للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ صَرَّحَ الْجَوْهَرِيُّ بِأَنَّهُ يُهْرِيقُ وَهُوَ قِيَاسُهُ.

وَعَلَى اللُّغَةِ الْخَامِسَةِ وَهِيَ أَهَرَاقَ بِالْهَمْزَةِ وَتَحْرِيكِ الْهَاءِ يَكُونُ الْمُضَارِعُ يُهَرِيق بِتَحْرِيكِ الْهَاءِ كَمَا كَانَ عَلَى اللُّغَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْفِعْلُ الْمَاضِي الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ فَقَالَ: أُرِيقَ وَهُرِيقَ وَأُهْرِقَ بِإِسْكَانِ الْهَاءِ وَأُهْرِيقَ بِإِسْكَانِهَا أَيْضًا وَعَلَى اللُّغَةِ الْخَامِسَةِ إذَا ثَبَتَتْ تُقَالُ: أُهْرِيقَ بِفَتْحِهَا وَهُوَ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى الْكَلَامِ عَلَى اللُّغَةِ الَّتِي تَقْتَضِيهِ.

وَالْفِعْلُ الْمُضَارِعُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ يُرَاقُ وَيُهْرَاقُ بِإِسْكَانِ الْهَاءِ وَيُهَرَاقُ بِفَتْحِهَا وَيُهْرَقُ.

وَبَقِيَّةُ تَصَارِيفِ الْكَلِمَةِ وَاضِحَةٌ لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى أُنْسٍ بِالصِّنَاعَةِ.

وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ سَبَبَ السُّؤَالِ عَنْ هَذَا أَنَّ قَارِئًا قَرَأَ فِي السِّيرَةِ: وَكَانُوا يَهْرِيقُونَ الْمَاءَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَرَدَّ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَلَيْهِ فَتْحَ الْهَاءِ وَأَنْكَرَهُ، وَهَذَا عَجَبٌ فَإِنَّ فَتْحَ الْهَاءِ فِي ذَلِكَ هُوَ الْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى أَلْسِنَةِ الْمُحَدِّثِينَ هَكَذَا يَنْطِقُونَ بِهِ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، وَصِنَاعَةُ النَّحْوِ تَقْتَضِيهِ، وَلَهُ تَخْرِيجَاتٌ ثَلَاثَةٌ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ مُضَارِعُ هَرَاقَ وَالْمُبْدَلَةُ هَاؤُهُ مِنْ الْهَمْزَةِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُضَارِعُ أَرَاقَ وَأَصْلُ الْمُضَارِعِ مِنْهُ يَأْرِيقُ بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَ الْيَاءِ ثُمَّ أُبْدِلَتْ هَذِهِ الْهَمْزَةُ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مُضَارِعٌ فَإِنَّ ابْنَ عُصْفُورٍ قَالَ: إنَّ الْهَاءَ أُبْدِلَتْ مِنْ الْهَمْزَةِ فِي أَبَرَّتْ وَأَرِقَتْ وَأَرَدْت وَأَبَرَّتْ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهَا، وَفِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ لَا يَلْزَمُ حَذْفُ الْهَاءِ كَمَا تُحْذَفُ الْهَمْزَةُ لِنَصِّ سِيبَوَيْهِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ مَتَى أُبْدِلَتْ هَاءً لَمْ تُحْذَفْ.

وَالتَّخْرِيجُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مُضَارِعُ أَهْرَاقَ الْمَزِيدُ فِيهِ بَعْدَ هَمْزَتِهِ هَاءٌ مَفْتُوحَةٌ إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ.

وَأَمَّا يُهْرِيقُ بِإِسْكَانِ الْهَاءِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا تَخْرِيجٌ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّهُ مُضَارِعُ أَهْرَاقَ الَّذِي زِيدَ فِيهِ هَاءٌ سَاكِنَةٌ بَعْدَ الْهَمْزَةِ وَهُوَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ نَظِيرُهَا إسْطَاعَ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَلَا يَجِيءُ فِي هَذَا اللَّفْظِ الَّذِي فِي السِّيرَةِ غَيْرُهَا بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ بِبَاءٍ بَعْدَ الرَّاءِ فَلَا تَأْتِي فِيهِ اللُّغَةُ الْأُخْرَى الَّتِي حَكَاهَا الْجَوْهَرِيُّ وَهِيَ أَهْرَقَ يُهْرِقُ مِثْلُ أَكْرَمَ يُكْرِمُ فَإِنَّ تِلْكَ إنَّمَا تَجِيءُ إذَا كُتِبَتْ بِغَيْرِ يَاءٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

[مَسْأَلَةٌ لَعِب الشَّافِعِيّ الشِّطْرَنْجَ مَعَ الْحَنَفِيِّ]

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا لَعِبَ الشَّافِعِيُّ الشِّطْرَنْجَ مَعَ الْحَنَفِيِّ وَالْحَنَفِيُّ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ فَهَلْ نَقُولُ: إنَّ الشَّافِعِيَّ الَّذِي يَعْتَقِدُ حِلَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>