للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَنَّةِ هُوَ الْمَقْصِدُ وَالْعِبَادَةُ وَسِيلَةٌ وَالْمَقْصِدُ أَفْضَلُ مِنْ الْوَسِيلَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَنَّةِ الْجَنَّةُ وَمَا فِيهَا مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ وَمِنْ جُمْلَتِهِ رُؤْيَةُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

(الْعَاشِرُ) أَنَّ الْجَنَّةَ فَضْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعِبَادَةُ فِعْلُ الْعَبْدِ وَأَيْنَ فَضْلُ اللَّهِ مِنْ فِعْلِ الْعَبْدِ.

(الْحَادِيَ عَشَرَ) الْعَابِدُ كَمَنْ لُوِّحَ بِالْقُرْبِ لَهُ وَدَاخِلُ الْجَنَّةِ وَاصِلٌ، وَقَدْ قِيلَ:

لَيْسَ مَنْ لُوِّحَ بِالْقُرْبِ لَهُ ... مِثْلَ مَنْ سِيرَ بِهِ حَتَّى وَصَلْ

لَا وَلَا الْوَاصِلُ عِنْدِي كَاَلَّذِي ... طَرَقَ الْبَابَ وَفِي الدَّارِ حَصَلْ

لَا وَلَا الْحَاصِلُ عِنْدِي كَاَلَّذِي ... سَارَرُوهُ فَأَزِحْ عَنْك الْعِلَلْ

وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَطُولُ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَحْقِيقِ مَعْنَى التَّفْضِيلِ وَمَعْنَى الْخَيْرِيَّةِ وَالْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ مَا هُوَ مِنْ فِعْلِ الْعَبْدِ وَمَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، وَلَكِنَّ هَذَا جَوَابٌ مُخْتَصَرٌ يَكْفِي بِحَسَبِ مَا حَصَلَ مِنْ السُّؤَالِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى.

[مَسْأَلَةٌ آخِرُ مِنْ يَدْخُل الْجَنَّة]

(مَسْأَلَةٌ مِنْ بِلَادِ الْعَجَمِ) مَا يَقُولُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ السُّبْكِيُّ أَمْتَعَ اللَّهُ بِبَقَائِهِ فِي الرَّجُلِ الَّذِي هُوَ آخِرُ الْجَنَّةِ دُخُولًا إلَيْهَا إذَا تَرَاءَتْ لَهُ الشَّجَرَةُ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ لَوْ أَدْنَيْتنِي مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَأَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا - الْحَدِيثَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَسْتَظِلُّ وَقَرَأَ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: ١] {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ - وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} [التكوير: ٢ - ٣] {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} [التكوير: ٤] {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} [التكوير: ٥] .

(أَجَابَ) الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ تَعَالَى {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: ٣٠] وَقَالَ تَعَالَى {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ} [يس: ٥٦] وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ وَالْآثَارِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى ظِلِّ الْجَنَّةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَكْوِيرِ الشَّمْسِ وَانْكِدَارِ النُّجُومِ وَتَسْيِيرِ الْجِبَالِ وَتَعْطِيلِ الْعِشَارِ عَدَمُ الظِّلِّ وَالِاسْتِظْلَالِ وَلَا عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، وَقَدْ يَحْصُلُ الضَّحَاءُ مِنْ غَيْرِ شَمْسٍ وَيُحْتَاجُ مَعَهُ إلَى الظِّلِّ.

قَالَ تَعَالَى {وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى} [طه: ١١٩] وَإِنَّمَا النَّاسُ أَلِفُوا أَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى الظِّلِّ مِنْ أَجْلِ الشَّمْسِ وَأَنَّ الظِّلَّ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِمَّا يَلِي إتْيَانَهَا عَلَيْهِ وَهَذَا بِالْعَادَةِ لَا يَنْحَصِرُ، وَرُبَّمَا وَقَعَ فِي أَذْهَانِ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّ الظِّلَّ عَدَمُ الشَّمْسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الظِّلُّ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ بِعَدَمٍ بَلْ هُوَ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ لَهُ نَفْعٌ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأَبْدَانِ وَغَيْرِهَا فَذَلِكَ الْمُحْتَالُ يَحْصُلُ مِنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>