَصَلَ مِنْهُ مِنْ التَّقْصِيرِ وَقَدْ قَامَ طُولَ اللَّيْلِ فَكَيْفَ مَنْ لَمْ يَقُمْ نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا وَعَنْ وَالِدِينَا وَأَنْ يَغْفِرَ لَنَا وَيَرْحَمَنَا بِفَضْلِهِ إنَّهُ لَا عَمَلَ لَنَا وَلَا سَبَبَ نَدِلُّ بِهِ عِنْدَهُ إلَّا فَضْلُهُ وَإِحْسَانُهُ الْقَدِيمُ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّي مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَغْفِرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ الشَّرِيفِ لِوَالِدَتِي الْمِسْكِينَةِ وَوَالِدِي الْمِسْكِينِ وَتَرْحَمَهُمَا بِفَضْلِك وَمَنِّكَ يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إلَى رَبِّي فِي قَضَاءِ حَاجَتِي هَذِهِ اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِي الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الْجَنَّةِ أَفْضَلُ أُمّ الْعِبَادَة]

رَجُلَانِ تَنَازَعَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: دُخُولُ الْجَنَّةِ أَفْضَلُ مِنْ الْعِبَادَةِ، وَعَكَسَ الْآخَرُ، أَيُّهُمَا الْمُصِيبُ؟

(أَجَابَ) الْمُصِيبُ هُوَ الَّذِي قَالَ: دُخُولُ الْجَنَّةِ أَفْضَلُ مِنْ الْعِبَادَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ وُجُوهٌ:

(أَحَدُهُمَا) قَوْله تَعَالَى {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} [النمل: ٨٩] فَالْعِبَادَةُ حَسَنَةٌ وَقَدْ نَطَقَ الْقُرْآنُ بِأَنَّ الْجَزَاءَ خَيْرٌ مِنْهَا.

(الثَّانِي) قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} [يونس: ٢٦] وَهِيَ فُعْلَى تَأْنِيثُ أَفْعَلَ الَّذِي لِلتَّفْضِيلِ.

(الثَّالِثُ) مَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي» ، فَالْجَنَّةُ رَحْمَتُهُ لَا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ.

(الرَّابِعُ) قَوْله تَعَالَى {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: ٤٥] إذَا جَعَلْنَاهُ مُضَافًا إلَى الْفَاعِلِ.

(الْخَامِسُ) قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا يُرْوَى عَنْهُ: «مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي مَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُ» .

إشَارَةً إلَى تَفْضِيلِ الْجَزَاءِ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ عِبَادَةٌ.

(السَّادِسُ) قَوْله تَعَالَى {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: ٩٧] وَ {بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الزمر: ٣٥] .

(السَّابِعُ) قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ» لَمَّا قَالَ لَهُ أَسْأَلُ الْجَنَّةَ مَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَك وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ.

(الثَّامِنُ) أَنَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ بِهِ يَحْصُلُ الْفَوْزُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: ١٨٥] فَدَاخِلُ الْجَنَّةِ فَائِزٌ وَالْعَابِدُ عَلَى خَطَرٍ وَخَوْفٍ كَمَا قِيلَ: النَّاسُ كُلُّهُمْ هَالِكُونَ إلَّا الْعَالِمِينَ وَالْعَالِمُونَ هَلْكَى إلَّا الْعَامِلِينَ وَالْعَامِلُونَ هَلْكَى إلَّا الْمُخْلِصِينَ وَالْمُخْلِصُونَ عَلَى خَطَرٍ فَمَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ أَمِنَ هَذِهِ الْأَخْطَارَ كُلَّهَا.

(التَّاسِعُ) أَنَّ دُخُولَ

<<  <  ج: ص:  >  >>